الانقسام والتشرذم هي سمة الحركات والتنظيمات القائمة على البعد الاجتماعي، حتى وإن حاولت تغليف نفسها من الخارج بغلاف سياسي، وربما تدعونا هذه الحال إلى العمل جديا من أجل إعادة تنظيم المشهد السياسي، بما يتلاءم ويتوافق مع النصوص الدستورية والقانونية بعد كل الذي مررنا به من «تخبط»، عندما شجعنا على إشهار التنظيمات السياسية تحت أي مسمى كان (أحزاب، جمعيات، جماعات)، لأن المهم هو المضمون.
كان الهدف هو الانتقال من العمل التطوعي وعمل الهواة إلى الاحتراف السياسي، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، ونقل الصراع من الشارع والبرلمان إلى المؤسسات الجديدة وحسمه داخلها، بدلا من أن تتطاير شظاياه كل مرة
في كل تجاه.
أيضا تنظيم الساحة السياسية يوقف تدخل بعض أطراف الأسرة الحاكمة في أي حراك سياسي، واستخدام الكيانات الاجتماعية كالقبائل وتأليبها ضد الدولة والمجتمع المدني بشكل عام، من أجل تحقيق مواقع متقدمة في إطار التنافس في ما بينها، ويعطي فرصة للنشاط المدني أن يلتقط أنفاسه بعيدا عن الصراع العبثي والضجيج المفتعل.
رئيس مجلس الأمة الحالي، علي الراشد، هو أول من تقدم بمقترح من أجل تنظيم الساحة السياسية، من خلال إنشاء أحزاب أو جمعيات سياسية وربما يكون انتخابه رئيسا للمجلس هو الفرصة التي ينتظرها مؤيدو تنظيم الساحة السياسية، من أجل إعادة طرح مثل ذلك المقترح والدفع به إلى الأمام، استنادا إلى الموقع الجديد.
ينبغي عند طرح مثل ذلك المقترح أن نضع في اعتبارنا التجربتين الأوروبية والأميركية، وبالتحديد بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية من حيث إنشاء تنظيمين سياسيين، أحدهما يضم المحافظين بتشكيلاتهم كافة، والآخر يضم الليبراليين بتشكيلاتهم كافة، حتى لا تمتلئ الساحة السياسية بـ «اليافطات»، كما جرى في بلدان عربية كثيرة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إفشال التجربة
الحزبية والتنظيمية.
طرح فكرة تنظيمين بالصيغة آنفة الذكر، ينقل فعلا الصراع بين الجناح المحافظ إلى داخل ذلك التنظيم، ومن ينتصر وفق البرنامج وإمكان تنفيذه يقود التنظيم للسنوات الدستورية المقبلة، وكذلك الأمر بالنسبة للجناح الليبرالي من ينتصر فيه، سواء أكان اليمين أو الوسط أو اليسار، وفقا لبرنامجه سيقود ذلك التنظيم للسنوات الدستورية المقررة، إضافة إلى أن التنظيمين سيكونان مدرستين لتدريب الكوادر تنظيميا وسياسيا وترتيبهما.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق