انعكس تردي الأوضاع الاقتصادية في إيران، وتردي القدرة الشرائية للعملة المحلية، على المعتمرين الإيرانيين، الذين تحولت بوصلتهم إلى المحال التجارية التي تبيع البضائع الرخيصة بعد أن كانوا يشترون الماركات العالمية الفاخرة في السابق قبل تردي عملتهم، حيث يحوم الريال حالياً حول نحو ثلث قيمته في نهاية عام 2011 قبيل قيام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على طهران نتيجة برنامجها النووي المثير للجدل.
وقال تجار في مكة المكرمة،إن ضعف العملة الإيرانية أجبر كثيراً من المعتمرين على تغيير سلوكهم الشرائي والاتجاه نحو المحال التي تبيع الملابس والأجهزة المنزلية الرخيصة.
وتسببت التحولات الجيوسياسية التي تعيشها طهران في انهيار متواصل للريال الإيراني ليتخطى سعر صرفه 40 ألف ريال إيراني لكل دولار واحد. ونقلت “رويترز” عن تجار عملة إيرانيين ومواقع إلكترونية أن الدولار يتداول حالياً عند نحو 33300 ريال، مقارنة بنحو 36300 ريال مقابل الدولار عند إغلاق التعاملات منذ نحو أسبوعين.
وقدّر اقتصاديون وعاملون في قطاع العمرة حجم إنفاق أكثر من 80 ألف معتمر إيراني، وهو العدد المتبقي منهم من إجمالي 400 ألف قدموا إلى السعودية، بنحو 120 مليون ريال في موسم عمرة شهر شعبان الجاري.
وأضافوا أن متوسط إنفاق المعتمر الإيراني، الذي تقدر مدة عمرته وبقائه في السعودية بنحو 12 يوماً، موزعة مناصفة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة بنحو 1500 ريال، دون السكن والمواصلات اللذين تتكفل بهما دولته.
وقال خالد الهويدي، نائب لجنة العمرة سابقاً في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: إن ثمة انخفاضاً ملحوظاً في أعداد المعتمرين الإيرانيين القادمين هذه السنة إلى السعودية، إذ لا يتجاوز عددهم أكثر من 400 ألف معتمر إيراني، خلافاً لما كان عليه عددهم في الأعوام السابقة، الذي كان يقدر بما بين 700 و800 ألف معتمر في أشهر العمرة.
وأضاف: “الحكومة الإيرانية تساهم بشكل كبير في تكاليف المعتمر الإيراني، إذ لا يتكلف الفرد سوى ثلاثة آلاف ريال فقط يقدمها للحكومة الإيرانية، وهي بدورها تدفع باقي تكاليف عمرته إلى الأراضي السعودية، وتقدم له مبلغ ألف ريال تحت بند مصروفه خلال وجوده هناك الذي يستمر نحو 12 يوماً موزعة بين مكة والمدينة، ويكون معه ما بين 300 و500 ريال، وبالتالي يكون مجموع ما يصرفه في وجوده هنا نحو 1500 ريال تقريباً”.
من جهته، قال عبدالمنعم بخاري، وهو مختص اقتصادي في مكة المكرمة: “مما لا شك فيه أن الظروف السياسية والاقتصادية التي تحيط بإيران تسببت بشكل مباشر في انخفاض أعداد القادمين منهم إلى السعودية، إضافة إلى انهيار العملة الإيرانية، وبالتالي عمد كثير من الإيرانيين إلى التعامل بالدولار لتعويض الفروقات المالية”.
وأضاف أنه رغم ذلك، فإن نسبة القوة الشرائية لدى الإيرانيين لم تنخفض، رغم المعطيات التي تدل على أنه لا بد من وجود انخفاض في ذلك، “لكن ما نلاحظه أن الانخفاض نسبي، ولعل تكفل الحكومة الإيرانية بالنسبة الكبرى في تكاليف عمرة المواطن الإيراني ساهمت في عدم تأثر قوتهم الشرائية”.
أما محمد السواط، مدير مجموعة العمرة في مكة المكرمة، فذكر أن المعتمر الإيراني في السابق “من أفضل المعتمرين في القوة الشرائية، لكن هذا قد يتقلص إذا استمر الحصار الاقتصادي على إيران، وهو ما شاهدناه في تقلص أعدادهم بنسبة بين 30 و40%”.
وأشار إلى توجه البوصلة الشرائية للإيرانيين إلى المحال التجارية التي تبيع البضائع الرخيصة، وأنهم قد كثفوا من قوة شرائهم في تلك المحال، عكس ما كان في السابق عندما كانت عملتهم في عافيتها، فقد كانوا يشترون الماركات العالمية من أسواق مكة والمدينة، “لكن نظراً لضعف عملتهم أجبروا على الشراء من المحال التي تبيع الملابس والأجهزة المنزلية الرخيصة”.
قم بكتابة اول تعليق