اكدت الحكومة ان قانون “معاقبة المسيء” شابه عوار دستوري فضلا عن مخالفته للقواعد القانونية المستقرة ما تطلب رده الى المجلس لاعادة النظر فيه
وقالت الحكومة في مرسوم رد مشروع القانون باضافة مادتين جديدتين برقمي (111 مكرر، 111 مكررأ) الى القانون رقم 16 لسنة 1960 باصدار قانون الجزاءات ان القانون شابه مخالفة دستورية وثغرات قانونية.
وجاء في مرسوم الرد ان “مجلس الامة قد وافق بجلسته المنعقدة يوم الخميس الموافق 3/5/2012 في المداولة الثانية على الاقتراح بقانون المقدم من بعض السادة الاعضاء باضافة مادتين جديدتين برقمي (111 مكرر، 111 مكررأ) الى قانون الجزاء المشار اليه.
وتضمنت المادة (111 مكررأ) بان يعاقب بالاعدام كل مسلم طعن علنا او في مكان يستطيع منه سماعه او رؤيته من كان في مكان عام عن طريق الاستهزاء او السخرية او التجريح بالقول او الصياح او الكتابة او الرسم او الصور او اي وسيلة اخرى من وسائل التعبير عن الفكر بالذات الالهية او القرآن الكريم او الانبياء او الرسل او طعن في عرض الرسول صلى الله عليه وسلم او في عرض ازواجه، بعد استتابة القاضي له وجوبا اذا اصر على جرمه او رفض التوبة ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ادعى النبوة.
ولا يجوز للمحكمة عند تطبيق حكم المادة 83 من هذا القانون ان تستبدل بعقوبة الاعدام سوى عقوبة الحبس المؤبد وتكون العقوبة في الحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات، إذا كان مرتكب الجريمة غير مسلم ويحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة المستعملة في الجريمة.
ندم وأسف
كما قضت المادة 111 مكرراً (أ) منه بأنه يجوز للمحكمة في أي درجة من درجات التقاضي، ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز، النزول بالعقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة إلى الحبس المؤقت الذي لا تزيد مدته على خمس سنوات والغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا أعلن الجاني أمامها بإرادته الحرة عن ندمه وأسفه عن جرمه وتعهد بالتوبة وبعدم العودة إلى ارتكابه مستقبلا.
وتقضي المحكمة فضلا عن العقوبة بإلزامه بنشر اعتذاره وتوبته في صحيفتين يوميتين على نفقته الخاصة.
ومن حيث أنه وفقا لحكم المادة 65 من الدستور فإن لحضرة صاحب السمو أمير البلاد حق التصديق على مشروعات القوانين واصدارها، ويكون الاصدار خلال ثلاثين يوما من تاريخ رفعها إلى سموه من مجلس الأمة كما تقضي المادة 66 من الدستور بأن طلب اعادة النظر في مشروع القانون يكون بمرسوم مسبب.
ولما كان مشروع القانون سالف البيان قد شابه مخالفة دستورية فضلا عن ثغرات قانونية وعملية، ذلك أن المادة 29 من الدستور تنص على ان (الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين)، مما مفاده أن النص الدستوري المشار إليه أكد على مبدأ المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات بصفة عامة، وخص بالذكر أهم تطبيقات هذا المبدأ بالقول (لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل، أو اللغة، أو الدين) وإذ كانت المادة 111 مكررا المضافة بموجب المشروع الماثل قد استهلت نصها بالآتي: (يعاقب بالاعدام كل مسلم طعن علنا) ثم أوردت الفقرة الثانية منها النص على ما يأتي: (ولا يجوز للمحكمة عند تطبيق حكم المادة 83 من هذا القانون ان تستبدل بعقوبة الاعدام سوى عقوبة الحبس المؤبد وتكون العقوبة هي الحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات، إذا كان مرتكب الجريمة غير مسلم) الامر الذي يقطع بان هذا النص قد ميز بين الناس بسبب الدين اذ اورد عقوبة معينة خص بها المسلم وهي عقوبة الاعدام والتي لا يجوز ان تستبدل بها سوى عقوبة الحبس المؤبد بينما حدد لغير المسلم عن ذات الجريمة عقوبة الحبس المؤقت الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات.
الكثير من الخلاف
هذا الى ان البين من المذكرة الايضاحية لمشروع القانون ان الحكم المستحدث الذي ورد بالتعديل انما يعد تطبيقا للجزاء المقرر في الشريعة الاسلامية للردة واذا كانت المذاهب في الشريعة الاسلامية تتعدد واختلفت في هذا الشأن بالاضافة الى انه يتعين تحديد فعل الطعن باعتباره الركن المادي للجريمة وبيان ما يعد منه رده تستوجب تطبيق العقوبة المشددة وما هو دون ذلك خاصة ان النص المقترح قد تضمن صورا تحتمل الكثير من الخلاف على اعتبارها ردة وبالتالي فان العقوبة المقررة لكافة الافعال والصور الواردة في النص المقترح تكون قد اتسمت بالغلو في التشريع الى حد كبير خاصة ان النص الذي يقترح اضافته الى قانون الجزاء وهو قانون عام يجب ان يتسم بالعمومية والتجريد اذ انه يسري على المسلم وغير المسلم.
ومن حيث انه يبين مما تقدم ان مشروع القانون المشار اليه قد شابه عوار دستوري فضلا عن مخالفته للقواعد القانونية المستقرة وهو الامر الذي يتطلب اعادته الى مجلس الامة لاعادة النظر فيه.
فلهذه الاسباب رسمنا بالاتي:
مادة اولى
يعاد الى مجلس الامة مشروع القانون باضافة مادتين جديدتين برقمي (111 مكرر، 111 مكررأ) الى القانون رقم 16 لسنة 1960 باصدار قانون الجزاء لاعادة النظر فيه”.
قم بكتابة اول تعليق