بعد عقدين من الزمن، قرر مجلس الأمن اخراج العراق من الفصل السابع الذي فرض عليه عقوبات كثيرة جراء غزو النظام الصدامي دولة الكويت عام 1990. وبموجب القرار 838 لسنة 1993 ظل العراق منذ ذلك التاريخ مقيدا بسلطة الأمم المتحدة، فاقدا الاستقلال من وجهة نظر القانون الدولي، فيما كانت عائداته المالية، وبالأخص العائدات النفطية، تذهب الى صندوق خاص تحت أشراف الأمم المتحدة، أطلق عليه «صندوق تنمية العراق»، ولا يحق له التصرف بها الا بموجب تفاهم خاص مع الصندوق.
ورغم وجود ملفات مازالت عالقة بين العراق والكويت، فإن الكويت لعبت دورا كبيرا بالتعجيل في جعل مجلس الأمن يتخذ القرار، مما يتيح للعراق تحقيق الكثير من الفوائد.
فعلى الصعيد الدولي، أصبح العراق مكتمل السيادة وذا قرار مستقل، وسوف يتم التعامل معه كدولة معترف بها بالكامل من قبل المجتمع الدولي سياسياً، وسترفع عنه القيود والحواجز الاقتصادية الدولية المفروضة عليه سابقا وفق الفصل السابع.
وبموجب القرار سيكون العراق مستقلاً مالياً وغير ملزمٍ بإيداع وارداته النفطية في صندوق الأمم المتحدة.
وانتقال العراق إلى الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يؤكد حل المنازعات بين أي بلدين بالطرق السلمية وعبر المفاوضات المباشرة، دون اشراف أممي او دولي او وصاية او رقابة اجنبية، إلا اذا طالب البلدان بذلك، هو دفع كبير للعلاقات الايجابية التي تحققت بين البلدين. وهذا يستوجب على العراق ان يمنع ازدواجية المواقف إزاء القرار، وان يجعله حجر الزاوية لعلاقات مستقبلية مع جارته الكويت. غير ان المهم في هذا كله ان القرار يوفر فرصة كبيرة أمام العراق لكي يعدل المسار السياسي والاقتصادي الذي يسير عليه، فما فائدة مثل هذا القرار لبلد يفتقد القواعد السياسية التي تجعله بلدا مستقرا، ويفتقد الأمن الى جانب تفاقم أجواء الارهاب واطلاق حرية أيدي الفساد في نهب اموال الدولة. وما فائدة هذا القرار بوجود مراكز قوى متعددة تتصارع على السلطة، وتجعل البلد على صفيح ساخن طوال الوقت، يصاحب ذلك صراع وعزل طائفي متوارث لا نهاية له.
أن الادعاء بقدرة رئيس الوزراء نوري المالكي وحزبه على تجاوز تلك الصعوبات والمنزلقات، هو ادعاء ينطوي على افراط في حب السلطة والجلوس على الأزمات الساخنة بسياسات مخادعة، ان عودة العراق الى وضعه الطبيعي، كما قالت مصادر القبس، التي استقصينا آراءها، هي فرصة كبيرة لتعديل الأوضاع في هذا البلد، ليس فقط خوفا من عودة نزعات التطرف والعدوان كما كانت عام 1990، انما لوضع العراق على طريق الديموقراطية الحقيقي، وليس الشكلي، واستغلال الفرصة الكبيرة للبدء بالتنمية الحقيقية، بعد ان اصبحت أموال العراق ملك يديه، والأهم من هذا كله ان يخرج العراق من «الفصل الطائفي»، وأن تقوم فيه حكومة متجانسة ومتوافقة على المبادئ الوطنية تمثل كل أطيافه، وليس كما هو قائم الآن.
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق