
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات 6).
أعتقد أن المساس بذمم الناس الآخرين دون دليل يضر ولا ينفع. فإلقاء الاتهامات المعلبة والمفبركة ضد بعض الناس وبشكل مبالغ فيه إما بهدف التكسب الانتخابي أو من أجل الاثارة الاعلامية تشوه وجه الحرية الديمقراطية. فإذا كانت حرية الرأي والتعبير في المجتمع الديمقراطي هي حرية مسؤولة فمن المفترض أن يتم استعمالها بشكل عقلاني ومنطقي وصادق. فلا يمكن في أي حال من الأحوال المساس بذمم الناس بقصد إثارة مزيد من البهرجات الاعلامية أو بهدف البروز في الساحة المحلية بأي شكل من الأشكال بينما يتم في الوقت نفسه نحر الحقيقة على مذبح الأنانية والتكسب الشخصاني. بل أن من يعتنق خطابات تأجيجية ترتكز في أساسها على التشويه المبالغ فيه لذمم المعارضين آرائهم يتجشم تشويه وجه الحرية والديمقراطية.
من المفترض أيضاً أن يحذر الإنسان العاقل من المساس بذمم الناس فيتهم هذا بالفساد وذاك بممارسة المحسوبية من دون أن يتوفر لديه دليل ملموس على اتهاماته. فمن يعتقد أنه يمتلك أدلة وبراهين واضحة على فساد البعض فلماذا لا يتقدم للسلطات الأمنية أو للجهات الرقابية بما لديه من أدلة بدلاً من استعمال هذا النوع من الخطابات التأجيجية لكسب مزيد من التأثير الشعبي? فلا يمكن في أي حال من الأحوال تشويه الوقائع المحلية وقذف الناس والمساس بذممهم من دون بينة والإصرار على إذاعة تلك الاتهامات المفبركة . فهدف هذا النوع من التشويه الشخصاني والمبالغ فيه ليس مكافحة الفساد بل تدمير سمعة الضحية و نشر خطاب الكراهية في المجتمع. فإلقاء التهم المعلبة هنا وهناك وبخاصة ضد من يتخذون مواقف معارضة لأحد التيارات السياسية المحلية ليس من الديمقراطية بشيئ. بل إذا دلت الاتهامات المفبركة على شئ معين فهي ربما تدل على عدم النضج الديمقراطي لمطلق الاشاعات المغرضة. في أي مجتمع ديمقراطي ومدني يمتلك كل الأفراد الحق في حماية سمعتهم الشخصية من التشويه والاساءات المتعمدة. وإذا كان المجتمع الديمقراطي يستند في أساسه الى الحفاظ على كرامة الناس من القذف والاتهامات المفبركة, فلا يحق لأي شخص تشويه سمعتهم بقصد تحقيق مزيد من التأثير الاجتماعي أو السياسي. ذمم الناس وسمعتهم وشؤونهم العائلية والشخصية هي حدود أخلاقية ومنطقية تتوقف عندها حرية الرأي والتعبير المسؤولة.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق