
في تقديري الشخصي أن الانتخابات المقبلة ستجرى في ظل وضع يفقد فيه كلا الطرفين، من يدعو للمقاطعة أو من يدعو للمشاركة، الحجج المقنعة الداعمة لموقف كل منهما، بل وعدم وجود تصور واضح مستقبلي لدى كليهما في التعامل مع تداعيات الأمر أو كيفية الخروج منه.
الحكومة متوقفة عند الحد الذي تردد به الحق المقرر في المادة 71 من الدستور، وأن الضرورة متوافرة كما هو مقرر لها في الدستور، وأخيرا تخير من يرغب في الذهاب الى القضاء للطعن بالمرسوم بقانون أن يبادر الى ذلك، وهي أخذت مخاطرة واسعة عند اتمام الانتخابات المقبلة اذا كانت نسبة المشاركة ضئيلة – رغم وجود حملة اعلانية للتشجيع على التصويت، وربما ضغوطات- بما يفقدها الشرعية والدعم الشعبي، خصوصا أن الحكومة لم تضع خيارات للخروج من بلوغ هذه الأزمة طريقا مسدودا، سوى سياسة الحكومة المعتادة في التعامل مع الحدث في أوانه، وهي سياسة ردة الفعل واطفاء الحرائق التي أضاعت البلد.
أما من يقود المقاطعة فتعامله مرحلي بحت يقف عند حدود الحرص على تحقيق رقم منخفض جدا بالتصويت، لكنه يقف مجردا من الاجابات عن أسئلة مهمة مثل ماذا بعد المقاطعة؟ ما الموقف لديهم لو جاءت نسبة التصويت مرتفعة بما تتحقق معها الشرعية السياسية؟ وماذا لو أجريت الانتخابات التالية على هذه الانتخابات بالنظام نفسه؟ هل ستستمر مقاطعتهم وهو ما يعني عزلتهم السياسية، أم سيشاركون وهو يعني فقدانهم للمصداقية في التمسك بالمبدأ؟ وما مبرر المشاركة في المستقبل؟ أسئلة لم أجد لديهم اجابات لها ولا نظرة مستقبلية في موقفهم في هذا الشأن. هذه مسألة تحتاج أن يتمعن بها الناس، وأتمنى أن يسمعوا الاجابة عنها وأن نشترك في معرفة تلك الاجابات.
وأخيرا فليعلم الجميع من الطرفين أنه ليس هناك أي قيمة أو حجية لأي سابقة، بل حتى سوابق بالمخالفة للدستور، فالاعتقاد أن تلك مدخل للاعتماد عليه مستقبلا أو للتخوف من الاستناد اليها هو اعتقاد غير صحيح ولا قيمة أو أثر له.
لا أفهم سببا للمبالغة في ردة الفعل تجاه شطب المرشحين، فهو ليس بالاجراء الجديد، اذ انه تم في أكثر من انتخابات سابقة، وكان الطعن بهذه القرارات أمام القضاء متاحا، بل ان القضاء قام بالغاء عدد من قرارات الشطب، ولذا فان من المستغرب أن تتم المبالغة بردة الفعل رغم أن الشطب سحب من يد وزارة الداخلية التي هي جزء من السلطة التنفيذية (أي الحكومة)، وأسند الى لجنة قضائية تتكون من 9 مستشارين بالمحاكم العليا مع خضوع قرارهم لرقابة القضاء الاداري وهو تم فعلا؟ اذا اجراءات الشطب وضماناته صارت أفضل، مما يعني أنه لا مبرر للضجة التي ظهرت بعد الشطب، بل على العكس ينبغي أن تكون هذه التطورات موضع ترحيب ومباركة لكونها تعزز الممارسة الديموقراطية وتقويها.
اللهم ان بلغت،
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
dralmoqatei@almoqatei.net
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق