كثيرون كانوا يرون التجربة التركية لحكم الاخوان المسلمين على أنها نموذج يوحي بقدرة الاخوان على ادارة الحكم في بلاد اخرى!.
ولطالما رددنا ولم يستمع الكثيرون الى ان التجربة التركية لا يمكن تطبيقها في دول العرب لسببين أساسيين:
الأول: انهم اتراك ونحن عرب، واذا تطابقنا معهم في العقيدة الدينية فان لنا اختلافاً واضحاً معهم ومع الغير في الثقافة. وما ينتفع به الخلق في دول اخرى يعود عادة بالشرور على العرب عندما يطبقوه في بلادهم، لا بسبب خطأ في الامر وانما بسبب سوء التطبيق الذي يصاحب تاريخ العرب.
ولمن يريد ان يعرف الفرق بين الاتراك والعرب فليس عليه سوى ان يسأل تركياً عن رأيه في العرب!.
وثاني الاسباب: ان الاتراك قد ترك فيهم مؤسس الدولة الحديثة أتاتورك وصية تتيح للجيش ان يتدخل لخلع الحكومة التي تحيد عن الديموقراطية والعلمانية التركية. وصمام الامان هذا غير موجود في دول العرب. لذلك فاحتمال تحوّر وتحوّل الانسان المنتخب ديموقراطيا عندنا الى ديكتاتور يحتكر الحكم والقرار امر وارد وسهل الحدوث.
وها قد اثبت الرئيس محمد مرسي صدق السبب الثاني!. فالرجل اعلن نفسه فرعونا وحاكما بأمر الله بطريقة لا يمكن أن توصف بغير الانقلاب على الشعارات وانتصار روح النرجسية والانا على كل المبادئ المعلنة دون قناعة وايمان.
ويتجلى السبب الاول بان لا احد في مصر يستطيع ان يزيح هذا الدكتاتور الجديد الذي حوّل الثورة على ديكتاتورية حسني مبارك الى مدخل لتفرده وفرعنته على الشعب. فالجيش والقوات المسلحة وحتى البلطجية تحت سيطرته.
– اللهم لا شماته. ولكننا نحمد الله ان ما كان يخطط له الاخوان المسلمين في مصر وافراخهم في الكويت قد انقلب عليهم واصابهم في الصميم.
ربما تكون «حوبة» الكويت، وربما يكون «حظ عنوز»، ولكن المؤكد ان ما حدث في مصر وفي هذا التوقيت بالذات جاء كطوق نجاة للوضع المتأزم في الكويت.
فقد اتضحت صورة الاخوان وطغيانهم، وانكشف خداع الاخوان وبطلان شعارهم بحكم رشيد، وثبت بان الاخوان لا يختلفون عن العسكر في شهوتهم للفرعنة والاستبداد.
كما ان التناقض الحاد بين موقف الاخوان عندنا من احداث الكويت واحداث مصر كشف زيف دعواهم بالوطنية والعدل في الحكم والتقييم.
فقنابل الغاز المسيل للدموع واستخدام الهراوات امر تفرضه ضرورة الحال في مصر ولكنه قمع واستبداد وبوليسية في الكويت!.
واحتكام سمو الامير للدستور والقضاء فيما يخص مراسيم الضرورة مرفوض عند اخوان الكويت، اما تحصين قرارات مرسي من الطعن او التذمر فهو ارساء للديموقراطية الاخوانية!!
لقد تعرت دعاوى الاخوان في مصر والكويت بضربة واحدة حتى رفع المصريون شعار «الولاء لمصر.. والعداء للاخوان»!!.
فكيف سيمنعهم وزير الدفرسوار او غيره ممن ازال اعلانات مرشحينا؟!!.
– محمد مرسي صرح يوم امس الاول قائلا «اتخذت قرارات ترضي الله والوطن…»!!
اما الوطن المصري فواضح انه منقسم بين موال مؤيد دون وعي أو طامع في سيطرة غير محدودة للاخوان، وبين معارضين يتزايدون كل دقيقة.
واما ان قراراته ترضي الله سبحانه فهذه دعوى هرطقة وتجديف وتقوّل على الله سبحانه!. فمرسي ليس حارسا لباب السماء ليدرك ما يرضي الله وما لا يرضيه. وقد كان اولى به ان يقول «اتمنى ان ترضي الله»، ولكن غروره الفروعوني ألزم عليه ان يفترض تأييد السماء لقراراته الفرعونية.
– اثناء حديث مرسي في جماهيره ظل يردد حرصه على نجاح الثورة وسعيه للمحافظة على الثورة.! وكانت الثورة هي اكثر كلمة استعملها في خطابه!!
اولا. كان الاخوان المسلمون يقسمون بأنها ثورة شعب وشباب ولا دخل لهم فيها، ولكن يتضح من خطاب مرسي ان الثورة من صنع الاخوان. مع ان دور مرسي في الثورة لا يذكر ولا يعتد به.
ثانيا. الثورات لحظة اشتعال تنتهي بنهاية الاحتراق، ويأتي بعدها مرحلة اعادة المسار والاصلاح والبناء.
ولقد كان خطأ ثورة يوليو ان خطابها الاعلامي استمر يتحدث عن الثورة، على الرغم من انها كانت مجرد انقلاب نجح في الاستحواذ على الحكم. ولكن الانقلابيين واصلوا دعوى الثورة لستين عاما. وحيث لم يكن هناك خصم يثورون عليه فقد كانت ثورتهم بعد استملاكهم الامر، ثورة على المبادئ التي ادعوها وستراً يتذرعون به في قضية الخصوم!. لذلك تخلفت مصر.
وكذلك الحال مع العراق الذي استمرت ثورته ثلاثين عاما بعدما نجح الانقلابيون في اسقاط الحكم والاستيلاء عليه. ولم ينتج من دعاوى الثورة ومجلس قيادة الثورة سوى تردي الحريات والثقافة ومستوى الحياة.
لذلك فان دعاوى مرسي بالحفاظ على الثورة انما هو تكرار لقصة الانتحار السياسي التي مارسها من سبقه، وغطاء يبرر تصفية خصومه، ودليل على هشاشة سياسية لا تستغرب على الاخوان وبالذات مرسي الذي لم يسمع احد باسمه قبل سنة!!
– الزميل والوزير السابق احمد المليفي قال ان خيرت الشاطر طلب من الحكومة الكويتية مليار ونصف المليار دينار ليكبح جماح افراخ الاخوان ويهدئ الشارع الكويتي!!
ومع ذلك لا خيرت كذَّب المليفي ولا سمعنا من اخوان الكويت ما يكذب اتهام المليفي.. مما يؤكد صدق الخبر.
كثير من المصريين اعترفوا بانهم اخطأوا عندما صوتوا لمرسي ووثقوا بالاخوان وطلبوا العفو والمغفرة من الشعب المصري، اما اخوان الكويت فلم ينبسوا ببنت شفة او كلمة اعتراض على ما فعل مرسي!!
ونحن نتفهم حرج موقفهم وصعوبة وقوفهم في وجه اسيادهم، ولكن الذي لا نفهمه هو صمت الكوادر الشبابية الأخرى التي صدقت القيادات الاخوانية وتبعتهم في مخططهم المشؤوم ومسيراته وتجمعاته!. أليس فيهم نزيه يحترم نفسه ومن هم حوله ليقف ويعتذر للناس عن تصديقه دعاواهم واتباعه لتعليماتهم؟!!
هل المصريون أكثر من شبابنا الكويتي رجولة وشجاعة أدبية وتحل بفضيلة الاعتراف بالخطأ ؟!!
لا حول ولا قوة إلا بالله.
أعزاءنا
سنطالب بحقوقنا الفكرية على شعار الولاء للكويت.. والعداء للإخوان ثم نتبرع به إلى جمعية خيرية سلفية.
نبيل الفضل
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق