رأى أكاديميون واعلاميون ومواطنون أن الفتور الذي شهدته انتخابات المجلس البلدي الأخيرة من حيث تدني عدد المرشحين (57 مرشحا) يعود الى الخطاب السائد في البلاد.
وأوضح هؤلاء في تصريحات متفرقة لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم أن هذا الخطاب سياسي وليس فنيا مضيفين ان مجلس الأمة يحظى بحضور اعلامي كبير مقارنة بالمجلس البلدي “الذي يقتصر دوره على الجانب الفني الاستشاري”.
وأشاروا الى استنفاد المواطن الكويتي طاقته الذهنية والفكرية نتيجة توالي الازمات الى جانب ان الشارع الكويتي في حالة ترقب ولم يلتقط أنفاسه إلى الان ما انعكس سلبا على حجم المشاركة والإقبال على انتخابات المجلس البلدي الاخيرة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عايد المناع ان نوعية الخطاب في البلاد جعلت المجلس البلدي لا يتمتع بالحضور الاعلامي الذي يحظى به مجلس الامة الى جانب ان المجلس البلدي لا يمتلك سلطة تشريعية ورقابية انما يقتصر دوره على الجانب الاستشاري.
واستعرض المناع احصاءات لانتخابات المجالس البلدية السابقة قائلا انها تشير الى تدني حجم المشاركة والاقبال حيث انحصرت النسبة بين (40 – 50) في المئة من مجموع الناخبين باستثناء المجلس البلدي الثامن (1999) الذي بلغت نسبة المشاركة فيه 62 في المئة.
وأضاف ان هذه النسبة عادت للانخفاض الى 6ر48 في المئة في انتخابات المجلس التاسع (2005) معتبرا ذلك دلالة على ان مستوى التفاعل مع انتخابات البلدي متدن بشكل عام.
وأوضح أن من اسباب عزوف المرشحين عن الاقبال على انتخابات المجلس البلدي مقارنة بانتخابات مجلس الأمة ملامسة الأخير لحياة المواطن الكويتي وذلك بحكم طبيعة مهام مجلس الامة التشريعية والرقابية وتناوله جميع قضايا الحياة اليومية.
وأشار الدكتور المناع الى ان صلاحيات المجلس البلدي فنية وذات علاقة بالمشاريع العمرانية والمخططات الهيكلية ولا تمس حياة المواطن بشكل يومي ومباشر.
وذكر ان قانون البلدية (5/2005) أفقد المجلس البلدي مكانته بعد ان تحول الى جهة استشارية وانتقلت صلاحياته الى سلطة وزير البلدية واصبح دوره يقتصر على ابداء الرأي.
من جانبه أرجع استاذ الاعلام بجامعة الكويت الدكتور مناور الراجحي فتور حماس الناخبين تجاه المشاركة في انتخابات المجلس البلدي الى عدم أداء وسائل الاعلام دروها في تسليط الضوء عليها بقدر كاف ما اثر في الرأي العام وولد حالة من الفتور في متابعة انتخابات المجلس البلدي.
وقال الراجحي انه بينما يكون الاعلام حاضرا بقوة في انتخابات مجلس الامة فانه يغيب عن انتخابات المجلس البلدي ونتيجة لهذا أهملت الكثير من التفاصيل المحيطة بطبيعة انتخابات المجلس البلدي وتعززت حالة الفتور لدى الناس.
واضاف ان الانتخابات الأخيرة للمجلس البلدي جاءت في مرحلة استنزف فيها الناخب حماسه وطاقاته في امور اخرى منها مقاطعة البعض لانتخابات مجلس الامة وانتظار حكم المحكمة الدستورية.
من جهته حمل الموظف بوزارة الاشغال جاسم فهد الرندي وسائل الاعلام مسؤولية “التقاعس” في التعامل مع انتخابات المجلس البلدي قائلا انها لا تأخذ الاهتمام الكافي “برغم ان اختصاصات البلدية لا تقل اهمية عن مجلس الامة لكونها مسؤولة عن المخطط الهيكلي للدولة بما فيها المنشآت والبنى التحتية”.
ورأى الرندي ان الاعلام ساهم بطريقة غير مباشرة في عزوف اصحاب الكفاءات عن الترشح لانتخابات المجلس البلدي حيث لم ينظم حملات اعلامية او توعوية تعزز من اهمية المجلس البلدي ومهامه.
وأشار الى ان الشارع الكويتي لم يعد كما كان في السابق “انما استجدت امور كثيرة عليه ادت الى عزوف شريحة كبيرة من المواطنين عن انتخابات مجلس الامة وهو ما يعني عدم اهتمامها بانتخابات المجلس البلدي”.
من جانبها قالت الموظفة في القطاع المصرفي منيرة الحميدان ان انتخابات المجالس البلدية حول العالم تحظى باهتمام كبير ومتابعة بخلاف ما يحدث في الكويت مرجعة ذلك الى توقيت اجرائها في موسم العطلات والإجازات الى جانب وجود شريحة كبيرة تستعد لخوض ابنائها اختبارات نهاية العام الدراسي.
بدوره ذكر الطالب الجامعي هادي مسلم العجمي ان فتور الاقبال على الانتخابات البلدية يكمن في نظام الدوائر العشر لانتخابات المجلس البلدي “الذي لم يتطور منذ خمسة عقود وحرم ناخبي مناطق عديدة من الدخول في الجداول الانتخابية بخلاف النظام الانتخابي الخاص بمجلس الامة”.
وأوضح العجمي ان الدوائر ال10 لا تمثل ناخبي الكويت بشكل عام “فهناك 29 منطقة لا تندرج ضمن قانون انتخابات المجلس البلدي” مضيفا ان نظام التصويت لمرشح واحد وحصر العدد في 10 اعضاء منتخبين وستة معينين مقارنة ب50 عضوا منتخبا لمجلس الامة جعل الانتخابات محصورة بين القبائل وبعض التيارات السياسية.
ورأى أن ذلك النظام أسهم في تهميش مشاركة المرأة والمستقلين وان الوقت حان لاستبدال المجلس البلدي بمجالس لكل محافظة على حدة.
أما المهندس بوزارة الكهرباء والماء نواف مناحي المطيري فطالب بتغيير نظام الدوائر العشر لكي تشمل جميع مناطق البلاد مع زيادة اعضاء المجلس البلدي “لان المهمة الفنية الملقاة على عاتقهم كبيرة لاسيما ان الكويت تعيش نهضة تنموية كبيرة في جميع المجالات”.
وأضاف المطيري ان نسبة التصويت في انتخابات المجالس البلدية السابقة كانت متدنية دائما كما ان الناخبين الذين يلتزمون بالتصويت عادة ما يكونون اما قبليين او مرتبطين بتيارات سياسية اكثر من المستقلين
قم بكتابة اول تعليق