شكّكتُ بالتجربة الديموقراطية في الكويت قبيل حل مجلس الأمة عام 1986 حين رصدت انحراف البرلمان عن دوره الأصيل في الرقابة والتشريع، وتحوله من حاضنة للحريات إلى محرقة لها، وكتبت عن ذلك الانحراف وحذرت من خطورة زراعة الريح وحصاد العاصفة، وذكرت انه قبل الحديث عن الديموقراطية ينبغي الحديث عن إعداد الإنسان الديموقراطي.
اليوم، أقلّبُ في حصيد الربيع العربي وأتأمل التجارب العربية المريرة في مجال التعددية وتداول السلطة أو المشاركة فيها، وأتذكر أن جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر بعد ان حصلت على الأغلبية في الانتخابات التشريعية عام 1991 قلبت ظهر المجن للعالمين وأعلنت ان الديموقراطية كفر مخالف للشريعة وغير ذلك من المبكيات المضحكات العتيقة والطازجة في مجتمعاتنا الحائرة.
أعود إلى التجربة الديموقراطية في الكويت والتي ولدت على يد حاكم الكويت الأسبق المغفور له الشيخ عبدالله السالم، وقت قرر «أبوالديموقراطية» منح الشعب سلطة التشريع والرقابة دون أن يسبق هذه المنحة إعداد طويل ومناسب لإنتاج نظام ثقافي ديموقراطي يعيش فيه أناس ديموقراطيون يؤمنون بالتعددية واحترام الآخر ويتقنون فن الاختلاف.
الديموقراطية نظام حياة يناسب المجتمعات التي يتواضع فيها الأفراد فيدركون واجباتهم قبل حقوقهم أما المجتمعات المزهوة بالفخار والوهم فديموقراطيتها تجرجرها في دروب الشوك والهلع.
www.salahsayer.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق