صالح الشايجي: كفانا صمتاً

من حق كل إنسان أن ينظر إلى كل امر من منظوره الخاص ويقيمه حسب رؤاه وما يظنه، وليس من حق أحد أن يخطّئ آخر في رأيه أو استنتاجه.

وأقفز سريعا ودون إطناب في المقدمة إلى التعليق على حالتنا السياسية بعد صدور حكم المحكمة الدستورية، والذي أنهى الجدل حول دستورية مرسوم الضرورة المقنن لانتخابات مجلس الأمة وإعطاء الناخب صوتا واحدا، حيث جاء الحكم ليقرر دستورية هذا المرسوم ويزيل اللغط الذي تكاثر بعد صدوره وتعرض البلاد لكثير من مظاهر الرفض المقززة، والتي وصلت حد الاعتداء على رجال الأمن وترويع الناس في بيوتها والتعدي على الممتلكات الخاصة والعامة بشكل تأباه الروح الوطنية والإنسانية.

إن ما يثير الريبة والشك وكذلك الاشمئزاز هو استمرار البعض في إنكار دستورية المرسوم المذكور واستمرار حالة الرفض حتى بعد قرار المحكمة الدستورية ـ الذي قطع قول كل خطيب ـ وكأنهم في ذلك يريدون الإطاحة بالمؤسسات القائمة ليطرحوا أنفسهم بديلا عنها، وأنهم الأكثر معرفة بمصلحة البلاد والناس.

وهذا افتئات على الحق وجور واضح ومكشوف على حقوق الناس وحقوق البلاد ونسف لكل مؤسساتها وفرض لحالة الفوضى التي لا تخدم بالتأكيد الصالح العام ولا تحافظ على قيم الدستور ونصوصه.

لابد من التصدي لهذا التيار المعادي للبلاد، والذي لا يعترف بمؤسساتها ويحاول هدم القيم والتقاليد الدستورية، لتصبح دولة دستورية الشكل فوضوية المضمون، وما الدستور الا مجرد وريقات للتباهي طورا وللتباكي طورا آخر وحسب المناسبة ومقتضياتها.

وليس غريبا ولا عجيبا أن من يريد تمزيق الدستور وإفراغه من محتواه وجعله مجرد أوراق مهلهلة لا قيمة لها أن يدعي حرصه على الدستور والقيم الديموقراطية ويبث دعايته هذه بشكل تمثيلي مراوغ تعلو فيه الحناجر بالباطل ويسلب ألباب البسطاء ممن ينطلي عليهم الغش في القصد فيصدقون دعاية الباطل وربما يكونون أدواتها العابثة.

من لا يرد الاحتكام إلى الدستور ولا الخضوع لما تقرره مؤسسات البلاد وعلى رأسها المحكمة الدستورية، فلابد أن نشكك في صدقه الوطني، مدركين أن هدفه هو الإجهاز على قيمنا الدستورية! وكفانا صمتا!

katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.