قال تقرير الشال أنه لن يكون هناك علاج لأي من أزماتنا ما لم تكن هناك، دائماً، عقول تبحث عن مخارج، وما لم يبق هناك أمل في استقبال سلطات اتخاذ القرار، وفهمها، أي الإدارة العامة، لمثل هذه المخارج. وفي تجربة الكويت المحلية، يحتاج الأمر عناء كبيراً لالتقاط بعض نفحات الأمل، كانت أولاها قيام سمو الأمير بحضور القمة العربية، في بغداد، خلافاً لشركائه من قادة مجلس التعاون الخليجي، فالجغرافيا والمستقبل يتطلبان التسامي فوق أية جراح، والبداية هي بوضع أساس لاستبدال العلاقات السلبية بأخرى إيجابية. هكذا أصبحت أوروبا ثاني أكبر كتلة اقتصادية، بعد حروبها المدمرة، وهكذا تخطو آسيا، بتعاونها، نحو التحول إلى مركز ثقل الاقتصاد العالمي خلال عقدين من الزمن، رغم ما بين دولها من ثارات.
وثانيها، هو رفض سمو الأمير لتعديل المادة (79) من الدستور، كما هو حال المادة الثانية، وتعديل الدستور جبهة، إن فتحت خلال بيئة الانقسام المجنونة الحالية، سوف تلهي البلد عن أي إنجاز آخر، وتعمق جذور الانشقاق أعمق مما هي عليه. ذلك يتفق مع ما ذكرناه بعد الانتخابات النيابية، الأخيرة، بأن خيار القوى الإسلامية التي حصدت أكبر الدعم، هو بين تفضيل هواها إلى الماضي ومعه الضياع، أو توظيف عقلها من أجل المستقبل، أي السير على خطى النموذج التركي، ولعل في رفض مبدأ التعديل بارقة أمل تدفع إلى التركيز على ما هو مفيد للمستقبل.
وثالثها، كانت دعوة مجلس الأمة، الأربعاء الفائت، وزراء ونواب ومختصين لدراسة احتمالات المستقبل في الجانب الاقتصادي، فالمالية العامة، ببساطة، سوف تعجز عن مواجهة متطلبات فرص العمل. فالمجلس في دعوتــه يقـدر تلــك الفــرص الجديــدة بنحـو 540 ألـف
وأضاف التقرير : شاب وشابة قادمين إلى سوق العمل في 14 عاماً، أي بحلول عام 2026، وضمنهم، لن يجد نحو 400 ألف فرص عمل -بطالة-، وإذا كانت تكلفة 296 ألفاً، حالياً، هي 10 مليارات دينار كويتي، فالقادمون العاطلون هم أكبر حريق ستواجهه الكويت، في مستقبلها القريب. ونستطيع الجدل، ما شئنا، حول الأرقام، وهل هي 20{c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca}، أعلى أو أدنى، ولكن، ما لا نستطيع الجدل حوله هو أن ما يحدث هو عملية انتحار وقودها 51{c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca} من الكويتيين لم يبلغوا الـ 21 سنة، بعد، وآخرون لم يولدوا، ومن الطيب أن يبدأ مجلس الأمة التفكير بمصيرهم.
وأخيراً، هو ما تسرب عن رفض الكويت، مع ثلاث دول أخرى في منظومة مجلس التعاون الخليجي، الأسس التي بنيت عليها الدعوة إلى الاتحاد السياسي، فالأساس الحالي أمني قصير الأمد وقصير النظر، والأساس الديمقراطي للكويت يتعارض مع خطوات كهذه. ولأنه مجلس نخبة أو حكام، لا ثمار له على أرض الواقع، وهم حتى اختلفوا على موقع البنك المركزي الاتحادي، تبقى الكويت، رغم مثالبها وعيوبها كلها، تملك الأساس لمشروع دولة، فيها شعب وحكم وسلطات ثلاث، وأي اتحاد، لا يتبنى هذا الأساس، سوف يفشل، كما كان حال الاتحاد السوفييتي أو اليوغسلافي والاتحادات العربية السابقة.
وأضاف : هناك محطات تمر بها الدول، بعضها مؤلم، ولكن أساس الدولة لا يكتمل إذا فقدت الإدارة العامة معالم الطريق، والكويت، فقدت فيها الإدارة العامة معالم الطريق، أكثر من مرة، وقبلت دعوات التحريض على الدستور في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الفائت، وهو أمر لا يجب أن يحدث مرة أخرى، ونتائجه، إن حدث، ستكون كارثية وأسوأ كثيراً من نتائج تجارب الكويت التاريخية. وما ذكرناه هو بعض الأمل، وأهميته ليست في عناوينه وإنما بما فيه من مؤشرات على تغيير في الاتجاه، وهو الأهم، والتغيير في الاتجاه فيه بعض الانحياز للمستقبل، والانحياز للمستقبل هو المؤشر للانحياز إلى مشروع الدولة، وهو المسار الصحيح، إن نجح وتم البناء عليه. وعلى الجانب الآخر، هناك مخاطر ناتجة عن شقوق في بدن مركب الدولة، فكثرة الاستجوابات إلهاء يؤدي إلى تسرب الكثير من الماء إلى المركب فيمنعه من الحركة، أو يحد كثيراً منها، وقد يؤدي -لا قدر الله- إلى إغراقه.
مؤشر كويت 15
وبالنسبة لمؤشر كويت 15 ونظام التداول الجديد ، أوضح التقرير : لازلنا ندعم نظام التداول الجديد ولا نعتقد بحدوث أخطاء، غير قابلة للعلاج أو مؤثرة على سلامة التداول، والقصور أو الأخطاء، معظمها، سوف تتلاشى بمرور بعض الوقت، والمؤكد تفوق حجم المزايا الناتجة عنه. فعيوب، مثل تأخر التعامل مع مشكلة الموقع الالكتروني للبورصة بمعلوماته المكثفة وتصنيفاته الجديدة، يفترض الانتهاء من علاجها عندما يبدأ بالبث، خلال الأسبوع الجاري، ومعه يفترض أن يحصل مستوى التداول على بعض الدعم. والخطأ الناتج عن إمكانات التأثير في الأسعار من خلال شراء سهم واحد، وحتى خلافاً لرغبة العميل، خطأ، في جزء منه، راجع إلى العميل الذي يفترض أن يشترط بيع الكمية التي يريد -100 ألف سهم دفعة واحدة- أو لا بيع، وجزء آخر منه يحتاج إلى رقابة مشددة وإحالة إلى التحقيق إذا تعمد المشتري رفع قيمة محفظته، من سهم ما، برفع الأسعار إلى أعلى وبشدة، عن طريق شراء سهم أو عشرة أسهم.
وذلك لا يفترض أن يعني أنه نظام خال من العيوب، ولكنه نظام أفضل ويحتاج إلى مراقبة لمواجهة عيوبه وعلاجها، بينما واحدة من مزاياه، حتى الآن، هي انحسار فرص التلاعب وليس انتهائها -وخصوصاً ما يتعلق بتداولات الدقيقة الأخيرة-. وقد ينزلق النظام إلى مساوئ النظام القديم، إذا فشل نظام الرقابة اللصيقة في وقف استغلال أثر التسامح مع التداولات على سهم واحد وبحدود عليا للسعر، أعلى كثيراً من القديم، من دون عقاب سريع ورادع. ويظل التطور الإيجابي في حجم سيولة السوق دليلاً على تفهم أكبر لنظام التداول الجديد، بمرور الوقت، وحدوث ارتفاع السيولة، متزامناً مع مشكلات أسواق العالم المالية، دليل داعم لاستمرار فهمه.
وتبقى متابعة المؤشرات الرسمية الثلاثية لا توحي بتوافقها، فالمؤشرات، كما ذكرنا، لا يجوز أن تعطي قراءة متفاوتة عن السوق نفسه وللأسهم عينها، وفي الوقت ذاته، ولكن هذا، حتى الآن، هو ما يحدث في الكويت. والرسم البياني رقم (1) يعرض للحركة اليومية للمؤشرات الثلاثة خلال أسبوعي عمل، وواضح اختلافها رغم اقتراب حركة المؤشر الوزني من حركة مؤشر كويت 15، وربما نقرأ تخلف المؤشر السعري عن الاثنين في الجانب الإيجابي، أي تأكيد انحسار التلاعب في الأسعار للأسهم الصغيرة.
قم بكتابة اول تعليق