مع احتشاد قوات نظام بشار الأسد وحلفائه من مقاتلي حزب الله حول حلب استعدادًا لهجوم لإستعادة المدينة انطلاقًا من المكاسب الميدانية التي حولت اتجاه رياح الحرب، أبدت السعودية مجدداً استنكارها لـ “التدخل السافر” لحزب الله في سوريا، بينما توقع وزير إسرائيلي أن يكون النصر لصالح الأسد في النزاع.
و على وقع تداعيات الساعات الأخيرة لما قبل هجوم القوات النظامية السورية على مدينة حلب، أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مباحثات مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس في باريس الاثنين بحضور الأمير بندر بن سلطان، كما حضر الاجتماع سفير السعودية لدى فرنسا الدكتور محمد آل الشيخ.
وقالت مصادر قريبة من الاجتماع إنه خصص لدراسة الوضع في سوريا على ضوء التطورات العسكرية الميدانية المتلاحقة في الأسابيع الأخيرة. وعبر الطرفان السعودي والفرنسي عن قلقهما لما هو حاصل وعن شعورهما بـ”حرج الموقف والحاجة إلى القيام بعمل سريع وطارئ”.
ونقلت صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية عن تلك المصادر قولها إنه انطلاقًا من حالة التشخيص المشتركة، عرض الجانبان “جملة احتمالات لتعبئة دولية” من أجل البحث عن حلول ما لما يدور في سوريا، حيث تتميّز المرحلة الحالية على حد قول المصادر المشار إليها بـ”انخراط غير مسبوق لإيران وحزب الله” في الحرب على المعارضة.
ونقلت هذه المصادر أن ثمة “رغبة مشتركة في منع كسر شوكة المعارضة العسكرية” بالنظر لما لهذا الأمر من انعكاسات سياسية ستنسحب على الجهود من أجل الدعوة إلى مؤتمر جنيف 2.
وتزامناً، فقد اعلن مسؤولون الاثنين أن وزير الخارجية الاميركي ارجأ زيارة مقررة هذا الاسبوع الى الشرق الاوسط للمشاركة في اجتماعات مهمة في البيت الابيض حول سوريا.
وصرحت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي في البيت الابيض برناديت ميهان لفرانس برس أن الرئيس باراك اوباما طلب من “فريقه للأمن القومي الذي يضم كيري، بحث كل الخيارات الممكنة التي تسمح لنا بتحقيق اهدافنا لمساعدة المعارضة السورية (…) وتسريع الانتقال السياسي في سوريا ما بعد الاسد”.
واوضحت أنه تم تحضير “مجموعة خيارات للرئيس”. ويخضع اوباما لضغوط نواب جمهوريين وحتى من معسكره الديموقراطي منذ اشهر لتسليح المعارضة السورية.
واعتبر وزير الشؤون الدولية والاستراتيجية والاستخبارات الاسرائيلي يوفال ستاينيتز أن الرئيس السوري يمكن أن ينتصر في النزاع الذي تشهده بلاده بفضل مساعدة ايران وحزب الله الشيعي اللبناني
إلى ذلك، اعتبر وزير الشؤون الدولية والاستراتيجية والاستخبارات الاسرائيلي يوفال ستاينيتز أن الرئيس السوري يمكن أن ينتصر في النزاع الذي تشهده بلاده بفضل مساعدة ايران وحزب الله. وقال وزير المخابرات الاسرائيلي يوم الاثنين إن الغلبة في الصراع الدائر في سوريا منذ أكثر من عامين قد تكون من نصيب الرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران وجماعة الحزب.
وعلى الرغم من أن أعضاء آخرين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سرعان ما تنصلوا من هذا التقييم، فإنه يعكس الصعوبات التي تواجه إسرائيل والدول الغربية في التكهن بمصير سوريا والتفكير في التدخل.
وسُئل يوفال شتاينيتز وزير الشؤون الدولية والاستراتيجية والمخابرات خلال مؤتمر مع صحافيين أجانب عما إذا كانت النجاحات التي حققتها قوات الأسد في الآونة الأخيرة في مواجهة مقاتلي المعارضة تؤذن بانتصار الرئيس السوري فقال: “كنت دائمًا أعتقد أن اليد العليا ربما تكون في النهاية للأسد بدعم قوي من إيران وحزب الله”.
وأضاف “وأعتقد أن هذا ممكن وكنت أعتقد بالفعل منذ فترة طويلة أنه ممكن”. وقوبلت تصريحات شتاينيتز بفتور من وزارتي الدفاع والخارجية. وقال دبلوماسي اسرائيلي طلب عدم نشر اسمه “هذا تقييم شتاينيتز الشخصي الذي يستند إلى معلومات .. أو هو بالأحرى تقييم جزافي”.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير: “كان شتاينيتز يعبّر عن تقييمه الشخصي للوضع. الحكومة الإسرائيلية تتابع الوضع من دون أن تنحاز إلى أي جانب”. وفي تلميح لتفوق القوة العسكرية الإسرائيلية قال شتاينيتز “من مصحلته (الأسد) ألا يستفزنا للتدخل”.
وشتاينيتز ليس عضوًا في الحكومة الأمنية المصغرة لكنه مطلع على أحدث معلومات المخابرات وله كلمة مسموعة لدى نتنياهو. وقال إن حكومة الأسد “ربما لا تبقى فحسب بل وتستعيد أراضي أيضًا” من مقاتلي المعارضة.
ورفض الإدلاء بمزيد من التصريحات بشأن احتمال انتصار الأسد وأرجع ذلك إلى سياسة إسرائيل بعدم التدخل علنًا في شؤون سوريا. وردًا على سؤال عمّا إذا كانت لدى إسرائيل توقعات رسمية من أجهزة المخابرات بشأن الوضع في سوريا، قال المسؤول “يتغيّر الوضع بشكل شبه يومي وبالتالي تتغيّر التقييمات”.
وفي يونيو 2011 بعد ثلاثة أشهر فقط من بدء الانتفاضة السورية باحتجاجات سلمية توقع وزير الدفاع الاسرائيلي في ذلك الحين ايهود باراك سقوط الأسد “خلال أسابيع”.
وبعد مرور أشهر وتحول الانتفاضة إلى صراع مسلح، قال مسؤول إسرائيلي رفيع إن باراك كان يحاول تشجيع خصوم الأسد على الإسراع بالإطاحة به، وهي نتيجة كانت تعتبرها اسرائيل حتمية في ذلك الوقت.
لكن حكومة نتنياهو الحالية تبدو أكثر حذرًا نظراً لحفاظ عائلة الأسد على الاستقرار في جبهة الجولان طوال 40 عامًا. ولا تريد إسرائيل حدوث فوضى هناك خاصة في ظل تقديراتها بأن واحدًا من كل عشرة مقاتلين مناهضين للأسد من الإسلاميين المتشددين.
ويقول مسؤولون حكوميون أيضًا في أحاديث خاصة إنهم حثوا نظراءَهم الغربيين على التفكير بعناية في أي مساعدات يقدمونها لمقاتلي المعارضة السوريين خشية استخدام الأسلحة في نهاية الأمر ضد إسرائيل.
قم بكتابة اول تعليق