دعاة انتقدوا توجه للمعارضة: الاستعانة بمنظمات كافرة خروج من الدين

استنكر عدد من الدعاة والعلماء عزم بعض رموز المعارضة تدويل القضايا المعروضة على المحاكم الكويتية، مؤكدين أن الاستعانة بالكفار على المسلمين تخل بعقيدة الولاء والبراء، وتفتح الباب لبسط أيديهم على ولاة أمرنا وإملاء شروطهم، كما قد تؤول بصاحبها إلى الخروج من الدين، وفيما يلي التفاصيل:

في البداية أوضح الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الشيخ حاي الحاي أنه لا يجوز لأهل الإسلام التظلم والشكاية فيما يحدث بينهم من نزاعات واختلافات واعتداءات أن يعرضوها على أمم الكفر، لأن أحكام الكافرين لا يمكن أن تلتقي مع أحكام الوحي المبين، لذلك فإسناد الأحكام الشرعية إلى غير المسلمين مهما كان عندهم من علم ورقي وديموقراطية فلن يفلحوا أبدا بل ربما يؤدي ذلك الى استغلال وتدخل خارجي وفتن عظيمة وشر كبير.

قياس لا يصح

وأضاف أنه وربما يتحجج البعض بقضية الكويت إبان الاحتلال العراقي، مبينا أن هذا شأن آخر وحالة نادرة وهذا تدبير إلهي، والقياس عليه لا يصح لأنه قياس مع الفارق.

انتقاص سيادة الدولة

بدوره قال الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الكويت د.حمد العثمان إن تدويل القضايا والمظالم والالتجاء للمنظمات الغربية انتقاص لسيادة دولتنا، واتخاذ ولائج من الكافرين ضد ولاة أمرنا قد يؤول إلى المروق من الدين.

وجوب التحاكم للشريعة

وأما د.محمد هشام طاهري فأكد أنه مما لا يشك فيه مسلم ملم بدينه أن التحاكم إلى غير شرع الله لا يجوز وإن أجازه الحكام والعلماء، فإن هذه المسألة من المسائل النصية التي جاءت في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول الله تعالى مبينا وجوب التحاكم إليه (إن الحكم إلا لله)، ويقول محذرا من الحكم إلى غيره (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)، فلا يخلو من يحكم بغير ما أنزل الله إذا لم يكن ثم مانع يمنع من تنزيل الحكم عليه إلا أن يكون كافرا أو فاسقا أو ظالما، مشيرا إلى أن الواجب التحاكم إلى شرعه، كما قال: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله).

وتابع طاهري حديثه قائلا: إن شكاية الظلم إلى من هو أظلم مستقبح شرعا وعقلا وفطرة، كالمستجير من الرمضاء بالنار، فكيف يشتكى الظلم الواقع ـ إن كان ـ لظالم معلوم ظلمه، وكفره، وشركه، ولو كان الغرب وأصحاب الحقوق الإنسانية المزعومة منصفين فلماذا لا يعطون المسلمين القدس، ولا يمكنون الفلسطينيين من أرضهم؟ وهذا وحده يرشد العاقل أن تدخلاتهم لا تكون لأجل سواد العيون، بل لأغراض فاسدة، ومقاصد سيئة، وحاجات مبيتة، فليحذر المسلم من شكاية ولي أمره إلى هؤلاء الغربيين المتربصين بالمسلمين، الذين يريدون تفرقة كلمتنا، وبسط أكبر وأوسع وأعظم الوسائل للسيطرة علينا، فوق ما هم عليه من السيطرة، فالحذر الحذر منهم، ومن حبائلهم.

وطالب المظلومين باللجوء إلى الله تعالى، فإنه إذا أراد الله رفع الظلم فلا يمكن لأحد أن ينزله، وإذا أوقعه فليس لأحد أن يرفعه، ويجب أن ندرك أن الظلم يرتفع بتوبتنا ورجوعنا لديننا، موضحا أن الاستغاثة بالكفار المشركين، ومنظماتهم هي وسيلة لبسط أيدي الكفار علينا، وإملاء شروطهم على ولاة أمرنا.

من دسائس الخوارج قديما

وزاد طاهري أنه قد كان اللجوء إلى الكفار من دسائس الخوارج قديما، وحديثا، قال الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب وهو يتحدث عن فتنة الخروج على عثمان: «وأصل الفتنة ومنبعها: كان من عبدالله بن سبأ ـ رجل يهودي من أهل صنعاء، أظهر الإسلام ليخفي به حقده عليه، وكفره به ـ في زمن عثمان، وكان ينتقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم الشام، فلم يقدر على ما يريد، فأخرجوه حتى أتى مصر، فغمز على عثمان، وقاد الفتنة، وأشعل نارها، محادة لله ولرسوله، حتى كانت البلية الكبرى بمحاصرة عثمان»، واغتياله، وهو يتلو كتاب الله تعالى، وكان بيد أولئك المجرمين الخوارج..، وبقتله وقعت الفتنة العظيمة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس في بقايا من شرها إلى اليوم»، فهذا نص من الإمام على دور الأيادي الخفية، التي كانت وراء قتل عثمان رضي الله عنه وظهور الخوارج عليه، وأن لابن سبأ دورا كبيرا في ذلك، وثبت على مر التاريخ تلاعب الأيدي الخفية بالخوارج.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الخوارج إنما خرجوا لأجل مقاصد دنيوية، وهي لا ريب من المقاصد الخفية التي أخفاها بعض الخوارج، ولبسوها بلباس الدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لذلك يقول في كتابه منهاج السنة (فصاحب البدعة يبقى صاحب هوى، يعمل لهواه، لا ديانة، ويصد عن الحق الذي يخالفه هواه، فهذا يعاقبه الله على هواه، ومثل هذا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة).

حرب ضد الكويت

وأما الشيخ صالح الغانم فقال إن تدويل مطالب المعارضة ما هي إلا حرب صموت ضد الكويت حكومة وشعبا في سبيل استعادة مناصب زائلة، وأقول لرؤوس لا تشعلوا نارا لعلكم أول من يكتوي بلهيبها، مطالبا المعارضة بالتأمل في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «من ترك شيئا لله أبدله الله خيرا منه»، ومتمنيا أن يتركوا هذه المطالب حذر دخول الكويت في متاهة التدخل الخارجي لجهات لا تريد بالكويت وأهلها خيرا.

تحريم التحاكم لغير الشريعة

من جهته أوضح الشيخ د.محمد النجدي أن الأدلة الشرعية من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة تدل صراحة على أنه يجب على المسلمين جميعا أفرادا وجماعات، وحكومات ودولا التحاكم فيما يحصل بينهم من خلافات وخصومات ونزاعات إلى شرع الله سبحانه الحنيف، والتسليم له والإذعان والانقياد، والرضا به دون ما سواه وأضاف أن من هذه الأدلة الصريحة قوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)، فأقسم سبحانه بنفسه المقدسة أنهم لا يؤمنون إلا إذا حكموا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يحصل بينهم من شجار وخلاف، ثم لا يجدون في أنفسهم ضيقا من حكم الله تعالى وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم ثم يسلموا له وينقادوا، وقوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)، فلا أحد أحسن حكما من حكم الله عز وجل، وكل حكم يخالف حكم الله فهو جاهلية، كائنا ما كان، وقوله عز وجل: (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)، فهذه الآية فيها أمر بالرجوع إلى الله تعالى أي إلى كتابه، وإلى الرسول إذا كان حيا أو إلى سنته إذا كان ميتا، إذا حصل أي نزاع أو خلاف، وأخبر أن ذلك أحسن عاقبة ومآلا.

فتوى ابن باز

وتابع النجدي حديثه مستشهدا بفتوى العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله التي جاء نصها على النحو التالي: أوجه نصيحتي الخالصة في هذه الكلمة إلى حكام الدول الإسلامية جميعا، بسبب ما وقع ويقع بينهم من النزاعات المتعددة، بأن الطريق الوحيد الذي يجب اللجوء إليه لحل النزاعات بين دولهم، في الممتلكات والحقوق والحدود السياسية وغيرها، هو تحكيم شرع الله، وذلك بتشكيل لجنة أو محكمة شرعية أعضاؤها من علماء الشرع المطهر ممن هم محل رضا الجميع، علما وفهما وعدلا وورعا، تنظر في حل النزاعات ثم تحكم بما تقتضيه الشريعة الإسلامية، ثم قال: وليعلموا أن ما يقع من بعضهم من التحاكم إلى محكمة العدل الدولية، وأمثالها من الهيئات غير الإسلامية هو تحاكم إلى غير شرع الله، ولا يجوز التقاضي إليها، أو تحكيمها بين المسلمين، فليحذروا ذلك وليتقوا الله ويخشوا عقابه الذي توعد به من يعرض عن شرعه، كما قال تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)، وقال (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) «انظر كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز ابن باز رحمه الله مجلد 8 – صفحة 5».

سبيل لتدخل الغرب

وقال د.أحمد الكوس إن شكاية البعض عند الغرب الكافر والمنظمات الدولية، وما يسمى تدويل القضايا بحيث يرفع المواطن أو البعض جماعات أو يجتمع أكثر من شخص بنفس السبب والقضية فيرفع أمره إلى محكمة دولية أو بعض منظمات حقوق الإنسان، وهناك من يشتكي على بلده وحكومته ليستخرج حقا يظن أنه أحق به أو تم ظلمه من قبل بلده أو حكومته لاشك أنها لا تجوز لأنه تعاون على الاثم، وهو فتح لباب الشر وإقحام الكفار والنصارى وغير المسلمين في ديارنا ومبرر لهم للتدخل واقعيا ومستقبلا لكل صغيرة وكبيرة فهل يعي السذج من القوم الذين كانوا سماعين لغيرهم وقبلهم الذين كانوا يتراكضون للمنظمات الدولية وحقوق الانسان للشكاية ضد بلادهم وهم الليبراليون والعلمانيون، وهم أول من بدأ قضية التدويل بدعوى حقوق الانسان وأضاف قائلا لا ننسى أن هذه المنظمات الدولية بعضها ماسونية وهي تقوم على ابتزاز دول العالم خصوصا الضعيفة كالدول العربية والإسلامية فيكون هم هذه المنظمات الضغط على تلك الدول الاسلامية في إلزامها فيما يسمى بالمساواة والعدالة بالنسبة لحقوق المرأة، حقوق ما يسمى بالمثلية وعدم السماح بتطبيق الشريعة الاسلامية وغير ذلك من الأمور.

خيانة

وتابع أنه لا يجوز للمسلم أن يشتكي على بلده فهذه من الخيانة وتسليط بلاد الكفار على المسلمين، ويذكرنا ذلك بما حصل في بلاد الأندلس الذين تنادوا لبلاد الكفار أيام دول الطوائف فصارت كل دولة تستعين بغيرها من دول الكفر حتى سقطت بلاد الأندلس، لافتا إلى أن هناك من يستدل بأدلة ضعيفة وليس لها سند وارتباط في قضية التدويل وسبحان الله هناك جهال ليس لهم من العلم ولا الفقه ما يمكنهم أن يستطيعوا استنباط الأحكام من الأدلة فجاء قياسهم باطلا، لأنهم يريدون لي الأدلة حسب أهوائهم، كل ذلك والمسألة واضحة كيف لمسلم أن يشتكي على بلده وحكومته وعلى ولي أمره عند بلاد الكفار وحكوماتها؟ والواجب الصبر والتحاكم الى حكومة وقضاء البلد الذي ينتسب اليه المواطن وان حصل ضده ظلم فعليه أن يصبر ويحتسب ويرفع أمره إلى ولي الأمر وينبه المسؤولين عن الأخطاء لإصلاحها بالحكمة واللين والحوار ويعيد تكرار ذلك حتى يستجاب لأمره.

المصدر “الانباء””

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.