نظم مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية –جامعة الكويت الجلسة الثانية من الندوة العلمية “قضايا تنموية” والتي جاءت تحت عنوان ” التعليم والتنمية”، وذلك ضمن نشاط مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية الثقافي في نهاية موسمه للعام الجامعي 2012/2013م، وشارك في الجلسة كلا من الدكتور حسن جوهر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، وعضو مجلس الأمة السابق، والدكتور غازي الرشيدي أستاذ التربية في جامعة الكويت، والأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم السابق، وترأستها رئيسة وحدة الدراسات الأوروبية – الخليجية في كلية العلوم الاجتماعية الدكتورة ملك الرشيد، ودار محور الندوة حول العلاقة بين التعليم والتنمية في المجتمع الكويتي.
في البداية اكد استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والنائب السابق د.حسن جوهر ان الانفاق على التعليم في الكويت دون مردود، متمنيا ان تحذو الكويت حذو الدول التي تربط الانفاق بالاستثمار، مضيفا ان هناك جهودا مشكورة من البعض لكن هناك اختلالات رئيسية، واستغرب جوهر من تغيير المناهج 5 مرات خلال 10 سنوات في الكويت والمخرجات لم تتغير مشددا على ضرورة ربط المخرجات بالتعليم العالي.
وأضاف قائلا: ” ان التعليم والتنمية مصطلحات تقليدية دأبت عليها المنظمات التربوية، فالتعليم اليوم يختلف بمضمونه واهدافه وتحول الى نمط من أنماط التحدي والابداع لاسيما بعد الثورة التكنولوجية ووصل لمرحلة اصبح التعليم يغذي ذاته بخطوات سريعة، لافتا الى ان الدول والمنظمات التي لا تستطيع مواكبة هذه السرعة هي في مشكلة، وتساءل جوهر هل نحن نقدر قيمة التعليم وندرك اهميته بحياتنا المعاصرة؟
قائلا: لا بد ان نفهم معنى العلم وقيمة التعليم وتوظيفه لخدمة قضايا التنمية، موضحا ان التنمية اليوم هي عملية احداث تغيير جذري في الهياكل الاقتصادية والاجتماعية بما يؤدي لتطور واضح في النظام الاجتماعي ككل ويجب ان تكون هناك إرادة وإصرار لتحقيق مثل هذا التغيير.
وأضاف انه لا بد ان تكون هناك جسور ومتطلبات للدمج بين العلم والتنمية، مؤكدا على اهمية التنسيق بينهما، موضحا ان الإنسان هو من يربط تلك الجسور بعضها ببعض.
وزاد: ان الانسان لا يمكنه تجنيد ادوات التعليم لخدمة التنمية الا بوجود مقومات ذاتية واجتماعية وتسخر له الامكانيات والموارد لتحقيق ذلك. وأكد جوهر ان التنمية لا تقتصر على العنصر المادي فقط إنما تعتمد على قوة عاملة مدربة لتلبية متطلبات التنمية.
وأشار ان مفاهيم التعليم والتنمية اصبحت عالمية اليوم فهناك مرجعيات تفرض علينا اطر تطوير التعليم واهمها الامم المتحدة بما تمتلكه من اجهزة ومؤسسات فضلا عن تقديم نماذج قابلة للتحكيم والقياس.
وبين جوهر ان المعايير اليوم تغيرت والمسميات اختلفت قائلا: فهناك التنمية المستدامة عن طريق تسخير امكانيات الدولة لخدمة المجتمع والاجيال القادمة، مضيفا ان اليوم ظهر مفهوم التعليم المستدام.
وشرح جوهر ان التعليم تطور ولم يعد بالكتابة والقراءة فقط بل بالتكنولوجيا، مشيرا الى ان هذه المرحلة مرت سريعا واصبح التعليم اليوم توجيه اسئلة واطلاق العنان للإنسان الذي يتعلم لخلق تفكير متعدد الابعاد وتحليل المعلومات.
وأفاد جوهر بأن هناك متطلبات للتعليم والتنمية منها تحديد الهدف والغرض وذلك يتطلب تكاملا تعليميا يتمثل بمفهوم الوعي، مشيرا ان المؤسسات التعليمية يجب ان تكون واعية ومدركة للأهداف التي تحقق التنمية، مشددا على اهمية خلق معيار النموذج ووجود قيادة قادرة على ادارة ذلك النموذج من اجل تحقيقه. وأشار جوهر الى ان مفهوم المواطنة في التعليم اليوم تغير، حيث اصبحت المواطنة تعرف المواطن العالمي فلكل فرد حقوق والتزامات على المستوى العالمي وليس المحلي فقط. وأشار جوهر الى عدة مؤشرات تنمية دون المستوى العالمي وفقا لتقرير وزارة التنمية بالكويت، كمؤشر تطور الحكومة الالكترونية فهو دون المستوى المطلوب عالميا واقليميا بالإضافة الى المحاباة في قرارات مسؤولي الدولة ومؤشر الصحة والحقوق السياسية والتعليم والابتكار مشددا على اهمية البعد الاقتصادي في قضايا التعليم والتنمية.
ولفت جوهر الى ان ميزانية التعليم في الكويت عام 2012 بلغت 2 مليار دينار، مشيرا الى انه في عام 1997 بلغ الانفاق على التعليم 920 مليون دينار كويتي وفي عام 2011 اصبح مليارا و970 مليون دينار بمعدل زيادة من 8.5% من مجمل الانفاق الحكومي الى 13% خلال اقل من عشر سنوات، موضحا ان في عام 2009 كانت نسبة العاطلين الحاصلين على الشهادة الجامعية 2.5% واليوم وصلت النسبة الى 24%.
كما اشار جوهر الى ان نسبة الانفاق على التعليم في الكويت من 2006 إلى 2012 بلغ حوالي 13.3% من اجمالي الانفاق الحكومي وهي نفس نسبة انفاق دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأوروبية على التعليم خلال نفس الفترة، إلا ان مخرجاتنا للأسف دون المستوى مرجعا السبب الرئيسي الى غياب الاستراتيجية الواضحة بربط التعليم بالتنمية مضيفا ان الكويت تملك جميع مقومات التعليم والتنمية لكن هناك خلل بربط تلك العوامل.
وأضاف قائلا ” لابد من دق جرس الانذار لواقع التعليم في الكويت ووضع خطط استراتيجية واضحة المعالم وقابلة للقياس والتحقيق “.
بدوره قال استاذ اصول التربية بكلية التربية بجامعة الكويت د.غازي الرشيدي: ان هناك مؤسسات كويتية يمكنها المساهمة بالمعلومات الا اننا دائماً ما نستشهد بخبرات بلير ومع ذلك لم تتقدم الكويت في مؤشرات النهوض بالتعليم الا على دولتين عربيتين، و ان تقرير ترتيب الدول العربية في مؤشر التنمية البشرية خلال 2013 وضع الكويت في المركز 54 عالميا والمركز الرابع عربيا مما يؤكد انها متأخرة عالميا في مؤشرات التنمية البشرية.
وأضاف الرشيدي اننا نملك أعلى انفاق على التعليم وفق تقرير البنك الدولي في العالم بمعدل تكلفة الطالب فطفل الروضة يكلف 5500 دينار سنويا، لذلك خرجت دعوات لخصخصة التعليم كون المخرجات ليست بالمستوى المطلوب”.
وأشار الرشيدي الى اهمية التعليم مبينا دور التعليم في انخفاض مستوى العنف وارتفاع المستوى الصحي وتماسك الأسرة ونشر التسامح وتدريب العقل، موضحا انه كلما ارتفع مستوى التعليم ساهم ذلك في انخفاض مستوى العنف وارتفاع المستوى الصحي للأفراد وتماسك الأسرة والتقليل من ظاهرة الطلاق وفي تعزيز ونشر التسامح في اوساط المجتمع وهذا يحصل من خلال تركيز التعليم على تعزيز مهارات التفكير العليا، مؤكدا ان التغيير سهل جداً اذ ان أعداد الطلبة لا تتجاوز 400 ألف طالب والأموال موجودة وهو ما يتطلب وجود الرغبة في التغيير، مضيفا بقوله : اصلاح التعليم سهل ولكنه يتطلب وجود الأشخاص المناسبين والاستفادة من التجارب الرائدة.
قم بكتابة اول تعليق