نظم مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة الكويت الجلسة الاولى ضمن جلسات ندوة “قضايا تنموية” وذلك تحت عنوان “المرأة والتنمية”، والتي حاضر فيها كلا من الناشطة الاجتماعية في قضايا المرأة الأستاذة عروب الرفاعي، ورئيسة قسم الدراسات المستقبلية والاستراتيجية في مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية د.ندى المطوع، وترأست الجلسة الدكتورة مها السجاري من قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الكويت، وتعتبر هذه الجلسة هي واحدة من جلسات الندوة الختامية التابعة لأنشطة وفعاليات الموسم الثقافي للعام الجامعي 2012/2013.
في البداية قال مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة الكويت أ.د.يعقوب الكندري: “جاءت ندوة اليوم لتركز على قضية جوهرية من قضايا التنمية والدور التنموي الذي تقوم أو يفترض أن تقوم به المرأة، فلا شك أن موضوع المرأة في المجتمع المحلي والمجتمع الخليجي بدأ يأخذ الاهتمام من الباحثين الاجتماعيين، ولقد أفردت العديد من الدراسات الاجتماعية الدور الذي تقوم به المرأة في المجتمع المحلي، ولقد ربط العديد من الباحثين قصور الدور التنموي الذي تلعبه هذه المجتمعات وأحد ابرز الاسباب يعود على إسهام متواضع للمرأة ودورها التنموي، وركزت العديد من الأدبيات أيضا والخاصة بأوضاع وقضايا المرأة العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة على الصعوبات التي تواجهها المرأة وتحد من تمكينها في جوانب وأبعاد مجتمعية متعددة تحيط بها تؤثر تأثيراً شديداً على تهميش دورها وعدم تحقيق قدر مناسب من العدالة بين الجنسين”.
وأضاف د.الكندري قائلا: “لقد أشارت تقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أنه بالرغم من بعض التحسن الكمي في قدرات المرأة العربية وبخاصة في التعليم والعمل، إلا أن هذا التحسن لم ينجح في تعديل المواقف والمعايير الاجتماعية المتحيزة ضد المرأة، ولقد جاءت المؤشرات الخاصة بالمرأة تؤكد إسهامها الفاعل في العمل والتعليم، فقد احتلت المراتب المتقدمة في سوق العمل المحلية وقدر إسهامها في قوى العمل المحلية إلى أكثر من 43% من إجمالي العاملين كأعلى معدل توظيف تقريبا في المنطقة والشرق الأوسط كما أشار تقرير المعهد العربي للتخطيط عن ذلك، و احتلت نسب مرتفعة فاقت الرجل في مراحل التعليم المختلفة ولا سيما التعليم العالي حيث تجاوزت 70% في بعض المؤسسات، إذ تقدر المؤشرات الكمية على تفوقها على الذكور في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي”.
وأشار د.الكندري بقوله: “على الرغم من أن هذه المؤشرات الإيجابية إلا أنها لا تعبر إلا عن جوانب كمية وليست نوعية، فلجأت المرأة كما الرجل إلى التركز في بعض الوظائف الخدماتية مع غياب وندرة في التعليم النوعي الذي يحتاجه المجتمع، فظل المجتمع في مواجهة أزمة تنموية شكلها ورسم كيانها الجنسين، وزاد على ذلك وضع المرأة في المجتمع الخليجي بشكل عام والمجتمع المحلي بشكل خاص في تهميش دورها في العديد من المواضع والتي لا تخلق مساواة أو بالأحرى عدالة اجتماعية تجعلها قادرة على الإسهام المفترض في العملية التنموية. فقد تعددت مشكلاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مواجهة المجتمع وذكوريته إن صحت التسمية، ولذلك جاء فكر التمكين لكي يعيد التوازن المختل والعدل الغائب بين حقوق المرأة وحقوق الرجل، بل لقد جاء هذا الفكر لكي يحد من الإشكاليات التي كانت تعاني منها المرأة العربية بصفة عامة والخليجية والمحلية بصفة خاصة”.
ومن جانب آخر قالت د.ندى المطوع: “تعتبر التنمية عملية اجتماعية واقتصادية وتربوية هادفة الى تعميق البعد الانساني وتنمية القدرات والمواهب وتامين الحياة اللائقة للإنسان، ويعتبر موضوع التنمية من اكثر المواضيع اهمية والتي يكثر النقاش حولها على مختلف الاصعدة المحلية والاقليمية والدولية، والورقة التي سأطرحها تتناول الجهود المبذولة في مجال المرأة و التنمية بأنواعها والتي تستحق الاهتمام ونتائجها تستحق المتابعة ومن ثم رسم استراتيجية للتطوير. لذا فالورقة تتناول موضوع التنمية الاقتصادية و المرآه من محاور متعددة مع التركيز على الفرص المتاحة امام المرأة والتحديات التي تواجهها في المجال الاقتصادي والتنموي”.
وأضافت د.المطوع بقولها: “تتميز الدراسة بتطبيقها لمراحل التخطيط التنموي في مجال المرأة, حيث تتناول المرحلة الاولى تحديد الأهداف والتوقعات للعملية التنموية و التحقق من وضوح الرؤيا،ثم تحديد متطلبات التنمية الاقتصادية ودراسة الفرص والتحديات التي تواجهها المرأة، و بعد ذلك تقييم الوضع الحالي من خلال اختبارات مراكز القوى والضعف لدى مؤسساتنا الإدارية تتلوها اختيار واختبار البدائل وتجهيز الخطط السنوية والفصلية المساندة واخر المراحل يأتي التطبيق من خلال استراتيجية تنفيذيه وواقعية، وتقدم الدراسة بعض الأفكار المقترحة حول تمكين المرأة ومواكبة الإصلاح الإداري لعملية التنمية”.
ونوهت د.المطوع لبعض النتائج والتوصيات منها الاسترشاد بتقارير المنظمات الدولية كالبنك الدولي والأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والتنمية الاقتصادية، و الحاجة الى الاهتمام بتطوير شبكات التواصل في المجال الاقتصادي لمساهمة في تمكين المرأة في المجال الاقتصادي، والحاجة الى الاهتمام بشكل خاص برائدات الاعمال و اصحاب الاعمال الصغيرة والمتوسطة من النساء، والحاجة الى الاهتمام بتمكين المرأة من المراكز القيادية والاستشارية لمواكبة الخطة التنموية، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة المرأة في عملية اتخاذ القرار في المجال التنموي،والحاجة الى توظيف التعليم لتعزيز فرص التمكين الاقتصادي للمرأة , فالنساء من خارج سوق العمل بحاجة الى التعرف على آلية الاندماج في برامج تعليمية ذات قيمة نوعية مميزة تحتوي على المهارات الاقتصادية”.
من ناحيتها قالت عروب الرفاعي: “ان التنمية هي عجلة تتكون من مجموعة حلقات، اولها تحديد القضايا والاحتياجات، يليها وضع خطط وجهود منظمة، يليها تفصيل آليات التنفيذ وادوات التقييم واخرها الوصول الى النتائج وتنمية المجتمع. ولكل فرد في المجتمع دور متوقع منه ضمن هذه الخطة، ونقصد بالدور هنا ان عليه واجبات وله حقوق تخوله ان يكون شريكا بالخطة او موضوعا لها”.
وأضافت الرفاعي إن هناك نوعين من الادوار للمرأة في التمية، دورها في التنمية كفرد في المجتمع عموما ودورها كفرد في الاسرة خصوصا، وبالنسبة لدورها كفرد في المجتمع نستهدف في هذا الجانب عدد من المحاور الاول عوائق تفعيل دور المرأة كشريك في قوة العمل، فبالرغم من الدور الكبير الذي تقوم به المرأة من خلال مشاركتها في قوة العمل الا انها تشتكي من ثلاث قضايا: الاولى هي الاسقف الزجاجية، ونقصد بها انه بينما عدد النساء كبير في قاعدة الهرم الوظيفي الا ان عددهن يقل كلما ارتفعنا في الهرم نحو المناصب الإشراقية والقيادية وكعضوات مجالس ادارات في الشركات الحكومية والخاصة وغيرها. وبالرغم من ان اكثر من سيدة نجحت في كسب قضايا ادارية رفعتها تظلما حين اشتكت على ان ترقيات اسندت للرجل على حسابها، الا ان بعض الوظائف القيادية ذات الطابع السياسي يمنع القانون التظلم بها، وبالتالي يهيمن عليها الرجال، كذلك فقد تناولت جمعيات النفع العام قضية الصورة النمطية للمرأة وحصر قدراتها الوظيفية بمهام تحتاج الى الاهتمام والرعاية كالتمريض والسكرتارية والتدريس، وكذلك سبق لنا التنبيه على ان المرأة يتم ظلمها في عملها بحجة انها تحمل وتنجب وترعى اطفالها، وبالرغم ان مشروع الانجاب هو مشروع مشترك بين فردين، الا ان الصورة النمطية للمرأة على انها المسؤولة الوحيدة عن هذا المشروع وتأثير ذلك على ترقياتها ومكانتها بالعمل يحتاج لإعادة دراسة. لقد اشرنا كجمعيات نسائية الى حلول كثيرة كالعمل الجزئي وحضانات العمل كحلول بعينها لكن لم يتم التجاوب مع مطالبنا”.
وأضافت الرفاعي قائلة: “بالنسبة للمحور الثاني فهي عوائق تفعيل دور المرأة كشريك في العمل الاهلي، فلقد ابدعت المرأة في العمل الاهلي وساهمت في دعم مشاريع التنمية من خلال ما تقدمه من اعمال تطوعية تخدم شرائح الفقراء والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة واعادة تأهيل النساء المتعثرات وبرامج الحضانة والطفل والاسرة فضلا عن نشاطها في مختلف النقابات وجمعيات النفع العام التي تهتم بحقوق الانسان والاقتصاد والاعلام وغيره. الا ان المرأة بل ومختلف جمعيات العمل الاهلي تحتاج الى مزيد من الدعم والتدريب ورفع القدرات ومراجعة التشريعات المعيقة لهذا العمل. ان اهتمام خطة التنمية برفع كفاءة العمل الاهلي عموما والمرأة خصوصا هو جزء ضروري لإنجاح تلك الخطة التنموية والمشاركة في تحمل اعبائها”.
وبالنسبة لدور المرأة في التنمية كفرد في الاسرة قالت الرفاعي: “نتناول هنا دور المرأة في اسرتها كزوجة وام، ودورها كحاضنة للمعاقين وكبار السن ضمن اسرتها، ودورها كفاعل في الشبكات الاجتماعية الاسرية، وبالتالي دورها كناشر للقيم كالمواطنة واحترام الكبار وغيره. من عوائق ادوار المرأة على المستوى الاسري عدم الاتفاق على صورة مقبولة للمرأة التي يريدها المجتمع بمعنى ماهي صورة المرأة التي نريدها كشريك في التنمية؟ هل الخطة التنموية ترى الاولوية لتشجيع الانجاب الان فتدعم هذا القرار؟ ام انها تريد المرأة موظفة؟ وفي اي وظائف؟ هل تحتاج الخطة التنموية الى تشجيع المرأة للعناية بكبار السن مثلا داخل اسرتها وبمقابل مادي ام انها لا تحتاج؟ هل هناك قيم معينة دينية واقتصادية واخلاقية يتم تشجيع النساء على بثها في اولادهن ام القضية تقديرية؟ ان عدم وضوع الادوار المطلوبة من المرأة في اسرتها وتضارب ما يقدمه الاعلام ومناهج المدارس حول دورها هو قضية معيقة ومقلقة، بالإضافة إلى توزيع الادوار التقليدي داخل الاسرة، فمن الضروري اعادة النظر في توزيع الادوار التقليدي في الاسرة وانحراف ميزان القوة لصالح الرجل وهو ما يتنافى مع الدين والعقل في بعض اجزائه. هناك ما يتعلق بالاعتقاد ان تربية الابناء مسؤولية الام تماما وهو دور تعجز الكثير من الامهات عن اتمامه دون شراكة من الاب او ولي امر الطفل، ونحتاج لخطة تنموية تدرب الجيل القادم على ان دور الاب او الولي مهم كمربي ومتابع لأسرته فضلا عن كونه معيل مالي. كذلك مازال المجتمع يروج صورا مفادها ان استقرار الزواج مسئولية المرأة مع اعفاء الرجل من ذلك، فتبدو المطلقة وكأنها هي من هدمت اسرتها بغض النظر عن دور الرجل في تحقيق الاستقرار. كما ان من حق المرأة ان تشعر بالتقدير بغض النظر عن وضعها الاجتماعي (مطلقة-ارملة-غير متزوجة) فهذا شأنها تماما كما يحصل مع الرجل”.
وأضافت الرفاعي: “هذا بالإضافة إلى عدم اعطاء المرأة حق نقل الجنسية لأبنائها وفي ذلك تمييز للرجل على المرأة حيث يفتح له الباب للزواج من خارج وداخل الكويت مع اختصاص الرجل بحق تجنيس زوجته فضلا عن اولاده، فيما لا تستطيع المرأة تجنيس الابناء والحصول على اقامة دائمة للزوج. والمزعج ان فكرة تجنيس الابناء ليست مرفوضة اطلاقا الا انها مشروطة بطلاق الزوجة طلاقا بائنا او وفاة الزوج. ان التنمية تحتاج الى امرأة تستشعر العدالة والرضا والاستقرار ولا تنمية مع تميز بين الطرفين دون سند من عقل او دين”.
قم بكتابة اول تعليق