
تباينت ردود افعال عدد من القانونيين والسياسيين والمصرفيين ورجال الاقتصاد حول موقف الحكومة الرافض لاسقاط فوائد القروض عن المواطنين وخلال هذا التحقيق تبين ل¯ “السياسة” أن غالبية المواطنين الذين التقتهم »السياسة« مع اسقاط فوائد القروض وذهب بعضهم لاسقاط القروض بشكل كامل خصوصاً ان الحكومة غضت الطرف عن رقابة البنوك التي تعاملت مع المقترضين.
وقالوا: إن الدولة تستطيع شراء هذه الفوائد ثم تقوم بتقسيطها على المواطنين بصورة طويلة الأجل, أما اصحاب الرأي الآخر فكانوا ضد أي توجه لاسقاط فوائد البنوك من أجل الحفاظ على المال العام لافتين الى ان هذا الأمر يخل بمبدأ العدالة الاجتماعية لو تحقق في هذه الاثناء رفض عدد من المصرفيين ورجال الاقتصاد اسقاط الفوائد مؤكدين ان هذه الخطوة من شأنها استحداث ثقافة عدم تحمل المواطن لمسؤولياته أمام البنوك نظير ما اقترض من أموال, وبالتالي عدم الالتزام بالسداد.
واكدوا أن البنوك لا تملك الرفض أو الموافقة إلا أن مثل هذه الثقافة لا ينبغي نشرها في المجتمع مشيرين الى ان الحكومة وضعت صندوقا للمعسرين وفق شروط وضوابط لمساعدة المتعثرين في السداد وفيما يلي التفاصيل:
بداية يقول الكاتب الصحافي المحامي سعود الشحومي ان الخلاف الراهن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حول اسقاط فوائد البنوك ليس بجديد نظراً لأن هذه المشكلة مازالت تعالج بأساليب المجلس النيابية الأخيرة, موضحا ان الحكومة كان موقفها واضحاً في هذه القضية لافتا الى ان اسقاط الفوائد قادم لا محالة موضحاً بأنه يرى ان حل هذه المشكلة سيكون من خلال قرار سياسي لإرضاء الشعب.
ولفت الشحومي إلى ان اوضاع الكثير من المواطنين في ظل الظروف المادية الصعبة الحالية تتطلب اتجاه الدولة لتبني قرارات من شأنها رفع المعاناة عن المواطنين بطرق كثيرة خصوصاً ان ميزانية الدولة أعلن ان فائضها يصل لنحو 16 مليار دينار واوضح الشحومي ان اتخاذ قرار اسقاط القروض يمكن ان يبعد شبح التأزيم عن البلاد, لافتا الى ان مجلس الأمة 2012 الجديد مازالت تحت الاختبار ولكن هذا المجلس لن يستطيع حل هذه المشكلة بأي حال من الأحوال خصوصاً أن المجالس الأخيرة التي وصفت بالتأزيمية لن تتمكن من حل مشكلة اسقاط فوائد القروض.
ورأى الشحومي ان تصعيد الخلاف بين الحكومة ومجلس الأمة لن يحل المشكلة بل يزيد الأمور تعقيدا خصوصاً أن الشعب الكويتي لا يريد أي صدام بين المجلس الجديد والحكومة حتى تدور عجلة التنمية الى الأمام بعدما تراجعت في العقود الأخيرة نظراً لوجود مصادمات كثيرة بين المجالس النيابية والحكومات المتعاقبة موضحاً ان المواطن لا يعنيه الاستجواب مادامت هذه الادارة لا تحقق المطلوب لحل مشكلاته.
مطلب شعبي
ويقول الناشط السياسي والمحامي مهنا غازي العتيبي ان اسقاط فوائد القروض من أهم المطالب الشعبية التي ينتظرها الشعب الكويتي هذه الآونة لافتا الى ان اسقاطها لن يخل بمبدأ العدالة نظراً لان غياب رقابة الحكومة من خلال البنك المركزي على البنوك هو ما أدى الى استفحال هذه المشكلة مشيراً الى ان البنوك أصبحت تأخذ أكثر من حقها في الفوائد ما أدى الى تعثر الكثير من المواطنين عن سداد مديونياتهم للمواطنين.
وذكر العتيبي أن الحكومة الاسبوع الماضي قدمت قرضاً للعراق بنحو مليار ونصف متسائلاً ألم يكن من الأولى ان تحل الحكومة مشكلات البلد الحالية قبل أن تسعى لحل المشكلات الخارجية مطالبا مجلس الامة 2012 بضرورة ممارسة الضغط على الحكومة حتى تتحمل هذه المشكلة التي تعاني منها فئة كبيرة من المواطنين معظمهم من الشباب, لافتا الى ان هؤلاء اتجهوا للقروض نظرا لاحتياجهم, حيث ان قيمة القرض الاسكاني 70 ألف دينار لم يكف لبناء البيت ولهذا يضطر الكثير من المواطنين للحصول على القروض من البنوك ما يجعل هذه البنوك تركب الفوائد نظرا لاقبال المواطنين عليها.
ولفت العتيبي الى ان الدولة تستطيع شراء فوائد القروض من هذه البنوك ثم تتجه لتقسيطها على المواطنين بصورة مرنة وسهلة بعيدة عن التعقيد.
وذكر العتيبي بأن الدولة شريك رئيسي لمشكلة القروض نظرا لعدم رقابتها على حركة ارتفاع اسعار مواد البناء والمواد الاخرى.
فوائد مركبة
أما الناشط السياسي بدر البيدان فأكد على ضرورة اسقاط كل القروض عن المواطنين وليس الفوائد فقط نظرا لان المواطن الذي اضطر للقرض هو مواطن فقير صاحب حاجة دفعته ظروفه لان يطرق ابواب البنوك التي تعاملت مع المواطنين كالجزار او الذي يذبح ضحيته بقلب ميت نظرا لان تلك البنوك اغرت المواطن من خلال اعلاناتها الكثيرة على القروض ولم يدر المواطن انه سيكون الضحية للفوائد المركبة, لافتا الى ان الحكومة نفسها عندما غضت الطرف عن رقابة البنوك فهي بذلك شجعتها على ان تركب الفوائد بصورة غير عادلة.
واوضح البيدان ان اسقاط القروض لا يخل بمبدأ العدالة الاجتماعية نظرا لان المواطن الذي اقترض من البنوك هو مواطن فقير متسائلا: اذا مرض مواطن وتعالج على نفقة الدولة هل يحق وقتها للمواطن الذي لم يمرض ان يطالب بالاموال التي تعالج بها غيره, مشيرا الى ان جزئية العدالة الاجتماعية تتخذ كذريعة من اجل عدم اسقاط القروض. ونبه البيدان بأن بعض الدول الخليجية المجاورة اسقطت كامل القروض عن مواطنيها من اجل رفع المعاناة عن اصحاب الحاجة ومع هذا لم يتذرع احد بأن هذا الامر اخل بالعدالة الاجتماعية في هذه الدول.
اخلال بالعدالة
أما الخبير الاقتصادي امير المنصور فرفض بشكل مطلق اسقاط فوائد القروض نظرا لان هذا الامر من وجهة نظره يخل بمبدأ العدالة الاجتماعية متسائلا: ما ذنب المواطن الذي لم يحصل على قرض حتى تتجه الدولة لاسقاط القروض او فوائدها عن المواطنين?
ولفت المنصور الى ان نواب مجلس الامة يزايدون من اجل مصالحهم الشخصية ولتذهب مصلحة البلد الى الجحيم, مطالبا الحكومة ومجلس الامة بضرورة اتخاذ قرارات يتم بمقتضاها توزيع الاراضي على المواطنين في المناطق الحدودية حتى تهدأ اسعار الاراضي في البلاد خصوصا وان البلد به اراض شاسعة, حيث لا يعيش الشعب بمواطنيه بأكثر من 5% من مساحة البلاد.
واوضح المنصور بأن الحكومة لا توجد لديها رؤية او خطة لرفع المعاناة عن المواطنين, لافتا الى ان هناك الكثير من الطرق والوسائل التي تستطيع من خلالها الدولة خدمة كل المواطنين ولكن ليس من خلال اسقاط القروض او فوائدها نظرا لان هذا الامر سيسبب صدمة كبرى لاقتصاد الدولة في عمق, مطالبا بأن تستغل الدولة الفوائض المالية التي تجنيها من ارتفاع اسعار النفط من خلال دعم رجال الصناعة والتجارة.
من جهتهم عارض عدد من المصرفيين اسقاط الفوائد, على الرغم من ان البنوك لا تتأثر عمليا بذلك, وتفضل تأسيس شركات تنموية وتوزيع اسهمها على المواطنين لتحقيق العدالة وتنفيذ مشاريع تنموية وانتاجية تتيح خلق وظائف للمواطنين وتحسين الخدمات.
في هذا السياق اكد مدير شؤون مجلس الادارة لبنك الخليج فوزي الثنيان ان البنوك لا تملك الرفض او الموافقة لاسقاط الفوائد عن المقترضين, مشيرا الى ان اسقاط الفوائد لن يضر البنوك وفي المقابل لن يضيف اليها فائدة او عائدا ماليا جديدا, لكنها لا ترغب في استحداث ثقافة لدى المواطن تدفع به الى عدم تحمل مسؤولية التزامه امام الدين. واضاف الثنيان في تصريح ل¯”السياسة” ان البنوك ترفض ترسيخ مبدأ عدم التزام المقترضين من المواطنين لسداد ما حصلوا عليه من قروض بدافع الاعتماد على الحكومة لتقوم بالاداء عنهم, مبينا انها ثقافة غير صحيحة للطرفين المصرف والمقترض, ولا يجب نشرها.
وذكر الثنيان ان الحكومة وضعت صندوقا للمعسرين وهو يقوم ضمن شروط وضوابط بمساعدة المتعثرين لسداد ديونهم ومن يرفض عليه ان يتحمل, كما ان الحكومة كانت قد وضعت قيدا لمن يدخل صندوق المعسرين بعدم الحصول على قروض عقب تعامله مع الصندوق, ومن ثم عادت ووافقت على حصوله على قرض رغم انه متعثر ويخضع لبرنامج صندوق المعسرين وتلك هي الثقافة التي ترفضها المصارف والبنوك.
واختتم: نحن كقطاع مصرفي هدفنا تحقيق المصلحة العامة للمواطن والزامه بمسؤولياته.
المصدر “السياسة”
قم بكتابة اول تعليق