قالت وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية ووزيرة الدولة لشؤون مجلس الامة الدكتورة رولا دشتي هنا اليوم أمام مجلس الامم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي “ان الازمات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتزايدة توحي بأن العالم سيشهد استمرارا في الاضطرابات خلال السنوات القادمة”.
ورأت دشتي في كلمة الكويت أمام الجلسة رفيعة المستوى للدورة الاعتيادية للمجلس المتواصلة حتى الرابع من يوليو الجاري “اما ان يقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بدور المتفرج او يضطلع بدروه كهيئة حكومية دولية فاعلة تعمل مع كافة الدول والهيئات المعنية الاخرى في سبيل التواصل الى استجابة فعالة ومناسبة وفورية لتلبية الاحتياجات الانمائية الطويلة الاجل والمساهمة فيها”.
وبينت ان دولة الكويت “تؤمن بضرورة قيام المجلس بدور محوري باعتباره جهازا رئيسيا في الامم المتحدة كما يتعين بلورة رؤية الوثيقة الختامية لمؤتمر (ريو+20) التي اكدت ضرورة اعتماد نهج متكامل إزاء التنمية المستدامة والقضاء على الفقر ومتابعة الالتزامات السياسية تجاه البلدان النامية والاقل نموا”.
وأكدت “ان الوصول الى هذا الهدف يتطلب مزيدا من التعاون الدولي اذ يجب على المجلس الاضطلاع بهذه المهام إجرائيا او تحسين فهم هذه المسائل وتعزيز توافق الآراء بشأن اتخاذ الاجراءات الملائمة لها وتؤكد في هذا الشأن دعمنا للتوصيات التي توصل لها الفريق العامل المعني تعزيز عمل المجلس”.
وقالت ان دولة الكويت ترى أن “التحديات المترابطة في مجال التنمية المستدامة والقضاء على الفقر تندرج في صميم ولاية هذا المحفل ويجب الاستفادة من المخزون العالمي من المعلومات والخبرات والتجارب التي اكتسبتها منظومة الامم المتحدة من اجل تحديد المسائل الاساسية والابعاد الشاملة والاولويات الاستراتيجية للميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية”.
كما شرحت أهمية تعزيز مجلس الامم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي بالاستفادة من أطراف من خارج نطاق منظومة الامم المتحدة عبر اشراك الاوساط الاكاديمية والعلمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وعلى كافة المستويات في سبيل تبادل المعرفة واتاحة الشراكات المعلوماتية وذلك بهدف تعميم مفاهيم التنمية المستادمة العالمية على الجميع .
ورأت ان هذه التحديات تفرض على المجلس الاقتصادي والاحتماعي ولجانه الفرعية الاضطلاع بدور أكثر نشاطا من خلال تعزيز متابعة الرصد الموضوعي وعلى كافة المستويات الوطنية والاقليمية والعالمية في سبيل تنفيذ نتائج جميع المؤتمرات والقمم ذات صلة التي تعقدها الامم المتحدة وعلى نحو متكامل .
كما تناولت الوزيرة دشتي في كلمتها موضوع الدورة الحالية للمجلس المعنية ب(تسخير العلوم والتكنولوجيا والابتكار والامكانيات الثقافية في تعزيز التنمية) مؤكدة انها تتماشى مع “ايمان دولة الكويت بأن للعلم والتكنولوجيا والابتكار دورا حاسما في تعزيز الوصول الى المعرفة وزيادة الانتاجية والتصنيع والتنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل لائقة لتحسين المستوى المعيشي ورفاهية المجتمعات”.
وأشادت دشتي ببعض الابتكارات التي استعرضها المجلس في جلسة امس في مجال الرعاية الصحية لمشكلات ضحايا الحرب وتمكينهم من العيش حياة طبيعية وكريمة للمساهمة في تنمية مجتمعاتهم .
وأثنت على مشروع تعزيز القدرات التعليمية المجانية عبر شبكة الانترنت وربط الافراد من مختلف دول العالم . ورأت الوزيرة دشتي “ان هذه الامثلة ما هي الا بعض النماذج من مشروعات ابتكارية تؤكد أهمية توفير الظروف والبيئة الملائمة في مجال العلم والتكنولوجيا والابتكار لتفعيل الشراكة والتعاون بين دول الشمال والجنوب” .
وأوضحت ان تلك الشراكة تهدف إلى “تعزيز جهود التنمية والتغلب على الفقر والتقارب بين ثقافات الشعوب حتى تكون مجتمعاتنا أكثر انفتاحا وترابطا واندماجا في الاقتصاد العالمي لاسيما وان التركيز على العلوم والتكنولوجيا والابتكار ما هو الا ترجمة ومتابعة للنتائج والتوصيات المنبثقة عن مؤتمر (ريو +20) للتنمية المستدامة” .
وشددت الدكتورة دشتي على ان التنمية المستدامة وفق تلك التوصيات “ستكون موطئ قدم على التقنيات الخضراء وسياسات الاقتصاد الاخضر ببعديها الوطني والعالمي”. وأوضحت “في الوقت الذي تؤكد فيه دولة الكويت اهمية المميزات والايجابيات التي سنجنيها من التحول الى الاقتصاد الاخضر الا ان ذلك يجب ان يكون متاحا لجميع الدول دون استثناء والعمل على تعزيز الجهود الدولي في هذا الجانب”.
وربطت الوزيرة دشتي الوصول الى هذا الهدف بمساعدة الدول نحو بناء اقتصاد اخضر في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر من خلال عدم خلق حواجز تجارية جديدة على البلدان النامية والاقل نموا او فرض شروط جديدة على المساعدات الائتمانية والتمويل والعمل على تقليص الفجوة التكنولوجية بين البلدان النامية والمتقدمة .
كما شددت على “ضرورة اعطاء الدول الحرية في تبني سياساتها الوطنية بشأن التنمية المستدامة وإلا يكون هناك نموذج واحد يطبق على كل الدول آخذين بعين الاعتبار بأن العلوم والتكنولوجيا تتطوران باستمرار وتؤثر في التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي وتعطي مجالا لطرق جديدة في الابتكار” .
في الوقت ذاته رأت ان “سياسات ادارة التكنولوجيا والابتكار القائمة تحتاج الى تنظيم في سياساتها الدولية بما في ذلك نظم الملكية الفكرية والتكيف مع هذه البيئة المتطورة مع ضرورة معالجة الاحتياجات الخاصة بكافة الدول ولاسيما البلدان النامية” .
وشرحت دشتي “ان العالم شهد الكثير من التحولات في المفاهيم والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدخول في عصر جديد مع التكنولوجيا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وقد عززت هذه التحولات الترابط بين دول وشعوب العالم حيث الاقتصاد العالمي الحر والتجارة الدولية وتشجيع الاستثمارات الاجنبية وفتح الطريق أمام تدفقات رؤوس الاموال وانتشار الوسائل التكنولوجية”.
وقالت “ان هذه النظم العالمية الجديدة عادت بالنفع على من يعيش في البلدان النامية والبلدان المتقدمة على حد سواء ومن اهم نتائجها افلات الكثير من شعوب البلدان النامية والاقل نموا من قبضة الفقر”.
وعزت تلك النتائج إلى “انخفاض تكاليف انتاج السلع والخدمات في هذه البلدان التي ساهمت في تنمية اقتصادياتها والذي يتعبر العامل الرئيسي في انخفاض مستوى الفقر حيث من المتوقع ان ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل يصل الى 4ر2 بالمئة في هذا العام” .
في المقابل شرحت الوزيرة دشتي “ان هذه التنمية والزيادة في الانتاج كانت على حساب البيئة واستنزاف مواردها الطبيعية بشكل جائر حيث بلغت الزيادة التي يشهدها العالم منذ عام 1970 في انبعاثات الاحتباس الحراري ما نسبته 75 بالمئة ولعل تغيير المناخ والكوارث الطبيعية المتزايدة وندرة الغذاء ما هي الا شاهد على ذلك” .
واكدت ان “التحدي الرئيسي الذي تواجهه البشرية اليوم اصبح كيفية التوفيق بين المضي في عملية التنمية العالمية من جانب والقضاء على الفقر والمجاعة من جانب آخر”. وأشارت الى “ان الفقر آفة تفتك بحياة الكثير من البشر في انحاء متفرقة من العالم حيث يبلغ عدد من يعيشون في فقر مدقع ما يقارب المليار شخص اضافة الى ان سدس سكان العالم يعانون سوء التغذية”.
ولفتت الوزيرة دشتي الى ان “الحد من الآثار السلبية على البيئة والمحافظة على مواردها لانجاز التنمية البشرية ولتحقيق حاجة الشعوب دون المساس بقدرة الاجيال القادمة على تحقيق حاجتها فانه لابد من الاخذ بعين الاعتبار ضرورة تحقيق الموازنة بين ثلاثة عناصر لضمان التنمية المستدامة”.
واوضحت ان تلك العناصر هي “البشر وكوكب الارض والعائد المالي وبمعنى آخر فان السعي نحو تحقيق الرخاء الاقتصادي يجب الا يكون على عاتق البيئة او على حساب اعضاء المجتمع” .
وأشادت الوزيرة دشتي بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي لاظهار قدراته على التكيف من خلال عدد من عمليات اعادة تنظيم اداءه واساليب عمله حيث تمثلت التغيرات الاولى على توسيع نطاق عضويته.
واستذكرت دشتي امام المجلس المبادرات التي انطلقت منذ عام 1973 لزيادة فاعليته وقدم عدد من المقترحات مع مطلع السبيعينيات وحتى التسعينيات موضحة “ان العديد منها لم ينفذ علما ان المجلس يضطلع منذ عام 1990 بمهمة كفالة التنفيذ والمتابعة المتكاملتين لنتائج المؤتمرات الرئيسية ومؤتمرات القمة المعنية بالميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئة” .
كما لفتت الى ان “من الانجازات البارزة في عمل المجلس التوصل الى توافق (آراء مونتيري) الذي كرس دور المجلس في تمويل التنمية اضافة الى الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة لعام 2005 التي اكدت مجددا دور المجلس بوصفه الهيئة الرئيسية لاستعراض تنفيذ الاهداف الانمائية الدولية بما في ذلك الاهداف الانمائية للالفية”.
وشددت على ان دولة الكويت تدرك أهمية تعزيز دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي واعادة النظر في أساليب عمله التي ينبغي ان تستند إلى الاجراءات التصحيحية على المزايا والصلاحيات الممنوحة له. وشرحت ان تشكيل الهيئات الفرعية وهيئات الخبراء التابعة للمجلس مصدرا هاما من المعلومات المتعلقة بالمسائل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يمكن ان تحول المجلس الى منبر رائد على الصعيد العالمي اذا ما استغلت على نحو ملائم.
وأوضحت ان شرعية المجلس وقدرته على الدعوة إلى عقد الاجتماعات يمكن ان تجتذب أصحاب المصلحة الرئ
قم بكتابة اول تعليق