يحتار الكثير من الناخبين في كيفية اختيار النائب من بين عدد كبير من المرشحين، خصوصاً بعد اقرار الصوت، فاذا ابتعدنا عن المؤثرات العاطفية كالقرابة والصداقة والعرق وغيرها كمصالحنا الشخصية يصبح الاختيار هنا عقلياً مبنياً على مصلحة الوطن. يحاول بعض الناخبين الخروج من هذا المأزق بطرح بعض الاسئلة لعلها تنير لهم الطريق مثل: ماذا ستصنع حين تصل الى سدة البرلمان؟ او ما برنامجك الانتخابي؟ حيث تكون الاجابة غالبا تقليدية يتساوى فيها الجميع. الذي لا يعلمه الكثيرون ان البرامج دائما هي حكومية وليست برلمانية، فالنائب ليس سلطة تنفيذية حتى يحقق الوعود، كما انه واحد من خمسين، ولا يمثل كتلة أو حزباً حتى يستطيع أن يحقق أمراً ما. وظيفة النائب الاساسية هي التشريع والرقابة، وهو ممثل هذه الامة، اي انه كالوكيل او الاجير عندها، فعليه ان يتحلى بصفات معينة ذكرها الباري عز وجل في كتابه العزيز «إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ». هذه الآية تجسد كل معاني البرلماني الجيد، فالقوة ليست هي القوة العضلية فقط، بل القوة في قول كلمة الحق في المكان والوقت المناسبين، والقوة في المواقف التي تستوجب ذلك وتحمل تبعاتها. وعنصرها الاخر هو الامانة بكل ما تعني هذه الكلمة من سمو وايثار وتغليب مصلحة من وكلك على هذه الامة بالحفاظ على ثرواتها ومصالحها.
بجانب هذه الصفات الحميدة يجب ان يكون الاختيار مبنياً على امور موضوعية ايضاً، كالاعتماد على فكر المرشح ومدى رؤيته المستقبلية للامور، وما هو حظه من الحكمة ومعالجة المستجدات على الساحتين المحلية والدولية وتأهيله العلمي. يجب ان نختار من ينظر لغايات الاشياء وعللها ويختار منها ما يفيد الوطن ويعالج الداء في مواضع الخلل.
يجب ان نبتعد عمن تحوم حوله الشبهات ولو اعجبنا طرحه وبلاغته، فكثير منهم لديه قدرات هائلة على الاقناع والمراوغة والوصول لسدة البرلمان، وانتم تعلمونهم ولا حاجة بي لقول اكثر من ذلك، فهذه امانة استودعها الله فينا بقوله «إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا».
اما كلمة «والنعم فيه» التي نطلقها على الانسان العادي، وبرغم انها تعني الكثير من الصفات الحميدة فإنها لم تعد كافية في هذا الزمن، فنحن نستحق ان يقودنا افضل الناس ويجب الا تكون هذه الكلمة مقياسا للنائب الجيد.
ملاحظة: بناء على نصيحة بعض الاصدقاء سأتوقف عن الكتابة لما بعد الانتخابات حتى لا تفسر انها دعاية انتخابية، برغم ان هناك في الجعبة الكثير مما يجب ان يقال.
د. صلاح العتيقي
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق