حذر النائب السابق عادل الصرعاوي من تغيير قانونb.o.t، مؤكدا انه حفظ المال العام من النهب والسرقة، وتساءل: ان كان القانون الحالي عطل مبادرات القطاع الخاص، فأين مبادرات الحكومة التي يرتكز عليها القانون، مقدما دراسة وافية عن القانون من كافة جوانبه، تنشرها “هنا الكويت”:
تتداول الأوساط البرلمانية منذ فترة ليست بالقصيرة مطالب مختلفة بتعديل قانون الـ b.o.t ، لأسباب مختلفة، ويعلم الجميع ان ليس هناك قدسية للقانون تحول دون التعديل علية كلما كان هناك ضرورة لذلك، ولا يمكن مصادرة حق الآخرين باقتراح ما يرونه من تعديلات، ولنا الحق بتقييم هذه الاقتراحات وابداء الرأي حولها، ولكن لابد ان نتذكر جيدا ان هذا القانون تمت محاربته من البعض قبل تقديمه وأثناء مناقشته وبعد صدوره، كونه يحد من الهيمنة على أراضي أملاك الدولة والاثراء على حساب المال العام.
فان كان هناك اتهام للقانون بأنه جاء كرد فعل على بعض الممارسات فمن باب أولى اتهام التعديلات المقدمة بأنها ردة فعل غير مبررة لشيء مبهم وغير واضح.
ان كان القانون الحالي عطل مبادرات القطاع الخاص، فأين مبادرات الحكومة التي يرتكز عليها القانون خصوصا ان القانون شرع بالدرجة الأولى لتنظيم مبادرات الحكومة، فان لم يكن للحكومة مبادرات فليست المشكلة بالقانون بل بالحكومة مع الأسف، فقد استطاع معارضو القانون اعلاميا ان يقنعوا الرأي العام بان القانون عطل مبادرات القطاع الخاص، بينما هو من وضع أصلا بمبادرات الحكومة.
ومن الانتقادات التي وجهت للقانون أنه عرقل التنمية في حين ان الواقع يؤكد أنه حفظ أملاك الدولة من النهب والهبات.
وبقناعتي ان التعديلات المقدمة هي ردة تشريعية وتأطير للعبث بأملاك الدولة، وأتمنى أن لا يكون لقرب انتهاء بعض عقود أملاك الدولة اسقاطات من شأنها الاستعجال باقرار التعديلات على القانون.
القيمة الإيجارية
وأطالب الجميع بالاطلاع على تقرير وزير المالية بشأن تطبيق نص المادة 18 من القانون رقم 7 لسنة 2008 والخاصة بتقديم تقرير يتضمن كشفا تفصيليا بجميع المشروعات المشار اليها بالمادة 3 من القانون، مرفقا به كشف يتضمن اسم المشروع واسم المستثمر وتاريخ العقد وتاريخ انتهاء العقد،وفترة التشغيل والموقع والمساحة والقيمة الايجارية.
ومن الظلم اتهام القانون بأنه أوقف المبادرات، في حين انه قنن المبادرات العبثية التي كان الهدف منها الاستيلاء على أراضي أملاك الدولة، في حين ان التعديلات المقترحة الهدف منها إرجاع الوضع إلى ما كان علية من فوضى ونهب منظم لأملاك الدولة.
ديوان المحاسبة
ووفق المعلومات المتاحة فانه من المستغرب أن يتم تجاهل رأي ديوان المحاسبة بالتعديلات المقترحة وعدم دعوته من قبل اللجنة المالية للمشاركة في اجتماعات اللجنة إلا إذا كانت هناك قناعة مسبقة بان الديوان سيبدي ملاحظات بعكس اتجاه التعديلات المقترحة.
الخلفية التاريخية لصدور القانون:
الأسس التي استند اليها عند إعداد مشروع القانون الحالي هي:
1ــ تقرير ديوان المحاسبة بشأن بعض جوانب التصرف في أملاك الدولة العقارية والصادر بشهر سبتمبر 2005.
2ــ وتقرير ديوان المحاسبة بشأن تكليف مجلس الأمة الخاص بعقود B.O.T البناء والتشغيل والتحويل الصادر بشهر أغسطس 2006.
3ــ تقارير اللجنة العليا للتنمية وإصلاح المسار الاقتصادي (الأمانة العامة) 2003.
4 ــ دراسة ديوان المحاسبة بشأن استغلال أملاك الدولة في المشاريع التنموية.
5 ــ الأحكام القضائية بفسخ كثير من العقود نتيجة التجاوزات الصارخة والإضرار بالمال العام.
تشريع جديد
ولو اطلعنا على هذه التقارير نجد أنها أكدت على مجموعة من الملاحظات الواجب أخذها بالاعتبار، وترتكز بالدرجة الأولى على إصدار تشريع جديد موحد لتنظيم عمليات المبادرات وهو ما اخذ بالاعتبار عند إعداد قانون B O T الحالي، حيث ترتكز الملاحظات بالتالي:
تبين للديوان ان هناك حاجة لإصدار تشريع خاص ينظم التعامل بشأن الأراضي المملوكة للدولة ملكية عامة أو إضافة مواد جديدة تعالج هذا الموضوع ضمن المرسوم بالقانون رقم 105 لسنة 1980 في شأن نظام أملاك الدولة
ملاحظات
تعكس نتائج الكثير من تقارير ودراسات ديوان المحاسبة الى مجموعة من النتائج والتوصيات التي منها ما يلي:
● أتمنى أن يطلع الجميع حكومة ومجلس ومختصين ومهتمين على تقرير ديوان المحاسبة بشأن تكليف المجلس الخاص بعقود البناء والتشغيل والتحويل الصادر بشهر أغسطس 2006 وبالأخص المأخذ التي شابت بعض العقود المبرمة مع وزارة المالية والهيئة العامة للصناعة والإدارة العامة للجمارك والطيران المدني ووزارة الأشغال العامة وشركة المشروعات السياحية والهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية.
● تعدد الجهات الحكومية التي تقوم بدراسة وإقرار ومنح تراخيص بمبادرات وغياب التكامل والتنسيق الفعال فيما بينها.
● مدى حاجة البلاد لمشاريع المبادرات ومدى ارتباطها بخطة التنمية غير واضحة، حيث تعالج ويتم الأخذ بها عند عرض فكرة كل مبادرة وليس هناك معايير معدة من قبل الجهات الحكومية لتحديد مدى وحاجة المجتمع والاقتصاد الوطني الى بعض أنواع المبادرات ولا الأولويات التي من خلالها تعطي الفرصة للمستثمرين.
● تبين للديوان ان هناك حالة تمت فيها زيادة المساحة المخصصة لأحد مشاريع المبادرات دون ان ينعكس ذلك على القيمة الايجاريه.
● غياب كثير من الموافقات التي صدرت من الجهات الحكومية مراجعة والتحقق من الملاءة المالية للمستثمر ومدى قدرته على التنفيذ وجديته، إضافة إلى ضعف دراسات الجدوى الاقتصادية المقدمة وخلوها من العديد من المتطلبات التي تستوجب المنهجية العلمية ضرورة وجودها في دراسات الجدوى الاقتصادية.
● بدء بعض الشركات بالبناء قبل إصدار الرخص اللازمة او إبرام العقود مع بعض الجهات الحكومية، مما يشير الى عدم اكتراث تلك الشركات بموافقة تلك الجهات ووضعها أمام الأمر الواقع بسبب قيام بلدية الكويت بتسليم الأراضي لبعض الشركات وإصدار رخص البناء لهم قبل قيامهم بإبرام العقود.
قراءة للتعديلات المقترحة:
بعد الاطلاع على التعديلات المقترحة على القانون رقم 7 لسنة 2008 بتنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل والأنظمة المشابهة وتعديل بعض أحكام المرسوم بالقانون رقم 105 لسنة 1980 في شأن نظام أملاك الدولة نود ان نبين:
1 – بعض التعديلات المقترحة هي بحقيقتها مبادرة من شانها تشجيع التعدي على أملاك الدولة وليس تنظيما للمبادرات.
2 – التعديل المقترح للسماح للجهات العامة والشركات التي تدير أملاك الدولة لطرح المزايدات لخدماتها، هو بحقيقة الأمر تجاهل لملاحظات ديوان المحاسبة وفق التقارير السابق الإشارة إليها والتي تنص على ما يلي:
أ – (انه تسهيلا على المستثمرين واحكاما لآليات التقيد بأفكار للمبادرات وما تبعها من دراسة وموافقة وعقود فانه من الأفضل أن تكون وزارة المالية هي الجهة المختصة بذلك، والتي تقوم نيابة عن الجهات الحكومية، وبالتالي الدولة بتوقيع العقود ومتابعة المستثمرين ومراقبة أدائهم والتزاماتهم).
ب – تحديد لجنة مركزية في الدولة تتولى المبادرات التي تهدف الى استغلال أملاك الدولة العقارية (عامة/خاصة) يضم لها أعضاء من الجهات الحكومية المعنية ويوضع لها تحت تصرفها الكوادر الفنية اللازمة ويكون اختصاصها:
1 – تلقي طلبات المبادرات.
2 – إجراء الدراسات اللازمة بشأن المبادرة.
3 – تقديم نتائج الدراسات والتوصيات اللازمة لوزارة المالية لاتخاذ القرار المناسب بشأن إبرام العقد.
والسؤال هنا: ما القيمة المضافة لان تقدم المبادرات لمشاريع تنموية تقدر بملايين الدنانير من أفراد أو مؤسسات فردية، علما بأنها مشاريع عملاقة تحتاج إلى خبرات وإمكانات مالية متوافرة بالشركات والكيانات الاقتصادية أفضل بكثير من الأفراد والمؤسسات الفردية نظرا لكونها تتطلب رأسمال كبير وحتى لا تتحول إلى مشاريع تنفيع وتيسير للبعض للإثراء على حساب المال العام.
فالسماح للأفراد بتقديم مبادرات تنموية بملايين الدنانير، تعيد للأذهان المبادرات التي تكتب بخط اليد بقصد الحصول على أراضي أملاك الدولة بأقصر الطرق مما يشجع على نهب المال العام.
دراسات الجدوى
ما القصد من إعفاء المبادرين من تقديم مخططات للمشاريع المبادرين فيها والاكتفاء فقط بدراسات الجدوى؟ وهل يعقل أن تقر مشاريع تنموية من دون مخططات تفصيلية للمبادرات المقدمة؟ كل ذلك على حساب المال العام، حيث تشير ملاحظات ديوان المحاسبة إلى ما يلي:
(انه من العدالة أن يشترط توافر دراسة جدوى اقتصادية حقيقية لمشاريع المبادرات مع معايير اقتصادية واقعية تضعها الجهات الحكومية لقياس المحاور الرئيسية المالية والاقتصادية ومراحل التطوير المتوقعة، وان يكون المردود المالي للدولة تصاعديا، خاصة بعد استرداد رأس المال المستثمر وبشكل متدرج حتى يصل إلى ما نسبته %50 كإيراد للدولة من مجمل عوائد المشروع) فهل بعد ذلك يراد ضرب عرض الحائط بملاحظات ديوان المحاسبة؟
نجد ان التعديل على المادة 10 والخاص بإلغاء دفع مقابل حق الانتفاع هو تقنين للعبث بالمال العام، فهل يعقل بعد مضي 35 سنة لتطبيق القانون نأتي الان لإلغاء مقابل حق الانتفاع علما بان الأسعار المعمول بها حاليا هي أسعار اقل بكثير من القيمة السوقية لأراضي أملاك الدولة كل ذلك من باب التشجيع فلم يكتف حتى بالأسعار الرمزية ونأتي الان لنشرع لالغائها.. فهذا أمر في غاية الغرابة؟!
اللجنة العليا
يشير التعديل على المادة 11 الى إضافة اختصاص جديد للجنة العليا، يتمثل بمنح الموافقات اللازمة لشروط التمويل للجهات الممولة للمشروعات وتدخل مباشر بأعمال البنك المركزي كونه مسؤولا عن السياسة النقدية ويعيد للأذهان المحاولة السابقة بإيجاد مصادر لتمويل المشاريع التنموية من خارج الجهاز المصرفي، التي سبق أن تصدينا لها، حيث كان من الواجب استعداء المختصين بالجهاز المصرفي لاستطلاع رأيهم بهذا الخصوص.
ومن الغرائب في التعديلات أن تكون هناك قدرة على تقدير قيمة حق الانتفاء، ولا تكون هناك قدرة على تقدير القيمة السوقية لأرض المشروع، علما بان هناك الكثير من المشاريع التنموية استطاعت الكثير من المكاتب الاستشارية والمتخصصة العقارية منها أو المالية من تقدير قيمة تقديرية لأراضي أملاك الدولة.
الخاتمة
ملاحظاتنا هذه بطبيعتها أولية كون ان تقرير اللجنة لم يصدر حتى تاريخه، إنما كانت عبارة عن قراءة من واقع الاقتراحات المقدمة للتعديل على القانون الحالي، مستغربين بهذا الصدد الاستعجال غير المبرر لانجاز هذه التعديلات، والتي قد يفهم منها بأنه مطلوب الانتهاء منها قبل صدور حكم المحكمة الدستورية المرتقب بتاريخ 6/16 القادم، متمنيا بهذا الصدد التريث بالانتهاء من إقرار التعديلات لإخضاعها لمزيد من الدراسة والتقييم، بدلا من التسابق مع الزمن بانجازها، والتي قد تكون بالنهاية على حساب التشريع، وبالتالي على حساب أملاك الدولة والمال العام.
قم بكتابة اول تعليق