دلال الزبن: أحمد فيصل الزبن رجل المواقف الصعبة

لك الخلود في جنات النعيم والرحمة الواسعة، وخفف عنا الحزن جميعاً واعاننا على فراقك.

إن القلم ليقف كسيراً وهو حزين، فكم من مرة عصاني عن نقل البوح، يريد ولا يريد ان ينعى الى دنيانا أبا سعود، فقد كان – رحمه الله – يسعى الى اسعادك قدر الاستطاعة، حتى وان كان الالم بداخله كبيرا! كثيراً ما كنا نرى ابتسامته المشرقة تستقبلنا بالترحاب وهو بداخله يقاوم الألم ولا يظهره، يفيض حديثه بالود الاصيل، فقد كان حلو الحديث، حاضر البديهة، واسع العلم حتى في أيامه الأخيرة.

إنك يا أحمد أكبر من كل الكلمات، لقد سبقني أحباؤك وأصحابك.. ربما لأنهم يعرفونك أثناء عملك اكثر مني. الجميع أشاد بسلوكك الانساني المتميز بالنظافة والنبل، كما اشادوا بجهودك الطيبة، فجزاهم الله عنا كل خير، لأن شهادتنا نحن مجروحة!

لم نجده – رحمه الله – يذهب الى ما ذهب إليه المنافقون والمهرولون الى المناصب زاحفين على ايديهم وارجلهم!

كان من القلائل الذين لم يأخذهم سحر المنصب، ولم يزاحموا على الكراسي، اعطى مؤسسة «الكويتية» كل شبابه وعمره، منذ بداية عمله فيها مهندساً متدرباً حتى وصوله الى الادارة رئيسا لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية.

ما هذا إلا ميدان من الميادين الكثيرة التي ناضل بها وعمل من اجلها.

لقد حاصر منازلكم في الشويخ الغزاة المحتلون عام 1990، وحددوا اقامة الأخ عادل كي يدلهم على وجودك خلال الشهور الاولى للغزو العراقي، كما حاصروا منطقة الشويخ بأكملها معتقدين انك مختبئ بمنزل اخوتك، عبثوا في بيتك واتلفوا ما فيه وكسروا الخزائن والدواليب، كما وضعوا السلاح على رقبة الاخ عادل ولكن العناية الإلهية حفظته وحفظتك لنا ولأسرتك ولوطنك حتى حان الاجل المحتوم. لك الخلود بما تركت لأسرتك الصغيرة ولأسرتك الكبيرة ولوطنك من عمل وبصمات قوية واضحة للمؤسسة التي اعطيتها شبابك وعمرك، حتى رأيناك وقد غادرتها رافضا ان تتساقط احجارها على رأسك المملوء بالعزّ والفخر والكبرياء… فأنت ابن الرجل المكافح الذي بدأ حياته العملية مدرساً في المدرسة المباركية ثم مناضلاً متخطيا الصعوبات واهوال البحر وعذاباته، ولكن طموحه تعدى البحر واهواله حتى وصل الى ما وصل إليه، تغمده الله برحمة واسعة.

العزاء لنا والصبر والدعاء لك بالمغفرة. لم يغب عن ناظري يوم جلسنا حولك مع الزوجة الصبورة والابناء والاشقاء..

نقرأ القرآن وندعو الرحمن ان يسكنك جنات الخلد مع الشهداء الأبرار، لأن من يحتمل المرض ولا يشكو من ألمه وعذابه وصبره فهو شهيد عند رب كريم.

أحمد الزبن ترجل فارساً شجاعاً ورحل كشمس تخرج من حياتنا، ولقد كان وجهاً مشرقاً لبلده وأمته، وكان يمتلك المقدرة على اكتساب حب الناس واحترامهم، لا يعنيه المنصب، تولاه او تركه، وتلك من السمات الفريدة التي لا تتوافر إلا للقلة النادرة ممن لديهم جوهر الإنسان الأصيل.

د. دلال فيصل الزبن
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.