هل يدرك الاخوان المسلمون في مصر ما جرى لهم عشية يوم 30 يونيو على يد الجماهير المحتشدة التي سدت الآفاق؟
هل يفهمون ان حزيران 2013 قد شهد نقطة تحول تاريخية واختباراً علنياً وموقفاً شعبياً صريحاً من وجودهم لعام كامل في السلطة؟
لماذا استعجل الاخوان أساساً في استلام السلطة في مصر بعد ثورة يناير 2011؟ ولماذا كان نصيبهم هذا الفشل الذريع؟
سيناقش المحللون طويلاً ما جرى، ولكن من الممكن الاشارة الى بعض الامور والوقائع!
1- لم يفهم الاخوان ولم يتفهموا سبب انتخاب المصريين لمرشحهم الرئاسي د. محمد مرسي. فهذا الانتخاب لم يكن اختياراً للنظام الاسلامي كما يفهمه الاخوان ويبشرون منذ عقود. بل كان الانتخاب قبل كل شيء قطع صلة بنظام مبارك والفساد المالي والاداري والتوريث وغير ذلك. وكان على الاخوان ان يأخذوا هذه الحقيقة كمحور اساسي في سلوكهم السياسي، وان يكون د. مرسي رئيساً لمصر لا اداة الاخوان لحكم مصر.
2- لا يمكن لحزب غير ديموقراطي ان يبنى نظاماً ديموقراطياً والحزب الذي يسترشد بتعاليم الشيخ حسن البنا ومؤلفات سيد قطب وافكار د. يوسف القرضاوي ويبنى سلوكه على الطاعة العمياء وان يكون العضو كالميت في يد من يغسله وان ينفذ اولاً ثم يناقش، بل وان لا يناقش ولا يعترض إلا قليلاً، كي لا يشك الحزب في ولائه!! مثل هذا الحزب لا يستطيع ان يكون بديلاً ديموقراطياً لنظام ثورة يوليو وحكم العسكر.
3- اراد المصريون انفتاحاً ديموقراطيا وتحولاً عصرياً وتغيرا نوعياً في حياتهم، يليق بثورتهم وتضحياتهم. ولاشك ان جماعة الاخوان قاومت الاستبداد طويلاً وجاهدت كثيراً، وكان من الممكن ان تحقق الكثير او القليل من النجاح لو حكمت قبل نصف قرن. اما ان تحاول تطبيق احلامها وسط دنيا العولمة وثورة الاتصالات وانهيار الكثير من المفاهيم التقليدية وغير ذلك.. فأمر مستحيل.
ان العلنية مثلا والشفافية والمصارحة من اركان النظام الديموقراطي، فكيف تستقيم هذه الاسس مع مستلزمات نهج الاخوان القائم على الاستعانة في قضاء الحوائج بالكتمان، وان تكون الحياة السياسية ومطابخ القرار في تسعة اعشارها داخل مقرات الاخوان والمرشد، بينما لا يعلم حتى الرئيس نفسه الى اين ستسير به الجماعة؟
4- لم يدرس الاخوان آثار التجارب الاسلامية في العالم العربي، على الاقل منذ الثورة الايرانية والتجربة السودانية الفاشلة ومغامرات الاسلام السياسي وتنظيمات الارهاب الديني في العديد من الدول، والتي بنت شكوكاً في نفوس الجماهير ونفوراً من الاسلاميين لدى شرائح عريضة من الطبقة المتوسطة والمستثمرين والمجتمع الدولي وغيرهم. وتتضاعف مصاعب تطبيق شعارات وبرامج الاخوان و «النظام الاسلامي» برمته في دولة كمصر بما تمثله سياسياً وثقافياً ودولياً وغير ذلك. ولاشك ان الرئيس د. محمد مرسي وجد نفسه مراراً وهو في الحكم، ممزقاً بين متطلبات تطبيق عقائد الاخوان، وبين مستلزمات النهوض بمصر، وبين ضغوط الواقع الدولي والعربي، الى جانب حقائق مريرة اخرى.
لقد اضرت تجربة الاخوان في حكم مصر بمصالحهم الحزبية في كل مكان، وزودت خصومهم بالمزيد من الحجج على تعثرهم وعدم ملاءمة حلولهم وافكارهم للمجتمعات المعاصرة.
ولا نعلم الآن اين سترسي الاحداث والتطورات بالرئيس مرسي، ولكن هيبة الحكم زالت، ومكانة الاخوان وطبيعة افكارهم وسياساتهم بانت.
ما الذي سينقذ الاخوان في مصر والعالم العربي؟
ربما الانسحاب مؤقتاً من الحياة السياسية المباشرة، والانهماك في بناء حزب على اسس عصرية ديموقراطية شفافة، على نمط الاحزاب المسيحية الديموقراطية في اوروبا مثلاً. حزب يساهم في بناء الحياة الروحية والثقافية والقيمية للمجتمعات العربية بدلاً من الصراع على المغانم السياسية الزائلة!
خليل علي حيدر
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق