في الحالة الانتخابية الجديدة نريد ان تكون آلية العمل وفق النظام لا خارجه، فتفتح شهية المائدة الرمضانية على مستقبل اكثر استقرارا.
هذه أول انتخابات تجرى في شهر رمضان في الكويت، وهي سابقة تضاف الى «عهد السوابق»، وبالطبع ستكون تجربة انتخابية مختلفة، لأنها جاءت بعد فترة طويلة من الاحتقان السياسي الذي تغلغل الى كل تفاصيل حياتنا وتصدر معظم حواراتنا حتى في البيت الواحد. فخلال هذه الفترة لم يخلُ بيت من انقسام داخلي «نشارك أو نقاطع»، وكل فريق له مبرراته وأسبابه. أما الآن، وبعد «حكم» المحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص الذي فصل في الشق الدستوري، بات من الضروري قراءة الواقع السياسي قراءة مختلفة واعادة النظر في كثير من المواقف السابقة.
فمنذ أحداث ديوانية جمعان الحربش في ديسمبر 2010 حتى صدور حكم المحكمة الدستورية في يونيو 2013 (أكثر من سنتين ونصف السنة)، والواقع السياسي الكويتي على صفيح ساخن، تشتّتت وتذبذبت وتغيرت فيه المواقف والآراء ووجهات النظر، ولعل سبب المشكلة برمتها هو الخلاف «الجذري» حول شكل العمل السياسي وآليته، هل تكون «داخل النظام» الذي حدده الدستور ووضع أطره وضوابطه، وهو اختيار المشاركين في الانتخابات السابقة لمجلس الأمة (مبطل 2)، أم تكون الآلية «خارج النظام»، وأحد أشكالها الخروج الى الشارع، وهو الأسلوب الذي اختاره المعارضون «المختفقون» (أي المختلفون أيديولوجياً المتفقون في بعض المصالح)، ولا يزال عدد منهم يصر على الاستمرار في العمل خارج النظام!
وهنا نتساءل: ما الفرق بين العمل وفق النظام، رغم قصور بعض جوانبه، وبين الخروج عنه؟
أليس من الأجدى القبول بالنظام والعمل من خلاله ومحاولة اصلاحه «من الداخل»، بدلا من العمل خارجه واثارة الفوضى والبلبلة والانشقاق، ولنا في الدول ذوات «الربيع العربي» مثال حي!
في الكويت دستور ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويضع حدودا للسلطات، بحيث لا تتداخل أو تتشابك أو تؤثر سلطة في أخرى، وفي حال نشب خلاف حول جزئية أو آلية، فان هناك سلطة وسطى محايدة تحافظ على النظام، وهي المحكمة الدستورية البعيدة عن الصراع السياسي والأيديولوجي، ويجب أن تبقى دائما بعيدة، فهذا ما يحفظ لهذه السلطة موضوعيتها واحترامها بل وهيبتها.
من الضروري أن تكون هناك مرحلة فصل واختيار بين العمل، اما «داخل النظام» وامكانية الاصلاح من خلاله، أو «خارج النظام»، والذي سيتسبب بفوضى وانفلات سياسي وأمني، لن يقبله كثير من الكويتيين الذين يطمحون الى التقدم والرقي والتنمية.
الانتخابات الرمضانية المقبلة سيكون لها مذاقها السياسي المختلف، لما ستحتويه من أطباق شهية متنوعة، نتمنى أن تفتح النفس لمستقبل سياسي أكثر نظاما ورؤية.
أسيل عبد الحميد أمين
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق