يقال إن العبقري الملك عبدالعزيز بن سعود، طيب الله ثراه، عندما حكم ووجد أن الأمن مستباح والقتل قائم، أعلن أنه لا قتيل يقع إلا وبالقرب منه قاتل يؤخذ الحق منه، وان لم يوجد أخذ رجل من أقرب بيت لموقع الجريمة وطبق القصاص عليه، ولما عرف الناس أن هناك محاسبة شديدة على كل جريمة ترتكب وكل خطأ يقع استتب الأمن ولم يطبق قانون البيت الاقرب لموقع الجريمة كونه أدى وأوفى بالغرض.
*****
يتزامن هذه الايام حادث حريق سوق الفلاجيو في قطر والاجراءات الشديدة والرادعة التي صاحبته مع فضيحة مليارات «الداو» التي بدأ الناس يشعرون مع كل يوم يمر بأنها ستذهب «سهود ومهود» وسيصبح الفاعلون شهودا ولن يحاسب أحد على ما حدث وسيبقى المسؤولون في مواقعهم اقتداء بتجربة سوق المناخ، وهي أكبر كارثة مالية وحادثة نصب في تاريخ الانسانية ولم يحاسب أو يسجن أحد من فرسانها وفاعليها حتى ليوم واحد.
*****
فآخر من تمت محاسبته على خطأ أو جريمة ارتكبت بحق الكويت هو فراش البلدية الشهير، وقد بدأ بلدنا منذ أن توقف عن محاسبة المخطئين والمتجاوزين بل ومكافأتهم وفي المقابل محاسبة ومعاقبة الاكفاء والأمناء والمجدين، بعمليات تراجع وتأخر واسعة في كل المجالات حتى سبقنا الآخرون بسنوات وعقود ويبقى من يتساءل عن سبب تخلفنا وتقدم الاشقاء وسبب تراجعنا في مؤشرات الشفافية العالمية؟! عدم المحاسبة هو السبب الرئيسي!
*****
وأخطاء فادحة شهدناها خلال السنوات الماضية ولم يحاسب أو يعاقب أو يعف من نصح وأشار بها مما تسبب في توريط القيادات السياسية بمواقف كان لها أفدح الضرر عليها وعلى البلد والنظام بالتبعية دون أن يسمع أحد بمحاسبة لاحقة لمن دعا وشجع على اتخاذ مثل تلك المواقف التي دخلت التاريخ، ألم يحن زمن المحاسبة والإعفاء والتغيير والتطهير على كل المستويات ومعها توقف القيادات السياسية عن أن تصبح مصدا لأخطاء الآخرين من القريبين أو البعيدين؟!
*****
آخر محطة: يروي التاريخ أن الخليفة معاوية بن أبي سفيان أوصى حين موته بأن يدفنه باللحد الداهية عمرو بن العاص، فلما تم ذلك الأمر رفع الخليفة الجديد يزيد بن معاوية السيف على ابن العاص واشترط عليه أن يعلن البيعة له أو أن يدفنه بالقرب من صاحبه، فأعطى عمرو بن العاص البيعة مرغما وقال ليزيد مشيرا للجثمان «لقد حفظ لكم الملك حيا وميتا». وكم في التاريخ من حكايات وعظات وعبر.
samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق