بشار يهدد دول الخليج بجيش قاهر ويتوعد : قادمون

منذ بدأ الحراك السوري سلميًا، بادر الرئيس السوري بشار الأسد وأركانه نظامه إلى تعليق التظاهرات السلمية على مشجب الأجندات الخليجية، موجهين الاتهام إلى قطر والسعودية بالتدخل في الشؤون السورية الداخلية.

وحين نشبت الحرب الأهلية السورية، بسبب إصرار النظام السوري على كسر الإرادة الشعبية بِعَصا الشبيحة والجيش، تطور الاتهام بتغذية الجماعات المسلحة في حربها على النظام، ما مكنها من سحب بساط الكثير من المناطق السورية من تحت قدمي الأسد.

لكن النصلا في القصير، بعد انسحاب الثوار منها، وبعد عجز نخبة الجيش السوري وحزب الله عن دخولها خلال 17 يومًا من القتال الشرس، مدّ الأسد ونظامه بقدرات جديدة، ليس على القتال وإنما على الخيال، حتى دفعته مخيلته الواسعة إلى نشر رسمٍ متقن التفاصيل على صفحته في موقع فايسبوك التواصلي لقوات من الجيش السوري وهي في حالة غزو شامل وواضح لمدينة خليجية.

في هذا الرسم “المتقن”، يظهر جنود بعضلات مفتولة، مدججون بالسلاح حتى الأذنين، وخلفهم دبابات حديثة، وحوامات على علو منخفض، ومقاتلات تملأ السماء، وطائرات نقل هائلة يرمي المظليون أنفسهم منها، وفي الخلفية عمارات عالية، أشبه بالأبراج تنطح السحاب، حديثة الطراز، لن تجد مثلها في أي مدينة سورية، بالتأكيد، إذ لا مثيل لها إلا في الرياض أو الدوحة أو دبي أو أبو ظبي.

وفوق هذا الخليط الخيالي عبارة عسكرية تهديدية، تقول “الجيش السوري قد التحدي”، ثم كلمة “قادمون”.

وهذا الشعار يذكر بما تركه عناصر القوات السورية التي انسحبت من لبنان في العام 2005 من شعارات ملأت بها جدران المنازل التي كانت تحتلها، حتى في المراحيض، مثل “نسور في السماء أسود في الأرض”، وما شابه. إلا أن كلمة “قادمون” تحمل كل الوعيد المخزون في قلب الأسد، يفجره اليوم، وهو ينتشي بكأس شبه انتصار في مدينة صغيرة، أهلكها بالبراميل المتفجرة والقنابل الفراغية، ووعد حزب الله أن يقدمها له على طبق من فضة. وتذكر هذه الكلمة بشعارات حزب الله نفسه، حين أطلقها يومًا… “يا قدس قادمون”.

المدينة الظاهرة في الرسم لا يمكن أن تكون غير خليجية. فإن كان الأسد يهدد جواره، فليس في الجوار ما يشبه هذه الأبنية الحديثة والعصرية، ما يوحي فعلًا بأن الأسد يقصد من وراء ذلك تهديد الخليج برمته، متخذًا من هذه المدينة رمزًا.

وذكرت تقارير إن القائمين على الصفحة الرسمية للأسد في فايسبوك كتبوا خارج الرسم العبارة الآتية: “سوف يفهمها الحجر إن لم يفهمها البشر… الجيش العربي السوري إذا حارب انتصر”. ويتساءل المراقبون: “إن كان دخول القصير، المدينة الوحيدة التي عاد إليها الجيش السوري منذ عام من التراجعات، يفعل هذا في مخيلة الأسد، فماذا لو كان دخلها فعلًا بقوة جيشه، واعتقل من كان يحاربه فيها؟ لربما كان وضع نيويورك في خلفية هذه الصورة، أو واشنطن مثلًا”. ويرى هؤلاء أن هذه الصورة المركبة تشي بالحال النفسية التي وصل إليها الأسد، الحالم ليل نهار باستعادة سيطرته الكاملة على سوريا، كما كان الأمر قبل الثورة، خصوصًا بعد استعادته القصير.

فحتى في مقابلاته الصحفية وفي خطاباته العديدة منذ اندلاع الأزمة في بلاده، بدا للجميع منفصلًا عن واقع الحال، وكأنه يعيش في بلد غير سوريا، أو على كوكب غير الأرض. وها هو انفصاله النفسي هذا يدفعه إلى تهديد منطقة الخليج كلها، من خلال صورة أراد منها أن توقع في نفوس الخليجيين توترًا، وخوفًا من أن يستعيد الأسد قوته الأولى من جديد.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.