“أكد النائب (…) أن مستقبل الكويت ومصالح شعبها أهم من جميع الأحزاب والتيارات والكتل السياسية والنيابية, وأهم من أهدافها الساعية الى تحقيق انتصارات سياسية انتخابية وهمية على حساب الآخرين, مشيرا إلى أن السجال الدائر بين النواب والوزير العليم, قد أخذ منحى خطيرا نظرا الى تضمنه تهما وألفاظا جارحة ابتعدت كثيرا عن لغة الخطاب السياسي الذي ينشده الشارع الكويتي, مؤكدا على ضرورة أن يتحلى النواب بالصبر ومنح الوزير المختص الوقت الكافي للرد على الملاحظات التي وجهت إليه, من دون تشكيل قوى ضغط عليه. وفي حال ثبت أن الوزير العليم يتعرض إلى حملة ظالمة يدعمها بعض المتنفذين ممن تضررت مصالحهم وتهدف إلى تصفيته سياسيا, فإننا سنقف بقوة مع الوزير ولن نتركه يتعرض للظلم وتشويه صورته”.
أتدرون من قائل هذا التصريح? إنه النائب جمعان الحربش. والله أتكلم جد, فقد أدلى بهذا التصريح لصحيفة “أوان” بتاريخ 20 أغسطس عام 2008 على خلفية قضية المصفاة الرابعة, والهجوم الذي تعرض له – آنذاك – الوزير محمد العليم. ولجمال وأبهة التصريح, أتمنى أن تعيدوا قراءته, لتتمعنوا وتتفكروا بكم المبادئ الراقية التي يعرفها جيدا النائب الفاضل جمعان الحربش, ولكنه لا يتعامل بها مع الوزراء عموما, وإنما يخص بها الوزراء “الإخونجية” فقط. المهم, اقرؤوا التصريح وتعالوا هنا كي أبهركم مجددا بأن الدكتور جمعان كان يقصد “الشعبي” في حديثه عن الحملة الظالمة التي يدعمها بعض المتنفذين الذين تضررت مصالحهم! وهذا يعني – بعد تفسير كلام جمعان – أن ل¯ “الشعبي” متنفذين وحيتانا يدعمونه ويقودونه ويوجهونه وفقا لمصالحهم!
على أي حال, القصد من رجوعي لهذا التصريح, هو أن أبين للملأ أن الصراع بين كتلتي “الشعبي وحدس” والذي يظهر للعلن تارة ويخفت تارة أخرى, كان بسبب المصالح واختلافهم على حجم الأنصبة لكل منهم, سواء في التعيينات والمشاريع والمناقصات وغيرها… صراع “حدس” و”الشعبي”, لم يكن في يوم من الأيام لمصلحة الكويت, وأمامكم تداعيات إلغاء اتفاقية “الداو”, فالكتلتان سممتا البلد بهذه القضية, حين اتخذت إحداهما موضع الدفاع والأخرى موضع الهجوم من اجل إثبات المتسبب في دفع قيمة التعويض البالغ 600 مليون دينار, بينما نواب الكتلتين ومن تبعهم, لا هم لهم سوى استنزاف ميزانية الدولة وإرهاقها باقتراحات مالية وزيادات وكوادر ودعم وإعفاء من رسوم وإسقاط قروض وغيرها, وجميعها تفوق قيمة تعويض “الداو” أضعافا مضاعفة.
إن كانت قلوب هؤلاء ترق وتشفق على 600 مليون دينار, فما بالهم يتنافسون على إفلاس الدولة? أليس التفسير الوحيد لما يقومون به, هو “تحقيق انتصارات سياسية انتخابية وهمية” كما قال الحربش في تصريحه? لو كان هؤلاء يكترثون بالكويت لماتوا رعبا بسبب انخفاض أسعار النفط – وصل سعر البرميل إلى 93 دولار اميركيا – لو كان “الحدسيون” حريصين على أموال البلد, لما بعثروها على الأحباب والخلان في مشروع “ترشيد”, وغيره من مشاريع التنفيع. لو كان هؤلاء يفكرون بمستقبل الكويت وشعبها, لجافى النوم أعينهم لهول التقارير التي تحذر من الكارثة المالية التي ستحل بالبلاد ما بين عامي 2017 و.2020 يا إخوة, “الشعبي” و”حدس” طقهم مرض”, ولكن خطورة صراعهم الشرير, أنه يقوم على التنافس للفوز بلقب “من يضر الكويت أكثر”. فاحذروهم ولا تجعلوهم يأكلوا بعقولكم حلاوة!
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق