حبس الكويتيون انفاسهم امس بانتظار صدور حكم المحكمة الدستورية الخاص بمرسوم الضرورة المتعلق بانتخابات مجلس الأمة وهو ما عرف شعبيا باسم «مرسوم الصوت الواحد».
والحكم وكأي حكم آخر سيلقى القبول لدى اطراف والرفض من قبل أطراف أخرى، والرفض ليس معناه عدم الاعتراف وعدم الانصياع للحكم بل هو رفض شعوري لأن المرسوم لم يأت على هواه.
ولقد أزال الحكم والذي جاء مؤيدا للمرسوم الكثير من الغبار السياسي والشكوك وأنهى مرحلة من اللغط والجدل البيزنطي غير المجدي والذي شغل الناس لمدة طويلة وشل حال البلد وصرف الناس عن مصالحهم.
والذين لم يأت الحكم متفقا ومتماشيا مع هواهم السياسي وطموحهم في أن يلغي الحكم المرسوم ويبطله، والذين كانوا الأعلى صوتا والأكثر فوضى طوال الفترة التي أعقبت صدور المرسوم، ليس لهم الآن سوى الرضوخ لهذا الحكم والانصياع لمنطوقه والانخراط من جديد في الحياة السياسية، أو انهم إذا مازالوا في شك من دستورية المرسوم فإن عليهم ان ينسجموا مع قناعاتهم ويعتزلوا العمل السياسي دون تشويش ودون تشكيك وإثارة وبلبلة.
وهذا ما تقتضيه مصلحة البلاد راهنا ومستقبلا، والعمل السياسي لا يقوم على المناقبية الكاملة ولا الأخلاقية التامة وليس له من ثوابت، كما ان القناعات الشخصية لا يعتد فيها كثيرا بهذا المضمار، ما يعني ان الذين قاطعوا ورفضوا المرسوم مشككين بدستوريته، عليهم الآن تغيير قناعاتهم بعد صدور الحكم وإقرار المرسوم وإزالة الشبهات الدستورية عنه، وهم بذلك يثبتون إيمانهم الفعلي وليس الشكلي بالدستور، من خلال تسليمهم بمرجعية القضاء كحكم محايد نزيه لا يشغله الواقع السياسي ولا تؤثر به أهواء المتخاصمين والمختلفين.
والعقلاء هم الذين يسايرون الواقع اذا ما كان هذا الواقع يلتزم الأصول ويقيم ميزان العدل وينصف الحق، ولا يحاولون السير عكس التيار رافضين الاقتناع بالواقع ويعملون على تجاوزه بصورة فوضوية ومريبة قد تدفع البلاد ككل أثمانها الباهظة.
والإيمان بالحق حق والإيمان بالعدل عدل، وليس من العدل أن يحاول أحد أن يفرض نفسه فوق جميع السلطات ويدعي ان الحق معه وهو الأعلم والأعرف والأحرص على الدستور.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق