عبداللطيف الدعيج: لا عذر بعد الحكم

جماعة المقاطعة أثبتوا ويثبتون بشكل مستمر انهم لا يحملون برنامجا حقيقيا ولا رؤية واضحة ولا حتى فهما حقيقيا لما يدور حولهم. قد يكونون حسني النية، وقد يكونون مخلصين وصادقين في ما يطرحون ويعتنقون. ولكن يبقى انهم بلا هدف وبلا ادراك حقيقي لطبيعة الاوضاع الحالية ولا تصور ولو ضبابي لما يجب ان تكون عليه. باختصار هم عفويون وبلا برنامج سياسي، ويفتقدون التكتيك قبل الاستراتيجية النهائية.

لهذا هم يتخبطون ويستمرون في الانكماش والانكشاف. فمعارضة مرسوم الصوت الواحد كانت مقنعة تحت شعار عدم الدستورية أو الاستقصاد السلطوي لتخريب العملية الانتخابية. لكن الآن وبعد ان حكمت المحكمة الدستورية بصحة مرسوم الصوت الواحد، فان المعارضة الدستورية له تفقد الكثير من اسسها وقرائنها التي استندت اليها قبل الحكم. اما التعذر بنوايا السلطة في تخريب العملية الانتخابية فان حكم المحكمة الدستورية، الذي ابطل مجلس الصوت الواحد، يؤكد استقلالية القضاء وحياد السلطة، واذا اضفنا الى هذا، التسامح والرغبة الصادقة التي حملها خطاب حضرة صاحب السمو الاخير في تناسي الخلاف ودعوة الجميع الى الالتفاف حول النظم والضوابط الدستورية والمبادئ الديموقراطية، فان التعسف والاقصاء السلطوي المزعوم ينتفي بوضوح هنا. ولو كان هناك تآمر على الجماعة واستغلال لعدم حيادية القضاء، كما تلمح جماعة المقاطعة، لما افسح هذا القضاء وذات السلطة المتهمان، لما افسحا المجال لجماعة المقاطعة بالعودة الى الحياة السياسية عبر حل مجلس الامة الأخير.!!

ان تعديل آلية التصويت ستطال بحلوها ومرها ان كان بها مرارة جميع المرشحين. مرشحو السلطة ان كان لها مرشحون سيحصلون على صوت واحد. ومرشحو الجماعة سيحصلون هم مثل غيرهم على الصوت ذاته، فلماذا يفترض جماعة المقاطعة ان مرسوم الصوت الواحد موجه ضدهم بالذات أو مفصل لتغليب فرص معارضيهم.!

مرسوم الصوت الواحد يدحر الجمعية والتعصب القبلي والطائفي. ويعزز الفردية والشخصية عند الناخب. وهذه سمات العصر، بل شروط المجتمعات المدنية الحديثة. ربما مشكلة جماعة المقاطعة انهم ما زالوا يعيشون اسرى التخلف وهيمنة العقلية الجمعية والتعصب للمؤسسات التي لم يعد وجودها يتناسب والنظم السياسية الحديثة أو يتأقلم مع البنى والمؤسسات الاجتماعية العصرية. لهذا فقط يستمرون في معارضة مرسوم الصوت الواحد وليس لأي شيء آخر. والا ما الفرق بين قانون الانتخاب الحالي والقانون الذي سبقه… كلاهما أقرا بمرسوم ضرورة. فلماذا مرسوم الصوت الواحد وحده غير الدستوري..!!!

***

الوثيقة التي صدرت يوم امس باسم منتدى سامي المنيس الثقافي حملت نفسا جديدا تجاوز الطروحات التقليدية العمومية. ورغم قصر البيان واختصاره، فانه تلمس وطرح بشكل راق علاج اغلب القضايا التي تشكل عبئا في الساحة الكويتية. ولعل الأمر أكثر جدية وجدة هو الموقف من تدخل الدولة في الدين والدعوة شبه الصريحة التي تضمنها البيان بضرورة فصل الدين عن الدولة. عموما ليست لي علاقة أو معرفة بمن اصدر البيان، لكن الامانة تتطلب الاشارة الى انه بداية طرح جدي وجديد في الساحة نتمنى ألا يتوقف أو ينكمش.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.