
هل قانون الاقامة الذي بموجبه يتم منح الاقامة للوافدين قد راعى الجوانب الانسانية؟ فالمسألة في ظني لا تنحصر بحصول الوافد على اقامة مقابل عمل، انما هنالك جوانب انسانية يفترض ان تراعى كالعجز بسبب المرض او الاصابة او بتقدم السن، فهل من الانسانية ان نقول للوافد عد الى حيث اتيت بمرضك او باصابتك او بشيخوختك بعدما يكون قد استنفد جهد شبابه وأفنى صحته وعافيته هنا، قطعاً هذا لا يجوز ولا من الانسانية ولا من الدين او الاخلاق ذلك، فضلاً عن مخالفته للقوانين الدولية الخاصة بحقوق الانسان.
نذكر هذا لأن هناك الكثير من الاخوة الوافدين الذين وفدوا الى هذا البلد الكريم فتياناً او شباباً فانخرطوا في العمل فجرفتهم الايام والسنون الى ان تقدم بهم العمر او اعتلت صحتهم فلا الصحة تساعدهم ولا العمر بات يقبل على العمل ولاحتى هنالك من يرغب بتشغيلهم ولا هم راغبون مغادرة الكويت والعودة الى بلدانهم بعد هذا العمر الطويل الذي قضوه هنا لأنهم يجدون انفسهم كالغرباء اذا عادوا الى بلدانهم، فلا عادت بلدانهم بلدانهم ولا هناك دافع يدفعهم للعودة فلا جيرانهم هناك ظلوا جيراناً ولا اصدقاؤهم ظلوا اصدقاء فالوطن هنا والاصدقاء هنا.
لذلك يتوجب على الدولة الكويتية مراعاة ظروف هؤلاء والا يعاملوا معاملة الوافد حديثا كالاقامة على كفيل او شرط العمل افلا يشفع لهم انسلاخ اعمارهم على هذه الارض الطيبة حتى يعفوا من «صك» لا مانع من الاقامة بدون كفيل فيكون هو كافل نفسه وبالمثل ايضا المقيمون المولودون في الكويت فهؤلاء ايضا ينبغي اعفاؤهم من شرط الكفيل لان ذلك يتناقض مع حقيقة كونهم مولودين في الكويت فبأي مسوغ اخلاقي او انساني تجوز كفالة انسان مولود على تربة هذا البلد بغية الاقامة على شخص اخر هذا اشبه بقانون قراقوش؟!!
ان الكفالة عبودية واستغلال وامتهان للكرامة الآدمية ويتعين على الدولة ان تبحث عن اساليب حديثة ومرنة وانسانية لا تتقاطع مع القوانين الدولية لحقوق الانسان فتطور الدولة هو بتطور قوانينها وتحديث اساليبها، وبالمناسبة فلقد قرأنا الكثير من وعود جاءت على لسان مسؤولين عن تحديث قانون الاقامة والغاء نظام الكفيل ولكنها كانت وعوداً في الهواء فلا ألغي نظام الكفيل ولا اطمأن الوافدون!!.
وبالعودة الى المقيمين المسنين او المولودين على ارض الكويت، ماذا يضير الدولة اذا منحتهم حق الاقامة الدائمة واعفتهم من التأمين الصحي وساوتهم بالمواطنين؟ ان الكويت بلد الخير والكرم، وخيرها قد عم كل الكرة الارضية وما زادها الله بالخير والنعم الا لصنيع اهلها الخيرين لذا علينا الا ننسى ان هؤلاء شركاء في البناء، ومساهمون في الاعمار والتنمية عندما افنوا جهد شبابهم هنا ومن حقهم علينا ان نذكرهم بالرضا والاحسان ماداموا يعيشون بين ظهرانينا.
فلتصدر يا معالي وزير الداخلية بمبادرة انسانية من معاليكم قراراً يعفي بموجبه المقيمين من كبار السن والمقيمين المولودين في الكويت من شرط الاقامة على كفيل، وان يتولى هو القيام بكفالة نفسه او ان تتولى الدولة كفالتهم، وعلينا ان نضع في الحسبان مقاربة القوانين المحلية مع تلك القوانين الدولية الخاصة بحقوق الانسانية، فالكويت جزء من المنظومة العالمية والكويت موقعة على كل القوانين والعهود الخاصة بالحقوق الانسانية.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق