د. صلاح الفضلي
أصبت بالدهشة وأنا أقرأ المذكرة الموجهة من رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون إلى النائب العام، والتي تتضمن «تصحيحاً» للوقائع، التي ذكرت في مذكرة رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي إلى النائب العام، فيما يخص حادثة اقتحام مجلس الأمة. وبمجرد قراءة مذكرة رئيس المجلس أحمد السعدون يتبين أن المقصود هو تبرئة ساحة المقتحمين، وليس سرداً للوقائع التي حصلت كما هو مفترض في أي بلاغ، والذي هو بمنزلة شهادة على حادثة ما.
المذكرة «التصحيحية» الموجهة للنيابة تذكر أن أبواب المجلس لم يتم كسرها، وإنما كانت مفتوحة، وإذا كان المقصود بالأبواب هو البوابة الخارجية للمجلس، فكان الأولى بمكتب المجلس محاسبة حرس المجلس، الذين سهلوا دخول المقتحمين للمبنى، وإما إذا كان المقصود أبواب قاعة عبدالله السالم، فهذا كذب وتزوير للحقيقة، لأن كاميرات وسائل الإعلام نقلت بالصوت والصورة واقعة كسر باب القاعة، وقد اعترف وافتخر النائب مسلم البراك بذلك صراحة.
المذكرة «التصحيحية» تذكر أيضاً أن «المقتحمين» دخلوا بمعية بعض أعضاء المجلس، وكأن من حق أي نائب أن يصطحب معه من يشاء إلى داخل المجلس، مع أن الكل يعلم أن دخول مبنى المجلس يحتاج إلى تصريح خاص، فضلاً عن أن دخول القاعة لأعضاء المجلس أنفسهم في غير أوقات الجلسات لا يمكن أن يتم إلا بموافقة الرئيس شخصياً، فكيف بغيرهم؟!
الأدهى والأمر أن مذكرة رئيس المجلس الموجهة للنيابة تقول إن اقتحام المجلس جاء تجاوباً مع الحراك السياسي الموجود بالشارع، يا سلام! وهل الحراك السياسي والتجاوب معه يبيح فعل كل شيء؟ هل الحراك السياسي يبيح تخريب مجلس الأمة أو ضرب رئيس المجلس على سبيل المثال؟ المذكرة «الفضيحة» وضعت نفسها أيضاً في موضع المحامي عن المقتحمين عندما قررت سلفاً أنها لا تعتقد أن مجلس الأمة ينطبق عليه صفة «المرفق العام».
مذكرة المجلس المشؤومة مؤشر على الفوضى والهمجية، وهي أقرب ما تكون إلى بيان موقف سياسي من حادثة اقتحام مجلس الأمة أكثر من كونها بلاغا عن حادثة، وهو الرأي الذي ذهب إليه الدكتور محمد الفيلي، وهي معيبة بحق كل من وافق عليها. العتب الأكبر موجه لأحمد السعدون، الذي كثرت أخطاؤه، وتعددت سقطاته في الآونة الأخيرة، فكيف يوافق السعدون على هذه المذكرة المعيبة، وهو الذي صرح قبل ذلك بأن اقتحام المجلس كان خطأ، ثم يأتي الآن ليبرر للمقتحمين ما فعلوه، ما ترهم يا السعدون.
د. صلاح الفضلي
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق