المحكمة الدستورية حصن الدستور والديموقراطية في الكويت

في حكم طال انتظاره وترقبه من قبل العديد من المواطنين والمراقبين وأصحاب الصلة بالشأن السياسي في البلاد أصدرت المحكمة الدستورية اليوم حكمها القاضي برفض الطعن بمرسوم الصوت الواحد وتحصينه مع ابطال مجلس الأمة (ديسمبر 2012).

وبهذا الحكم أكدت المحكمة الدستورية أهمية دورها في حماية الدستور والديموقراطية من خلال سلسلة طويلة من الأحكام الخاصة بالعديد من القوانين واللوائح والمراسيم التي عرضت عليها منذ انشائها وحتى اليوم.

فقد تأسست المحكمة الدستورية وفقا للقانون رقم 14 لسنة 1973 وذلك للنظر في تفسير النصوص الدستورية والفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم.

وتتكون المحكمة الدستورية من خمسة أعضاء يتم اختيارهم من قبل المجلس الأعلى للقضاء ويعينون بمرسوم أميري وهي تنعقد كلما اقتضت الحاجة لها وتكون أحكامها ملزمة لبقية المحاكم.

أما الجهات المخولة برفع المنازعات أمام المحكمة الدستورية فهي تتم من خلال مجلس الوزراء أو مجلس الأمة أو عن طريق أحد المحاكم الأخرى عندما ترى تلك المحكمة أن الفصل في قضية معينة يقوم على تفسير مادة دستورية أو قانون محدد.

ووفق هذا المفهوم يتضح أن المحكمة الدستورية تختص بالنظر في ثلاثة أنواع من القضايا النوع الأول هو ما يختص بطلب تفسير النصوص والنوع الثاني ما يعرف بمنازعات لجنة فحص الطعون أما النوع الثالث فهو ما يختص بالنظر في الطعون الانتخابية.

وينقسم النوع الأول المختص بطلب تفسير النصوص الى ثلاثة أقسام أولها طلبات تفسير النصوص الدستورية التي تقدم من مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء بشأن تفسير نص دستوري مع تقديم المبررات الداعية لطلب التفسير.

أما القسم الثاني من أقسام تفسير النصوص الخاص بعمل المحكمة الدستورية فهو المتعلق بطلبات الفصل في المنازعات الدستورية أي المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح المقدمة من مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء.

ويندرج تحت القسم الثالث من أقسام مهمة تفسير النصوص في المحكمة الدستورية قضايا المنازعات الدستورية المحالة من المحاكم أي أن تحيل إحدى المحاكم منازعة ما الى المحكمة الدستورية بناء على دفع أحد الخصوم أمام المحكمة بعدم دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة.

أما النوع الثاني من القضايا التي تختص بها المحكمة الدستورية والتي تعرف بقضايا لجنة فحص الطعون فهي تتمثل في الطعن أمام لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في الأحكام الصادرة من المحاكم بعدم جدية الدفع بعدم الدستورية والتي يتقدم بها أحد أطراف النزاع.

والنوع الثالث من القضايا التي تختص بنظرها المحكمة الدستورية هي الطعون الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس الأمة وبصحة عضويتهم حيث يرفع الطعن بطلب الى المحكمة الدستورية مباشرة أو الى الأمانة العامة لمجلس الأمة خلال خمسة عشر يوما من اعلان نتيجة الانتخابات التشريعية مع بيان أسباب الطعن والمستندات المؤيدة له.

ولعل من أبرز أحكام المحكمة الدستورية التي صدرت خلال السنوات الأخيرة الحكم الصادر في 3 مايو 2006 بالغاء 15 مادة من مواد القانون رقم 65 لعام 1979 الخاص بتنظيم الاجتماعات العامة والتجمعات.

فقد أحالت دائرة الجنح قضية جنحة مخالفة قانون التجمعات المحال عليها من مرشح الدائرة الخامسة عشرة مبارك الوعلان حيث رأت محكمة الجنح عدم اختصاصها بالنظر في موضوع القضية واحالتها الى المحكمة الدستورية التي حكمت بدورها بعدم دستورية المادتين 1 و4 من المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات اضافة الى الحكم بعدم دستورية نصوص المواد 2 و3 و5 و6 و 8 و 9 و10 و 11 و16 و17 و18 و19 و20 من المرسوم بقانون السابق والتي تتعلق بالاجتماع العام.

كذلك يعد حكم المحكمة الدستورية الخاص بتفسير المادتين 100 و101 من الدستور والمتعلقتين بالاستجواب من أهم الأحكام التي تختص بتفسير مواد الدستور.

حيث قضت المحكمة الدستورية في جلستها المنعقدة في 9 اكتوبر 2006 بأن ما ورد في تفسير المادتين السابقتين يبين بأن الاستجواب يجب أن يكون موضوعه واضحا ومحددا ولا يجوز اقحام موضوعات جديدة أخرى على طلب الاستجواب أثناء مناقشته إلا ما كان مرتبطا بموضوع طلب الاستجواب.
كما أقرت المحكمة الدستورية أن الوزير مسؤول فقط في اختصاص عمله والمسؤولية المناطة به ولا يجوز استجواب وزير عن أمور حصلت قبل توليه الوزارة في الحكومة الحالية.

أما الحكم الذي يعتبر من الأحكام التاريخية للمحكمة الدستورية طوال مسيرتها القضائية فهو الحكم الصادر في 20 يونيو 2012 ببطلان حل مجلس الأمة الكويتي 2009 واجراءات الدعوة لانتخابات مجلس (فبراير 2012) وبذلك يعود مجلس 2009 والنواب الممثلين فيه للانعقاد وفق الأطر الدستورية.
ومن الأحكام الحديثة التي صدرت اخيرا عن المحكمة الدستورية وكان لها صدى خاصا وبالذات بين رجال القانون فهو الحكم الصادر في 10 مارس 2013 والذي بموجبه رفضت لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية الطعن المقام من احدى السيدات بطلب الحكم بعدم دستورية المادة 214 من قانون الأحوال الشخصية رقم 51 لسنة 1984 (الخاصة بأحكام الميراث) لقصرها التشريع على مذهب الامام مالك.

حيث قالت لجنة فحص الطعون في المحكمة الدستورية بأن الدستور لم يقيد المشرع في ما يسنه من قوانين بالأخذ بمذهب واحد بعينه من مذاهب الائمة في مسائل الاحوال الشخصية.

أما الأحكام الخاصة بالطعون الانتخابية والتي تقوم المحكمة الدستورية بنظرها فهي كثيرة حيث بدأت منذ عام 1975 ولا زالت مستمرة وهي عادة ما تثار في فترة ما بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية في البلاد.

اذ يلجأ عادة بعض المرشحين الذين خسروا الانتخابات الى الطعن أمام المحكمة بنتائج الانتخابات في الدائرة المرشحين فيها متقدمين بكافة المستندات التي تؤيد دعواهم أمام المحكمة الدستورية التي إما أن تؤيد الطعن وتحكم ببطلان نتيجة المطعون فيه أو ترفض الطعن وتؤكد نتيجة الانتخابات في الدائرة المطعون بنتائجها.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.