أحمد الخطيب يكتب : لا حكم مطلق ولا رعية مطيعة مثل البهائم

الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية الذي صدر يوم الأحد 2013/6/16، رافضا وجود أي سلطة فوق الدستور والقضاء وممثلي الشعب، لأنه من دون ذلك لن تكون هناك حياة ديموقراطية ومشاركة في اتخاذ القرار، أكد ان ثقافة العبودية للناس قد انتهت.
فلا حاكم مطلق، ولا رعية مطيعة مثل البهائم يقودها الراعي إلى المسلخ، الكل مواطنون، والأرض وما فيها من خيرات هي ملك للجميع، لأنهم أصحابها، ولا منة لأحد على أحد، فلكل حقه، وكرامته محفوظة.
لقد انتهت مقولة صراع الحضارات، التي بثها الأعداء، القائلة إن الشعب العربي لا يمكن أن يكون شعباً حضارياً، لأنه ليس في تاريخه ما يسمح له بذلك، فقد تعود على العبودية والانصياع لأمر الحكام على اختلاف أنواعهم عدة قرون، إلا ان ربيع الكرامة الإنسانية، الربيع العربي العالمي، ألقى مثل هذه النظرية في مزبلة التاريخ.
علينا أن نفخر جميعاً بهذا الحكم التاريخي الذي رفع رأسنا عالياً في محيطنا العربي البائس، والذي سيكون بالتأكيد قدوة لغيرهم من القضاة العرب نحو تحرر دولنا من الاستبداد والمذلة.
وكذلك فإن إلغاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات كان قراراً جريئاً شكل إدانة لأي محاولة لإقحام القضاء في العملية الانتخابية بمكافآت لا تتناسب مع استقلالية القضاء، لأن هذه الهيئة مشكلة من جسم القضاء، وطريقة تشكيلها لم تراع خصوصية القضاء واستقلاله.
وتمنيت لو أن الحكم لم يتطرق لموضوع الصوت الواحد، فالصوت الواحد كما هو موجود في بعض الدول الديموقراطية يذهب باتجاه الدائرة الواحدة، فإذا أردنا تطبيقه في الكويت ونستفيد من مزاياه التي تتيح لجميع شرائح المجتمع المشاركة، فعلينا تقسيم الكويت إلى خمسين دائرة، لخمسين نائبا، أي نائب واحد يمثل كل دائرة واحدة.
كذلك، فإن تطبيق قانون الانتخاب بحزم لا بد منه لمنع التنفيع والهدايا والواسطة وشراء الذمم ونقل الأصوات، والخدمات التي توفرها السلطة لبعضهم. قانون الانتخاب واضح وحازم، والعلة هي أن أطرافا للنظام لا تؤمن بالديموقراطية، وتصر على تخريبها وتساهم في ارتكاب كل هذه الموبقات، وبالتالي لا أمل في إصلاح العملية الانتخابية، وإيقاف التزوير المستمر إلا بوعي شعبي يحميه من الانزلاق إلى الهاوية، وهذه مهمة طلائعنا من الشباب الواعي الواعد. وما أصعب هذه المهمة في جو التخريب المستمر للتعليم والإعلام الرسمي.
أما المنتقدون للقضاء في بعض ما ورد من أحكامه، ولو كان لبعضها مبررات قانونية، فعليهم ان يدركوا ان المحكمة الدستورية هي كويتية موجودة في الكويت، وليست في السويد، البلد الديموقراطي الذي ينعم بديموقراطية حقيقية، فنحن لسنا في دولة ديموقراطية منذ عام 1967، وكل ما يميزنا عن محيطنا البائس هو هامش من حرية الكلمة الآخذة في التقلص يوماً بعد يوم، لنحاكي جيلنا في التعاسة التي يعيشها المواطنون هناك.
عملية الإصلاح لا يمكن أن يتحمل عبئها القضاء وحده، فهو يتحرك وسط طريق مملوء بالأشواك. والحذر بالتحرك حكمة. ومن واجبنا جميعا ان نتكاتف ونتعاون ونؤجل خلافاتنا لنخوض معركة الإصلاح الحقيقي، ونوفر الجو الملائم ليقوم القضاء بدوره المطلوب.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.