انتقد طلبة يدرسون في جامعات بريطانية ما يجري من فصل بين الجنسين خلال فعاليات تتعلق عادة بأنشطة لجهات إسلامية، لكن بعض الجامعات قالت إنها ملتزمة بالقانون وإنها تطبق مبدأ الاختيارية ولا تجبر أحدا على الجلوس في مكان معين.
وتواجه جامعات بريطانية مأزقا اخلاقيا يتمثل في مدى ما يمكن أو ما ينبغي ان تفعله لمنع التمييز الذي تشعر به طالبات عندما يحاولن حضور فعالية تُقام داخل الحرم الجامعي لكن منظمي الفعالية يفرضون عليهن الجلوس في مكان منفصل عن مكان جلوس الذكور.
وقالت الطالبة رازان عبدل التي تدرس في جامعة لندن انها ارادت ان تحضر فعالية اقامتها في مارس الماضي منظمة تُدعى أكاديمية التربية والبحوث الاسلامية في كلية لندن الجامعية. وقبل يوم على الفعالية تلقت رسالة على بريدها الالكتروني تقول ان الحضور سيكون على أساس الفصل بين الجنسين. ونقلت صحيفة الغارديان عن الطالبة قولها “شعرنا بصدمة قوية. إذ كنتُ أُريد الجلوس مع صديقي وكان هناك رجل يرشد الرجال الى الجانب المخصص لهم من القاعة والنساء الى جانب النساء”. واضافت انه فصل جنسي على غرار الفصل العنصري في جنوب افريقيا ايام كانت تحكمها أقلية بيضاء.
والسؤال الذي يواجه الجامعات الآن هو كيف تستطيع ان تنفذ سياستها في المساواة والتنوع إزاء مثل هذه الفعاليات.
وقامت منظمة الحقوق الطلابية التي تعمل على مكافحة التطرف في الجامعات بتحليل 180 فعالية رصدتها في الجامعات البريطانية خلال الفترة الواقعة بين آذار/مارس 2012 وآذار/مارس هذا العام بعد التقارير التي تحدثت عن الفصل بين الجنسين في هذه الفعاليات والتغطية الاعلامية للفعالية التي أُقيمت في كية لندن الجامعية. وأكدت المنظمة ان هناك اسبابا وجيهة للقلق مشيرة الى طبيعة المتحدثين في هذه الفعاليات.
ونشرت منظمة الحقوق الطلابية تقريرا قالت فيه ان 46 من الفعاليات الـ 180 التي رصدتها في 21 جامعة منفصلة مارست الفصل بين الجنسين صراحة أو ضمنا مع الغاء 6 منها قبل اقامتها.
وكانت جميع الفعاليات من تنظيم جمعيات طلابية اسلامية أو تتناول مواضيع تهم المسلمين. واشار الباحث روبرت ساتون من منظمة الحقوق الطلابية الى ان وسائل الاعلام التي نشرت نتائج التقرير أوحت بأن الفصل بين الجنسين بحد ذاته دليل على التطرف. واضاف ساتون “ان من المهم ألا تُدغم هذه القضية بالتطرف نفسه فنحن كمنظمة لا نربط الفصل بين الجنسين بالتطرف”.
ومما يشير الى الحساسية التي تتسم بها قضية الفصل بين الجنسين ان الجامعات البريطانية لا تحبذ مناقشتها علنا. فمن اصل سبع جامعات ذكرها التقرير وافقت جامعة واحدة على الاجابة عن اسئلة صحيفة الغارديان بشأن الفصل بين الجنسين في فعاليات تُقام داخل حرمها الجامعي.
ولاحظ مراقبون ان قانون المساواة الصادر عام 2010 ينص على دور الجامعة في الغاء كل اشكال التمييز والمضايقات وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص وتنمية علاقات طيبة بين الجماعات المختلفة من جهة ، والتزام الجامعة بقانون التعليم لعام 1986 الذي ينص على ان الحرم الجامعي يجب ألا يُغلق بوجه اي أحد على اساس معتقداته أو آرائه من الجهة الأخرى.
ولكن ناشطين يقولون الآن ان الجامعات تختفي وراء قانون 1986 لتفادي استفزاز المنظمات الدينية أو تعريض نفسها للملاحقات القانونية بإعطاء قانون المساواة أولوية أعلى. وفي حالة الفصل بين الجنسين فان قانون المساواة يعني القول بصراحة ان هذا الفصل يجب ألا يحدث داخل الحرم الجامعي.
وتتشبث بعض الجامعات بعبارة “الفصل الاختياري” بما يعني السماح بالفصل بين الجنسين حتى إذا أراد بعض الحاضرين الجلوس مع الجنس الآخر.
واصدرت جامعة ليستر وسط انكلترا بيانا قالت فيه انه “إذا كانت هناك فعالية ورغب افراد حاضرون، باختيارهم الحر ، أن يجلسوا منفصلين في القاعة نفسها فان هذه قضية عائدة اليهم”. وتتفق مع هذا الموقف جامعات آستون وبورتسموث وكنغستون ولندن ساوث بانك.
وقررت كلية لندن الجامعية بعدما حدث في مارس منع المنظمة التي تطلق على نفسها اسم اكاديمية التربية والبحوث الاسلامية من الحرم الجامعي. ولكن ادارة الجامعة أوضحت ان النص الذي ترسله الى من يريد ان يحجز قاعة داخل الحرم الجامعي يبين انه في الوقت الذي لن يُسمح بفرض الفصل بين الجنسين فان “من المقبول ان يختار الأفراد الذين يحضرون الفعاليات الجلوس مع منهم من جنسهم وإذا رغب افراد يحضرون الفعالية فصل أنفسهم على اساس اختياري ، لا يجوز لآخرين من الحاضرين ان يجبروهم على الاختلاط ، وان مثل هذا العمل يشكل مضايقة”.
قد يبدو هذا وكأنه حل وسط ولكن الطالبة رازان عبدل قالت ان للفصل الذاتي الاختياري تحديدات جدية وخاصة لمسلمات مثلها يشعرن بالتعرض الى ضغوط نفسية عليهن. وقالت عبدل لصحيفة الغارديان انها نادمة لأنها لم تترك مكانها وتجلس في المكان المخصص للرجال احتجاجا خلال فعالية كلية لندن الجامعية.
وقال طالب الدكتوراه مايكل جاثي الذي حضر الفعالية نفسها ان على الجامعات ان تحدد بوضوح ما تعنيه بالفصل الاختياري لكي لا يتسلل “تشجيع” الفصل بفظاظة. وقال جاثي ان بعض المجموعات الدينية تحاول ان تقتطع لنفسها مساحات من الفضاء العام تستطيع ان تفرض فيه قواعدها.
وقالت جو اتوول المستشارة في اتحاد الجامعات البريطانية ان الموقف الذي تتخذه جامعات عديدة اليوم هو التوثق من اطلاع منظمي الفعاليات على سياستها في حماية المساواة والتنوع واستعدادهم للالتزام بها. ودعت اتوول الجامعات الى التسلح بالحقائق عما يُنظم من فعاليات. واضافت ان اتحاد الجامعات البريطانية يرى انه لدى حجز قاعة لإقامة فعالية يجب ان تُدرس طريقة إدارة الفعالية وان على المنظمات التي ترغب في ممارسة شكل من اشكال الفصل بين الجنسين ، سواء أكان الزاميا او اختياريا ، ان تبدي أقصى درجات الشفافية وان تترك الحكم للجامعة.
وقال مراقبون انه إذا اصبح الفصل بين الجنسين أكثر انتشارا خلال الفعاليات التي تُقام في الجامعات البريطانية بقبول طلاب ورفض آخرين فان الادارات الجامعية قد تواجه صعوبة في إيجاد حل يُرضي الجميع ويُبقي الادارة في حدود القانون.
قم بكتابة اول تعليق