الملا: الشعب شعر بغصة بعد الحكم بغرامة “الداو”

قال النائب السابق صالح الملا إن الشعب الكويتي شعر بغصة إزاء الحكم الصادر بتغريم الكويت 2 مليار دولار نتيجة إلغاء صفقة “كي-داو”، مبينا أن مجلس الأمة آنذاك اتخذ قرارا مجتمعا تجاه الصفقة، تراوحت بين رفض وتحفظ.

وأوضح الملا، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بمركز سامي المنيس بعنوان “الداو… والحقيقة الغائبة”، أن مسألة “كي – داو” منذ بدايتها اتخذت الطابع السياسي حتى صدور الحكم، مبيناً أن هناك للأسف من يريد أن يصور القضية على أنها هزيمة طرف أمام آخر، دون التفات إلى أن الكويت والمال العام هما اللذان خسرا، لافتا إلى أن الحكومة السابقة هي المسؤول الأول والأخير عن إلغاء الصفقة.

وأضاف أن مراقبته منذ صدور الحكم انتهت إلى أن وزير النفط هاني حسين والقيادات النفطية هم من يحاولون تسييس الصفقة دون مناقشة الأمور الفنية، مع أنه كان متوقعا منهم ألا يفتحوا جبهات للصدام مع بعض التيارات السياسية، موضحا أن الكل بات اليوم يريد أن يلبس “العِمة” للآخر، وذلك قمة اللاوطنية وسط ضياع مبلغ ضخم من المال العام، مطالبا بالوقوف صفا واحد لإيجاد سبيل لتخفيض المبلغ باستخدام وسائل الضغط.

سؤال العليم

وبيَّن الملا أنه “لو عاد بي الزمن بنفس الظروف والملابسات لاتخذت نفس الموقف تجاه القضية”، موضحا أن “الأزمة المالية في 2008 وصفها جميع الاقتصاديين بأنها الأسوأ، واليوم لا أحاول أن أبرر موقفي تجاه القضية، بل إنني مارست حقي وفق الدستور”.

ورداً على القيادات النفطية التي تقول إنها كانت تستجدي أعضاء المجلس لإعطائهم التفاصيل، لفت إلى أنه وجه سؤالاً الى وزير النفط آنذاك محمد العليم بتاريخ 27 أغسطس 2008 قبل توقيع عقد “كي- داو”، “وسألت هل تم التكليف بدراسات جدوى اقتصادية، وما هي أسماء الشركات؟ وما الجهة المختصة بتقييم المشاركة؟ وكم تبلغ قيمة الاستثمار؟ وما العائد من الاستثمارات؟، وتجاهل الرد لمدة أربعة أشهر ليأتي بعد ثلاثة كتب تذكير أرسلتها للوزير قبل التوقيع وتحديدا في 9 نوفمبر 2008 بأن “المعلومات غير جاهزة وطلب التأجيل”، وحتى اليوم لم تأت الإجابة”، متسائلا عن الشفافية التي تدعيها القيادات النفطية.

وأضاف: “لا اتهم أي شخص ولا أقبل بذلك دون أي مستند، وحتى اليوم أقول إن الوزير السابق العليم والقيادات النفطية ليس عليهم ما يثبت أي اتهام، لكن هناك كلاماً يظهره الكثير بسبب عدم إعطائهم معلومة صحيحة”، لافتا الى أن “الوزير في ذلك الوقت لم يحذر من أنه إذا تم إلغاء العقد فإننا ملزمون بالغرامة، وأننا اكتشفنا بطرقنا الخاصة أن العقد المكون من 160 صفحة ليس فيه شرط جزائي، وأنا أقول لوزير النفط الأسبق وقياداته مع احترامنا لكم أنتم آخر من يتحدث عن الشفافية”.

غموض الصفقة

وتساءل الملا: “إذا كانت هناك رغبة جامحة للقيادات باستيضاح الحقائق والشفافية فلماذا لم تجيبوا عن الأسئلة، فذلك ليس بالأمر الصعب، وليس من مواضع السرية”، مشيرا إلى أن غموضاً كان يلف الصفقة بشكل متعمد من الوزير العليم والقيادات النفطية الموجودة حاليا.

وبين أنه بسبب عدم وضوح الرؤية اليوم بشأن القضية بحث عن الوضع المالي لشركة “داو كيميكال” من خلال مصدرها الرسمي فوجد ان نسبة أرباح الشركة في 2005 بلغت 13.8 في المئة، وفي عام 2009 اصبحت الارباح 1 في المئة، والعائد على حقوق المساهمين 29.5 في المئة عام 2005، إلا أنه هبط في عام 2009 الى 2 في المئة، مضيفا أن قيمة الأصول في نهاية 2008 بلغت 48.4 مليار دولار ومعظمها مصانع ونسبة استهلاكها 70 في المئة.

وأضاف: “نقلت ما كان لدي من معلومات إلى الوزير العليم، ووعدني بالبحث” مبينا أنه قال للوزير إن الأمور الفنية لا تعنيه بحكم عدم اختصاصه، الا أن الأهم هو أموال الدولة وهل اتجاهها صحيح أم لا.

ولفت إلى أن المخيف يتمثل في كلام القيادات العليا في شركة الداو، في لقاء كان في قناة CNBC الاقتصادية الذي يستخف به البعض، والذي أكدته القيادات النفطية بعد إلغاء الصفقة وتكبد الكويت الخسائر، “ولا ألوم القيادات النفطية فأنا في ذلك الوقت خصمي الوزير والحكومة، وأنا شخصيا اتبعت الأسلوب الدستوري واللائحي، ولكن للأسف لم تأتني إجابة شفافة، ووفق كل هذه المعطيات فإنني عقدت مؤتمراً صحافياً قبل عقد الصفقة وبينت أن هذه الشركة وضعها سيئ”.

اقتصاد متذبذب

وذكر أن “وضع الكويت لم يكن جيدا في ذلك الوقت، وكان الطلب على النفط متذبذباً وكان سعر برميل النفط في بداية عام 2008 بلغ 90 دولارا، وفي وقت إلغاء الصفقة وصل إلى 36 دولارا، ووفق الميزانية فإننا نعاني العجز”، مشيرا إلى أن “كل هذه المعطيات جعلتنا نشعر بخوف وقلق إزاء الصفقة، خصوصا ان المعلومات لم تكن متوفرة للنواب ولا للشعب، وهو عكس ما نراه اليوم من البعض في وسائل الإعلام والذي لا يمت إلى الواقع بصلة، فضلا عمن يقول بأن الصفقة كانت ستوفر 5000 آلاف فرصة وظيفية في مصانع بالخارج هي في الأصل تعمل بكامل طاقمها، ولنا أن نقيس ذلك عندما أغلق وزير النفط الشيخ سعود الصباح آنذاك المكاتب الخارجية لـ KPI وأبقى مكتبا واحداً، لعدم جديتها في التوظيف والاكتفاء بـ 25 كويتياً فقط.

وبين أنه لا مجال للمقارنة بين المشروع في الكويت والمشروع المقام في المملكة العربية السعودية، مطالبا وزير النفط الحالي بوقف القيادات النفطية عن الخوض في الأمور السياسية، وأن عليهم بحث الشؤون الفنية في القضية وعمل المفاوضات دون اعتداء على خزينة أموال الدولة، لافتا ان خيار التأجيل لم يطرح إلا بعد أن تم توقيع العقد.

واستغرب الملا اشادة هاني حسين بالفريقين القانوني والتفاوضي، مبيناً أن ذلك أمر لا يقبله العقل وهو موقف متناقض للوزير، مؤكدا انه لم يكن يرغب في عقد المؤتمر الصحافي، مستدركا “ليعلم الجميع، أنا لم أشك يوماً في نزاهة محمد العليم، وعلى القيادات النفطية أن توقف حملاتها الانتخابية (بحسب تعبيره) واتخاذ الموقف السياسي، تاركين الموضوع الأهم للتفاوض حول الغرامة التي لحقت بالكويت جراء الصفقة”.

الصبيح: خسارتنا 20 مليار دولار

قال وزير النفط الأسبق عادل الصبيح، في مداخلة مع النائب السابق صالح الملا أثناء المؤتمر الصحافي، إن “الحكومة السابقة كانت ضعيفة ومقصرة وتتحمل كل المسؤولية تجاه قضية الداو، وليعترف الجميع أننا أخطأنا في تقييم الصفقة”، لافتا الى أن “خسارة الملياري دولار هي أقل تكلفة بينما الخسارة الحقيقة لنا في الوقت الحالي تقدر بنحو 11 مليار دولار، فضلا عن الخسارة السنوية للكويت والتي تبلغ 20 مليار دولار جراء تعطيل التنمية”.

وأوضح الصبيح أن “هناك مشاريع عدة خسرنا فيها، وعلى رأسها حقول الشمال التي كلفتنا 70 مليار دولار”، مبينا ان “التدخل المفرط لأعضاء مجلس الأمة في تخصصات السلطة التنفيذية تسبب في خسارتنا عشرات المليارات، والذي يتحمل المسؤولية القانونية الحكومة، لكن النواب يتحملون المسؤولية السياسية ويجب ان يعرف الشعب من يتجاوز الدستور”.
سجال بين الملا والصبيح

في رده على مداخلة الصبيح، أكد الملا أن “من حقي أن أبدي رأيي وفق الدستور، ولا يستطيع أحد سلبه مني”، مستنكرا عدم تطرق الصبيح إلى وزير النفط الأسبق محمد العليم لارتكابه جريمة وفق الدستور واللائحة، وأنه اخفى معلومات بتجاهله للسؤال الذي وجهته إليه ولم يجب حتى بعد أربعة اشهر”.

وأوضح الملا انه من خلال شراء أصول “داو كيميكال” سيتم تمويل صفقة رمو هاوس، الأمر الذي اعترض عليه الصبيح بأنه لا علاقة لـ”كي – داو” بتمويل رمو هاوس.

وبين الملا أن “دفاع النواب آنذاك عن الوزير العليم كان سياسيا، وبالأخص أعضاء الحركة الدستورية، الأمر الذي اعترض عليه الصبيح مطالبا الملا بأن يكون موضوعياً في نقده وعدم تصنيف من هو مع القضية سياسيا ومن هو ضدها، ورد الملا بأن “بأن المؤتمر الصحافي أقيم لإيصال رأيي في القضية” معرباً عن استعداده للدخول في مناظرة بعد أي دعوة توجه إليه.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.