أثار مشروع تعديل قانون الجمعيات التعاونية في الكويت جدلاً في أوساط العاملين في القطاع، وتهدف التعديلات إلى رفع سن المرشح لعضوية مجلس الإدارة من 21 سنة إلى 30 سنة واشتراط حصوله على شهادة جامعية، كذلك اقتصار العضوية على دورتين، ايضاً، حدد مشروع التعديل أن يصوت الناخب في انتخابات الجمعية التعاونية لمرشح واحد فقط. لابد من التنويه بأن الجمعيات التعاونية التي تأسست في الكويت منذ مطلع ستينات القرن الماضي كانت تهدف إلى توفير السلع الأساسية للمستهلكين، من مواطنين ومقيمين، بأسعار معقولة ومتهاودة، وتمكين المواطنين من المساهمة في هذه الجمعيات وإدارتها. لكن تجربة التعاونيات مرت بأوضاع غير مواتية وأصبحت خاضعة لاستقطابات سياسية غير ملائمة لتطوير أدائها وتعزيز دورها الاقتصادي. تشهد انتخابات الجمعيات التعاونية منافسات شرسة لا تعتمد على كفاءة المرشحين ومؤهلاتهم المهنية بقدر انتمائهم العرقية والقبلية أو الطائفية. وأصبحت عضوية مجالس إدارات الجمعيات التعاونية جسرا للبروز السياسي والاجتماعي ثم الانتقال إلى الترشيح لعضوية المجلس البلدي أو مجلس الأمة، يضاف إلى ذلك أن الكثير من الجمعيات التعاونية عانت مشكلات تتصل بفساد الإدارة والخلافات بين أعضاء ومجالس الإدارة بما دفع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهي الوزارة المشرفة على القطاع وبموجب القانون، إلى اتخاذ قرارات بحل مجالس إدارات جمعيات تعاونية عديدة على مدى السنوات والعقود الماضية.
إن تكرار عمليات حل مجالس الإدارات للجمعيات، وأحيانا لاتحاد الجمعيات ذاته، تؤكد الخلل القانوني والإداري بما يؤكد اهمية مراجعة القانون وأوضاع القطاع برمته، وإذا كان الإصلاح المستحق هو تخصيص الجمعيات التعاونية، بعد ان فقدت المبررات الاقتصادية، وتحويلها إلى شركات مملوكة من المواطنين، وتخضع لشروط القوانين التجارية، وقانون الشركات بشكل خاص، فإن الاصلاح المطروح في الوقت الراهن يمثل خطوة ايجابية، إن الارتقاء بمستوى المرشحين تعليمياً ورفع السن يمثل تطوراً مهماً في التأهيل والخبرة، كما ان قصر حق الناخب للتصويت لمرشح واحد سيؤكد السيطرة على عمليات الاستقطاب، ويمكن من اختيار المرشح المناسب بموجب قناعات الناخبين. لقد بات القطاع التعاوني قطاعاً مهماً وهو يسيطر على ما يقارب الثمانين في المائة من التوزيع السلعي في البلاد، بما يعني اهمية توافر الثقة والاهلية للقيمين عليه، يضاف الى ذلك ان القطاع التعاوني يفترض ان يكون قادراً على توفير فرص العمل للمواطنين بموجب معايير فنية مشروعة، ولا يجوز استغلال التوظيف في التعاونيات من أجل توظيف الاقارب والانصار للتنفع من دعم العمالة، ولا يجب على اعضاء مجلس ادارة اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية رفض اي تعديلات على نصوص القانون إذا كانت هادفة للاصلاح، وكما هو معلوم ان مجلس ادارة الاتحاد يتمتع بسمعة طيبة في المجتمع الكويتي وعليه ان يبادر لطرح رؤية اصلاحية لاوضاع القطاع بما يعزز التوجهات الاقتصادية الرشيدة في البلاد.
عامر ذياب التميمي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق