جماعة الإخوان المسلمين في الكويت خصوصا اولئك المتدثرين بالحراك الشبابي وليس رجال الخير والدعوة منهم وقعوا مؤخرا في شر تناقضاتهم.
انهم يرفضون الثورة الثانية للشعب المصري «ثورة 30 يونيو» مناقضين كل مبادئهم المعلنة «لاغراض في نفس المرشد» ومعاكسين كل تصريحاتهم وادعاءاتهم باسناد الشعوب ضد الحكام وضرورة تغليب كلمة الشعوب التواقة إلى الحرية وإلى حياة أفضل.
تراهم اليوم يكررون بشكل يشبه حالة اللاوعي أو التغييب أو التوجيه الذي لا يملكون حياله شيئاً من امر انفسهم، تراهم يكررون مقولة ان مرسي هو الحاكم الشرعي، وانه يجب ان يكمل مدة رئاسته، بينما نرى النقيض تماما في مواقف اخرى، وبشكل يجعل من مبادئهم في حالة «ستربتيز»، فصارت تلك المبادئ مثل الجني في المصباح يستدعونه متى وافقت المبادئ التي يرفعونها اهواءهم.. ويعيدون المبادئ ذاتها الى «القمقم» ان لم تكن على وفاق مع اهوائهم ولا تؤدي الى اهدافهم.
لنعد بالذاكرة إلى الوراء قليلاً، الشعب الكويتي في غالبيته رفض قبل سنوات بسيطة مجلس 2009، واستاء من حالة الفساد العلني غير المسبوق الذي مورس في تلك الفترة سواء من قبل بعض النواب او بعض اطرف الحكومة التي كانت ما بين رعاية الفساد أحياناً.. وزراعته في أحايين اخرى، واحياناً تسكب فوقه قاذوراتها من باب «التسميد» لضمان سرعة نموه.
نظرية الاخوان المسلمون الراهنة مع حالة محمد مرسي مناقضة تماما لموقفهم مثلا من مجلس 2009 ومن حكومة 2009 في الكويت.
انهم اليوم يرون مرسي هو الشرعية حتى لو خرجت مصر عن بكرة أبيها ضده، بينما كانوا ضد مجلس 2009 وكان مجلساً شرعيا (على الورق) لكنه فقد الشرعية عندما فقد التأييد من الجميع وخرجت الجماهير ضده. لكنهم يطبقون مبادئهم على الحكومة الكويتية وعلى مجلس الامة الكويتي، ويطالبون بخلع من ترفضه الجماهير هنا، ولكنهم لا يلتزمون بنفس المبادئ ان كانوا هم من فقد تأييد الجماهير التي تحولت ضدهم.
وبناء عليه، رأيناهم اعتمدوا «الجماهير» سببا لخلع مجلس الامة ورئاسة الوزراء والوزراء، بينما الـ33 مليوناً الذين خرجوا في أكبر تظاهرة عرفتها الأرض ضد مرسي يرونهم لا شيء ويتشبثون بالشرعية الورقية.
ما نعرفه ان الشرعية اذا زالت باتفاق الغالبية العظمى من الشعب ومن القوى السياسية فلابد من الاستجابة لها، ولقد كان الرئيس محمد مرسي يمثل الشرعية المصرية فعلا عندما انتخب رئيسا، ولكن ظل الوضع كذلك حتى خرج عليه اكثر ممن انتخبوه رئيسا اصلا، وبالتالي لو كان مرسي حريصا على الشرعية من جهة وعلى عدم تدخل الجيش من الجهة الثانية لاقدم من نفسه فورا على التنحي من ليلة يوم 30 يونيو، ولدعا الى انتخابات رئاسية مبكرة، فيحافظ بذلك على ماء وجهه ويحافظ كذلك على الشكل الرسمي والورقي للمشروعية، ولاستسلم واستجاب الى الشرعية الاصلية التي تفرضها الجماهير.
ولكنه لم يفعل، ربما لانه لا يملك أن يفعل ذلك، واستمر على الكرسي حتى خلعه الجيش بحضور مختلف التيارات والقوى المصرية للاشارة الى موافقة جميع الأطراف (عدا الاخوان) على هذا الاجراء.
ونحن هنا نتساءل، هل آمن اخوان مصر بالنظرية الكويتية القائلة (اما نكون اللي نبي ولاّ عسانا ما نكون)، واختاروا لمصر.. الا تكون؟.. فاتحين على بلادهم ابواب حرب اهلية وصراعا داخليا؟!
نتمنى الهداية لاخوان مصر، ونحن على ثقة بقدرة الشعب المصري على ان يستقر مهما ادلهمت خطوب بلادهم، واهل مصر ادرى بشعابها، وقادرون على الخروج من ازمتهم الراهنة، لكن المهم ان يتعظ العاقل الكويتي ويعلم ان الاخوان السياسيين مستعدون لالتهام الدولة ذاتها مقابل تحقيق اغراضهم، وان ما يحدث في مصر الآن، ربما كان مخططا له ان يحدث في الكويت قبل مصر، وربما يحدث في الكويت مستقبلا، وهذا ما يجعلنا نرتاب وننفر من اي احزاب ذات انتماءات اجنبية او خارجية ولا مرجعية وطنية لها تقدم مصلحة البلد على مصلحة الحزب، سواء كانوا من الاخوان المسلمين او حزب الله أو القاعدة، أو ما شابهها من أحزاب لها ارتباطات خارجية تفرض عليها اجنداتها الداخلية.
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
@waleedjsm
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق