اقترح النائب تعديلات على القانون تجرم من يناشد او تدخل في عمل القاضي أو صاحب اختصاص قضائي.
وجاء في مقترح الفضل:
مادة أولى
يضاف إلى القانون رقم 16 لسنة 1960 المشار مادة جديدة برقم ( 147 مكرراً ) نصها الآتي : ( باسـتثاء ما يقدمه الخصوم أو وكلائهم أمام المحاكم ،يعاقب كل من ناشد قاض أو محكمة أو موظف ذي اختصاص قضائي باستخدام أي وسيلة من وسائل التعبير وكان من شأن هذه المناشدة التدخل في عمل من ذكروا أو الإملاء عليهم أو توجيههم في عملهم بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما يحكم بالعقوبات السابقة على كل من تجمهر أمام مرفق من مرافق القضاء .ولا يـــجـــوز تطبيق المواد 81 ، 82 ، 83 مـــن قانون الجزاء بأي حال على الجريمة المذكورة في هذا القانون ) .
مادة ثانية
يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون
مادة ثالثة
على رئيس مجلس الوزراء والوزراء – كل فيما يخصه – تنفيذ أحكام هذا القانون ، ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية .
***المذكرة الإيضاحية
تقوم الدولة الحديثة علي نوع من التوازن بين السلطات المختلفة داخلها . هذا التوازن يقتضي أن تستقل كل سلطة عن الأخرى وان تحد كل سلطة من جموح السلطات الأخرى . ومن أهم سلطات الدولة هي السلطة القضائية التي تمارس رقابة على أعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية وعلى سلوك الأفراد في المجتمع .
ولمبدأ ( استقلال القضاء ) مفهومين ؛ الأول مفهوم شخصي ، والثاني مفهوم موضوعي .
ويقصد بالمفهوم الموضوعي – كما قرره الفقه – استقلال سلطة القضاء كسلطة وكيان عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وعدم السماح لأية جهة بإعطاء أوامر أو تعليمات أو اقتراحات للسلطة القضائية تتعلق بتنظيم تلك السلطة ، كما يعني عدم المساس بالاختصاص الأصلي للقضاء ، وهو الفصل في المنازعات بتحويل الاختصاص في الفصل لجهات أخري كالمحاكم الاستثنائية ، أو المجالس التشريعية أو إعطاء صلاحيات القضاء إلى الإدارات التنفيذية ، وكذلك باعتبار القضاء سلطة وليس وظيفة .
أما المفهوم الشخصي فيقصد به – كما قرره الفقه – توفير الاستقلال للقضاة كأشخاص وعدم وضعهم تحت رهبة أي سلطة من السلطات وأن يكون خضوعهم لسلطان القانون فقط، ولتحقيق ذلك
حرصت الدساتير على إحاطة القضاة ببعض الضمانات التي من شأنها تحقيق ذلك الهدف ، وتوفير قدر من الضمانات الوظيفية لهم بما يكفل استقلالهم وعلى وجه الخصوص تجاه السلطة التنفيذية ، كجعل اختيار القضاء للوظيفة بيد السلطة القضائية ، وتوفير الحماية القضائية للقضاة للنأي بهم عن التهم الكيدية من السلطة التنفيذية ، وعدم جواز عزلهم بقرار من السلطة التنفيذية لعدم إعطائها فرصة للتدخل والضغط في الاتجاه الذي ترغب فيه ، وترك الأمر إلى السلطة القضائية نفسها ، وهذا أصبح مبدءاً عالمياً مهماً وفقاً لما ورد في الإعلان العالمي لاستقلال العدالة الصادر عن مؤتمر مونتريالفي كندا عام 1983 ، وكذلك في المبادئ الأساسية بشأن استقلال القضاء الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1985 والتي تعتبر الميثاق أو المرجع الدولي بشأن استقلال القضاء ، حيث نصت في البند الأول على أن : ( تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية ) ، فأصبح مبدأ استقلال القضاء مبدءاً دولياً هاماً يشكل التزاما دولياً على جميع الدول ، كما يعني المفهوم الشخصي عدم مسئولية القاضي تأديبياً أو مدنياً عن الأخطاء التي تصدر منه أثناء تأدية عمله ، إلا إذا وصلت إلى حد الغش أو الخطأ المهني الجسيم ، وذلك حتى تتوافر له حرية الاجتهاد في إصدار الأحكام وإبداء الآراء ولمنع الدعاوى الكيدية ضد القاضي ، بالإضافة إلى عدم جعل ترقية القاضي أو راتبه بيد السلطة التنفيذية أو التشريعية ، وإنما بيد السلطة القضائية حصرياً ، من أجل توفير الحصانة له من التأثير على حياده .
إن موضوع استقلال القضاء شأن يتجاوز بكثير حدود القضاة أنفسهم إذ أنه في جوهره وثيق الصلة بقضية العدل وميزان الحرية في المجتمع , وفي العالم المتحضر فإن قيمتي العدل والحرية تتأثران سلبا وإيجابا بمقدار ما هو متوافر من استقلال للقضاء في كل بلد , لذلك فإن الدفاع عن استقلال
القضاء والـتــشـبـث به , إنما في حقيقته هو الدفاع عن أنفسنا وعن المجتمع بأسره , وحين يستشعر القضاة قلقا من جراء نقصان استقلالهم , فإن ذلك القلق ينبغي أن ينسحب علينا تلقائيا ، فاستقلال القضاء ليس ترفاً ، وليس خياراً للشعوب ، وغير رهين بالأهواء والتوجهات التي يسير فيها الرأي العام ، بل هو حتمية حياة وضرورة ملحة يجب الوقوف عندها ومواجهة كل ما من شأنه مؤديا إلى جرح هذا الاستقلال ؛ لأن وجود سلطة قضائية مستقلة يعني وجود ضمانة قوية لسلامة تطبيق القانون في حيدة وموضوعية وفي مواجهة كل أطراف المنازعات ، وسواء كانت تلك المنازعات بين الأفراد وبعضهم البعض ، أو كانت بين الأفراد وبعض أجهزة الدولة ومؤسساتها .
وبالرغم من تحقيق الاستقلال للسلطة القضائية في الكويت عن السلطتين التشريعية والتنفيذية بموجب أحكام الدستور والقوانين ذات العلاقة ، إلا أن السلطة القضائية تعاني من القفز على استقلالها من قبل الرأي العام الكويتي .
ففي الآونة الآخيرة برزت ظواهر تمثل تدخلاً في عمل القضاء أو في عمل هيئات المحاكم خاصة في القضايا المصيرية المرتبطة بالرأي العام ، فأخذت هذه الظواهر عدة صور وأشكال وأساليب منها على سبيل المثال تجمهر الناس عند مرفق القضاء أو مناشدة القضاء لاتخاذ إتجاه معين في عمله .
ويستند ممارسين هذه الظواهر إلى أن الراي العام له رقابة على عمل السلطات الثلاثة في الدولة ومنها السلطة القضائية ، وهذا بحد ذاته لهو فهم خاطئ لا سند له في الدستور الكويتي أو في القانون ، لأنه وإن كان للرأي العام رقابة على عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية ، إلا أن رقابته تنحصر وتقف عند السلطة القضائية
والأسانيد الدالة على أن رقابة الراي العام لا تشمل السلطة القضائية وأنه لا ولايه لهذه الرقابة على السلطة القضائية نجده في الآتي :
أولاً – نصت المادة ( 53 ) من الدستور بأن : ( السلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير في حدود الدستور ) .
ويتضح من هذا الحكم الدستوري أن السلطة القضائية تتولى كافة أعمالها باسم الأمير وليس باسم الرأي العام حتى يمكن القول بأنه يجوز إطلاق العنان للرأي العام للتدخل في أعمال القضاء والرقابة على السلطة القضائية بأي وسيلة من وسائل التعبير ، وبأي شكل من أشكال التدخل كالقيام بالتجمهر أمام مرفق القضاء أو مناشدة القضاء للسير في اتجاه معين عند ممارسة أعماله .
فالدستور الكويتي قد خالف الدساتير الأخرى التي نصت بأن الأحكام تصدر باسم الشعب ، ومن هذه الدساتير التي خالفها الدستور الكويتي ما نص عليه الدستور المصري لعام 1971 وكذلك الدستور المصري الحالي في المادة ( 79 ) منه بأن : (تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب ….. ) .
كما أن الدستور الكويتي وإن نص في المادة ( 53 ) منه بأن: ( السلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير في حدود الدستور ) ، إلا أن التولي هنا هو شكلي لا أكثر ، ولا يجيز التدخل في أعمال القضاء وهو ما أكده الدستور في المادة ( 163 ) منه .
ثانياً – ونصت المادة ( 163 ) من الدستور بأن : ( لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه ، ولا يجوز بحال التدخل في سير العدالة ، ويكفل القانون استقلال القضاء ويبين ضمانات القضاة والأحكام الخاصة بهم وأحوال عدم قابليتهم للعزل ) .
وذلك الحكم الدستوري قاطعا لكل رأي يقول أن للرأي العام رقابة على أعمال القضاء ؛ لأنه إذا كان الرأي العام هو جهة من جهات الدولة التي لها اعتبار بقول المذكرة التفسيرية للدستور بأن : ( … وتوجد كذلك بصفة خاصة رقابة الرأي العام ) ، وقولها كذلك : ( ….. وتجاوب مع اتجاهات الرأي العام وأحاسيسه ) ، إلا أن المادة ( 163 ) من الدستور بينت وبوضوح أنه لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه ، وأنه لا يجوز للجهة بأي بحال التدخل في سير العدالة .
وبالتالي فإن الرأي العام يدخل في عداد الجهات المحظور عليها التدخل في سير العدالة مناط عمل القاضي ، سواء كان هذا التدخل بصورة رقابة منه أو بصورة التأثير على القاضي في عمله ، بل إن حكم المادة ( 163 ) من الدستور ذهبت لأبعد مدى في تحقيق استقلال القضاء وعدم جواز القيام بأي شكل من أشكال التدخل عندما قالت : ( لا سلطان ) ، حيث أن استخدم المشرع الدستوري في بداية نص المادة ( 163 ) من الدستور لحرف ( لا ) لهو مدلول أوسع من نهي الرأي العام عن التدخل في القاضي وأعماله إلى نفي هذا التدخل ، فحرف ( لا ) الذي استخدمه المشرع الدستوري في النص المذكر يعرف بأنه ( لا ) التبرئة ، أي تبرئة القاضي من أي سلطان عليه ومن ذلك فهو بريء من الرأي العام ورقابته فلا تمتد هذه الرقابة عليه .
ثالثاً – نصت المادة ( 115 الفقرة الأخيرة ) من الدستور بأن : ( ولا يجوز لعضو مجلس الأمة أن يتدخل في عمل أي من السلطتين القضائية والتنفيذية ) .
بما أن عضو مجلس الأمة يمثل الأمة بأسرها ، فهو بالتالي يمثل الرأي العام في مجموعة . ولما كان عضو مجلس الأمة هو الذي يمثل الرأي العام ومحظور عليه التدخل في عمل السلطة القضائية ، فإن الرأي العام محظوراً عليه أيضا التدخل في عمل السلطة القضائية ؛ لأن الحظر الذي يسري على الممثل الدستوري للرأي العام يسري تبعاً لذلك على الرأي العام ذاته .
رابعاً – إذا كان نظام الحكم في الكويت وفقا للمادة ( 50 ) من الدستور يقوم على فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية عن بعضها البعض ، إلا أننا نجد أن التصوير العام لنظام الحكم الوارد في المذكرة التفسيرية للدستور قد خلا من أي ذكر للسلطة القضائية .
وهذا الخلو لهو أمر يتفق مع استقلال السلطة القضائية ، لأن نظام الحكم وبعد تقريره لرقابة الرأي العام على السلطة التنفيذية والتشريعية ، فقد وضع ضابطاً لجميع المسائل المتعلقة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية والرأي العام وهو ضابط الملاءمة السياسية إذ قالت المذكرة التفسيرية للدستور : ( وفي النهاية فالمسألة قبل كل شيء مسألة ملاءمة سياسية تعبر عن واقع الدولة وتتخير أقدر الأصول النظرية على التزام الحد الضروري من هذا الواقع ) ، وهو ما يتفق مع ما جاء في قانون
تنظيم القضاء بأن السلطة القضائية محظور عليها العمل السياسي ، وهذا الحظر نصت عليه المادة ( 27 ) من القانون رقم 10 لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم رقم 23 لسنة 1990 كما أكدتهالمذكرة الإيضاحية لذات القانون بقولها : ( وحظرت المادة 27على القضاة إبداء الآراء السياسية ومن باب أولى فهو يحظر عليهم الاشتغال بالسياسة فعليا ؛ لأن ذلك يجعل لهم رأيا ظاهرا في الخلافات السياسية وهو ما يجب على القاضي الابتعاد عنه حتى يكون بمنأى عن الشبهات وحتى يطمئن إليه كل الأفراد ) .
وبالتالي فإذا كانت رقابة الرأي العام هي رقابة سياسية – كما هو مقرر – فإن إخراج السلطة القضائية من أحكام المذكرة التفسيرية المتعلقة بالتصوير العام لنظام الحكم ، يؤكد عدم استطالة تلك الرقابة على السلطة القضائية ورجالها وأعمالها ؛ فيكون خروج السلطة القضائية من عباءة رقابة الرأي العام يتفق مع ما قررته المذكرة التفسيرية بشأن ضابط الملاءمة السياسية لرقابة الراي العام ، فهذه الرقابة تخضع في ممارستها للملاءمة السياسية مما يستوجب أن تكون السلطة القضائية بعيده عن الملاءمات السياسية التي هي مناط رقابة الراي العام ، ومناط عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية .
خامساً – إن ما يؤكد أن الرأي العام ليس له رقابة على السلطة القضائية من حيث الرقابة على شخوص هذه السلطةأو الرقابة على أعمالها ، أن المشرع الدستوري قد حدد في المذكرة التفسيرية للدستور موقع ممارسة الرأي العام لرقابته ومكان انطلاقها وحدودها واتجاهها بأن جعلها موجهه للسلطة التنفيذية والتشريعية ، ولم يجعل هذه الرقابة موجهه للسلطة القضائية ، إذ قال المشرع الدستوري في المذكرة التفسيرية للدستور الآتي
أ – قالت المذكرة التفسيرية : ( ومن وراء التنظيم الدستوري لمسئولية الوزراء السياسية توجد كذلك وبصفة خاصة رقابة الرأي العام ) .
ويلاحظ هنا أن مكان رقابة الرأي العام وموقعها يكون باتجاه مواجهة السلطة التنفيذية باعتبار أن الوزراء في هذه السلطة هم الذين يترتب على أعمالهم مسئولية سياسية .
بل إن تلك الفقرة السابقة هي أول ذكر لرقابة الرأي العام من المشرع الدستوري ، حيث انطلق المشرع بهذه الرقابة نحو السلطة التنفيذية ولم يوجهها نحو السلطة القضائية ، ولو كان الأمر غير ذلك لذكرت السلطة القضائية في الفقرة سالفة الذكر من المذكرة التفسيرية التي كانت تلك الفقرة هي الذكر الأول لرقابة الرأي العام .
ب – قالت المذكرة التفسيرية : ( كما أن شعور الرجل السياسي الحديث بالمسئولية الشعبية والبرلمانية ، قد حملا الوزير البرلماني على التعجيل بالتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنه فاقد ثقة الأمة .
إن قول المشرع الدستوري في المذكرة التفسيرية ( ثقة الأمة ) يقصد يهذه الأمة الرأي العام ، كما يقصد ( بالوزير البرلماني ) هو الوزير الذي يحمل صفة عضو مجلس الأمة قبل أن يكون له صفة عضو في السلطة التنفيذية .
وبالتالي فإن اندفاع الوزير البرلماني للتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنه فاقد ثقة الأمة أي فاقد ثقة الرأي العام ، يؤكد أنرقابة الرأي العام التي دفعت الوزير البرلماني للتخلي عن منصبه الوزاري وعودته لمقاعد اعضاء مجلس الأمة أن هذه الرقابة موجهه للسلطة التشريعية وليست موجهه للسلطة القضائية ، ولو كان الأمر غير ذلك – اي كانت رقابة الراي العام موجهه للسلطة القضائية – لقالت المذكرة الإيضاحية بصورة مغايرة الآتي : ( كما أن شعور رجل القضاءالحديث بالمسئولية الشعبية ، قد حملا القاضيعلى التعجيل بالتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنه فاقد ثقة الأمة ) .
ج – قالت المذكرة التفسيرية : ( كما يدخل في الاعتبار من هذه الناحية ما عرفت به حكومة الكويت من حرص على مصالح المواطنين وتجاوب مع اتجاهات الرأي العام وأحاسيسه ) .
ويتضح هنا أن السلطة التي ألزمها الدستور بالتجاوب مع الرأي العام هي السلطة التنفيذية وليس السلطة القضائية ، وهذا يتفق مع ما أسلفناه أن رقابة الرأي العام تكون موجهه للسلطة التنفيذية وليست موجهه للسلطة القضائية ، فلو كانت رقابة الرأي العام موجهه للسلطة القضائية لألزمها الدستور بالتجاوب مع الرأي العام .
سادساً – قررت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 10 لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم رقم 23 لسنة 1990 بأن : ( إن القضاء يقوم بجانب السلطتين التشريعية والتنفيذية بأداء رسالة هي بطبيعتها مستقلة عن السلطتين ) .
لذلك فإن تقرير قانون تنظيم القضاء وهو قانون يعد مكملاً لأحكام الدستور من حيث الشكل ؛ لأنه نظم شكل السلطة القضائية ، بأنها ذات رسالة مستقلة في عملها وواجباتها ،يستتبع وبطبيعة الحال أنه مستقل عن الرأي العام ورقابته ، لأن الرسالة التي يؤديها الرأي العام في رقابته تختلف من حيث الشكل والموضوع عن الرسالة التي يؤديها القضاء .
وبناءً على تلك الأسباب التي تؤكد استقلال السلطة القضائيةعن الرأي العام ورقابته ، فلا يجوز توجيه أي قول أو عمل للسلطة القضائية ، ولا يجوز تبعاً لذلك مناشدة القضاء ورجاله أو الإملاء عليهم أو توجيههم ، وهو ما يجرمه النص المقترح لوضع حد للتدخل في السلطة القضائية .
فنصت المادة الأولى من مقترح القانون بأن يضاف إلى القانون رقم 16 لسنة 1960 المشار مادة جديدة برقم ( 147 مكرراً ) نصها الآتي :
( باستثاء ما يقدمه الخصوم أو وكلائهم أمام المحاكم ، يعاقب كل من ناشد قاض أو محكمة أو موظف ذي اختصاص قضائي باستخدام أي وسيلة من وسائل التعبير وكان من شأن هذه المناشدة التدخل في عمل من ذكروا أو الإملاء عليهم أو توجيههم في عملهم بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين .
كما يحكم بالعقوبات السابقة على كل من تجمهر أمام مرفق من مرافق القضاء .
ولا يجوز تطبيق المواد 81 ، 82 ، 83 من قانون الجزاء بأي حال على الجرائم المذكورة في هذا القانون ) .
وإيضاحا لهذا النص فإنه يقصد باستخدام أي وسيلة من وسائل التعبير أي استخدام القول أو الصياح أو الكتابة من خلال كافة الوسائل المرئية والمطبوعة والإلكترونية .
أما المناشدة فيندرج تحتها إلى كافة أنواع المناشدات سواء اتخذت صورة رجاء أو تمني أو تهديد أو طلب أو أمر .
وبالنسبة للنتيجة المكملة للركن المادي لهذه الجريمة فهي تخضع لتقدير محكمة الموضوع تحت رقابة محكمة التمييز بأن يكون القصد من المناشدة التدخل في عمل القاضي أو التدخل في عمل المحكمة أو التدخل في عمل أي موظف ذي اختصاص قضائي – وعلى سبيل المثال كرجال النيابة العامة أو قضاة التنفيذ – أو الإملاء على من ذكروا أو توجيههم في عملهم .
واستثناءاً من النص المقترح فإن المناشدات التي يقوم فيها الخصوم أو وكلائهم في الدعاوى المنظورة لهم أمام المحاكم في الدفاع الشفوي أو المكتوب المقدم منهم ، يخرج عن تطبيق النص المقترح ؛ لأن هذه المناشدات تعد من أوجه الدفاع المشروعة بشرط ألا تكون تلك المناشدات خارج المكان الطبيعي لنظر قضاياهم أي أن تكون أمام المحكمة التي تنظر قضاياهم .
كما أن النص يطبق على كل من يتجمهر أمام أي مرفق من مرافق القضاء كالتجمهر – على سبيل المثال – أمام قصر العدل أو مقرات المحاكم في الأماكن الأخرى .
ولتحقيق الردع الكامل لكل من يتدخل في عمل القضاء فإن النص المقترح قضى بأنه لا يجوز تطبيق المواد 81 ، 82 ، 83 من قانون الجزاء بأي حال على الجرائم المذكورة في هذا القانون .
ونصت المادة الثانية بأن يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون ، كما نصت المادة الثالثة بأن على رئيس مجلس الوزراء والوزراء – كل فيما يخصه – تنفيذ أحكام هذا القانون ، ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية .
قم بكتابة اول تعليق