الصرعاوي يسأل عن الاتحاد الخليجي: من المستفيد؟ ومن المتضرر؟

لقد كان للقمة التشاورية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في منتصف الشهر الماضي اهتمام خاص، سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي وحتى الشعبي، وذلك من خلال تناولها مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بشأن قيام الاتحاد الخليجي، حيث لاحظ الجميع الرأي والرأي الآخر بشأن مبادرة الاتحاد، فكان هناك المؤيد – وبشدة – لقيام هذا الاتحاد، كما كان هناك المعارض – وبشدة – لهذه المبادرة، وبينهما المتحفظ ولكل منهم أسبابه ومبرراته، عطفا على انها أخذت الاهتمام الكافي – بوجهه نظري – من بعض المتخصصين والمهتمين بالشأن السياسي والقانوني والأمني والدستوري، كلٌّ وفق مرئياته، آخذين بالاعتبار الإسقاطات التاريخية لتجربة مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه وحتى تاريخه، سواء على المستوى العسكري أو الأمني او الاقتصادي وغيرها من القطاعات، التي تعكسها كثير من الاتفاقيات الموقعة منذ سنوات مضت ولم تفعل حتى تاريخه، ولعل موضوع العملة الموحدة خير مثال، والخلاف الذي صاحبها على مقرها.

الحراك الشعبي

إن الحراك السياسي الشعبي حول الاتحاد الخليجي هو حراك مستحق وطبيعي، سبقنا إليه كثير من دول العالم عند دخولها مثل هذه المنعطفات التاريخية – أعني دخولها في اتحادات إقليمية أو دولية – ولنا في ذلك الاتحاد الأوروبي، الذي طالما – وما زلنا – ننظر اليه على انه أكثر تنظيما، وربما اكبر نضجا شعبيا، لكونها دولا ديموقراطية مهيأة لمثل تلك الاتحادات أو الاندماجات، حيث شاهد الجميع طبيعة الحراك الشعبي المناهض لهذا الاتحاد، مما حدا ببعض الدول للرجوع إلى شعوبها لاستفتائهم حول مستقبل هذا الاتحاد، كل وفق نظامه الدستوري، وعنده كان الحديث على ان هناك دولا مستفيدة من هذا الاتحاد. وفي المقابل، هناك دول متضررة وها هم بالأمس يتحدثون عن دستورٍ واحدٍ.

اختلاف جذري

بطبيعة الحال، فان المثال الخليجي يختلف اختلافا جذريا جراء التباين في الأنظمة الاقتصادية والسياسية وهامش الحريات بين دوله، الأمر الذي يعتقد معه استحالة أن تكون هناك أي حالة التقاء بين دول الاتحاد الخليجي.

إن تجربة الاتحاد الأوروبي جديرة بالاهتمام والدراسة، حيث إنني أتذكر في أحد لقاءاتنا مع د. عبدالله القويز الأمين العام المساعد الأسبق لمجلس التعاون الخليجي في بداية التسعينات للحديث حول الاتفاقية الاقتصادية، كان يذكرنا بأنه ما زال الوقت مبكراً للحديث عن نجاح لتجربة التعاون الخليجي، حيث إن الدول الأوربية أمضت سنوات كثيرة ولم تصل الى الاتحاد – ذلك الوقت بداية التسعينات – وعليه، فان أمامنا كثيراً أيضا للوصول الى التعاون، وها هي تجربة الاتحاد الأوربي تحقق النجاحات تلو النجاحات، وان كان هناك بعض العثرات ببعض القطاعات، إلا أنها تجربة تستحق الدراسة. فهي قد تكون ناجحة على مستوى السياسات الخارجية على حساب السياسات الاقتصادية.

إن كنا نؤكد مرة أخرى مشروعية التحفظ والتخوف من مفهوم الاتحاد الخليجي، لكننا نعتقد ان هناك مجموعة من الأسئلة المشروعة، الواجب الإجابة عنها، حتى يمكن الحكم على الاتحاد الخليجي في ظل غياب المعلومة والتعتيم الإعلامي لإطار وصيغة هذا الاتحاد، وهي التالي:

1 – هل تجربة مجلس التعاون الخليجي مشجعة لقيام الاتحاد الخليجي؟

2 – هل حقق مجلس التعاون الخليجي التكامل المنشود، وفق تطلعات شعوب المنطقة، يشجع لقيام الاتحاد في ما بينه؟

3 – هل شجع مجلس التعاون الخليجي المشاركة الشعبية في ما يطرح من موضوعات وقضايا تهم شعوب المنطقة؟

4 – ما الفرق بين منظومة مجلس التعاون الخليجي وقيام الاتحاد الخليجي؟

5 – هل المطلوب أولا الدخول بالاتحاد في السياسة الخارجية والأمن الخارجي قبل الحديث عن اتحاد خليجي متكامل؟

6 – هل هناك قصور اعلامي في شرح وتوضيح الإطار العام للاتحاد الخليجي؟

7 – هل الهاجس الأمني كفيل لدعم قيام الاتحاد الخليجي؟

8 – هل التدخل الإيراني في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي كفيل بقيام الاتحاد الخليجي؟

9 – هل التوسع الإيراني في المنطقة كفيل بقيام الاتحاد الخليجي؟

10 – هل للمفاعل النووي الإيراني وموقف الدول الغربية واحتمالات التدخل العسكري دور لقيام الاتحاد الخليجي؟

11 – هل حاجة مملكة البحرين للاتحاد الخليجي وسرعة قيامة تختلفان عن حاجة بقية دول مجلس التعاون الخليجي؟

12 – هل من المفروض أن يأتي الاتحاد الخليجي بعد أن يتحقق التكامل والاندماج الاقتصادي بما فيها العملة الموحدة والتكامل العسكري من خلال تطوير «درع الجزيرة» أم قبل ذلك؟

13 – هل من المطلوب وجود برلمانات منتخبة ممثلة للشعوب كأساس لبحث الاتحاد الخليجي؟

14 – هل حقق مجلس التعاون الخليجي أهدافه منذ إنشائه بما يدعم قيام الاتحاد الخليجي؟

15 – هل هناك تخوف من أن يكون الاتحاد الخليجي على حساب المكتسبات الشعبية والحريات لدى بعض دول الخليج؟

16 – ما الصيغة التي سيكون عليها الاتحاد الخليجي؟

17 – هل سيكون الاتحاد الخليجي وفق المسار الأمني فقط، أم يشمل المسارين الاقتصادي والسياسي وغيرهما من المسارات؟

18 – هل الاتحاد الخليجي يأتي لحماية الشعوب أم الأنظمة الحاكمة؟

19 – هل حان الوقت لإعطاء دور اكبر للمشاركة الشعبية في إدارة شؤون الدولة قبل الحديث عن الاتحاد الخليجي؟

20 – أي اتحاد نتحدث عنه في ظل التفاوت في هامش الحريات والمشاركة الشعبية بين دول مجلس التعاون الخليجي؟

21 – هل لموقف مجلس التعاون الخليجي من الغزو العراقي للكويت دور يدعم الاتحاد الخليجي؟

22 – هل حري بنا رفض الاتحاد للتفاوت الكبير بين الأنظمة السياسية لدول الخليج، أم اننا نضع شروطاً للدخول في هذا الاتحاد لتتواءم مع الأنظمة السياسية للدول الأخرى مع نظامنا السياسي في الكويت؟

23 – هل في اعتقادكم ان فكرة الاتحاد الخليجي رفضت مبكرا حتى قبل تقييم ومناقشة إطار هذا الاتفاق؟

24 – هل من عبروا عن اعتراضهم على الاتحاد هم يعبرون عن مخاوف وإسقاطات تاريخية أم أنهم يعبرون عن اعتبارات دستورية وقانونية من شأنها أن تنقص من مكتسباتنا الدستورية؟
القمة التشاورية

إن موقف الكويت المتأني والمتحفظ على الاتحاد الخليجي، الذي عبر عنه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بعد انتهاء القمة التشاورية يأتي، ربما، انسجاما مع تاريخنا السياسي ومكتسباتنا الديموقراطية، إلا انه من الطبيعي أن تبادر الحكومة بتوضيح تفاصيل هذا الاتحاد وأبعاده، كما أتمنى أن تبادر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة بعقد اجتماع خاص لاستطلاع رأي الحكومة بشأنه أو أن يبادر رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون بدعوة أعضاء المجلس لعقد لقاء تشاوري، بهدف تكوين خلفية كاملة حول تصورات الحكومة بشأن هذا الاتحاد، لان في النهاية فان المجلس هو من سيصوت على الموافقة على هذه الاتفاقية من عدمها، استناداً الى المادة 70 من الدستور.

 

المصدر: القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.