فيما تستعد قاعة عبدالله السالم لمناقشة استجوابي النائبين الصيفي مبارك الصيفي ورياض العدساني المقدمين لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل أحمد الرجيب، وذلك يوم 20 الجاري، جاءت استقالة الوزير الرجيب قبل صعوده المنصة.
وجاء نص الاستقالة كالتالي:
سمو الشيخ/ جابر المبارك الحمد الصباح حفظه الله
رئيس مجلس الوزراء
تحية طيبة.. وبعد،
فقد تشرفت بثقة حضرة صاحب السمو الامير حفظه الله ورعاه وثقة سموكم الغاليتين بموجب المرسوم رقم 18 لسنة 2012 الصادر بتاريخ فبراير 2012، بتعييني وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل.
وقد كان رائدي واخواني الوزراء بقيادة سموكم ان نكون عند حسن ظن سموكم وفي مستوى الثقة العزيزة للشعب في مواجهة مرحلة من ادق مراحل تاريخ وطننا الحبيب، بما تنطوي عليه من تحديات على كافة الاصعدة والمستويات.
كما كان لي شرف العمل على مدى 40 عاما في المؤسسة الامنية خادما لوطني واهل ديرتي بكل امانة واخلاص، باذلا قصارى الجهد بالتعاون مع اخواني رجال الامن في الحفاظ على امن الوطن، مضحيا بالغالي والنفيس، من اجل صيانة سيادته وسلامته، ولم يكن الاسر الذي تعرضت له على ايدي المعتدي الغادر خلال جريمة الاحتلال العراقي الآثم الا جزءا يسيرا مما يستحقه هذا الوطن علينا جميعا.
ويشهد الله بانني كنت ولا ازال وسأظل دائما مجسدا بإيمان عميق وصادق قسمنا العظيم بان اكون مخلصا للوطن والامير، محترما للدستور وقوانين الدولة، مدافعا عن حريات الشعب ومصالحه وامواله، مؤديا لأعمالي بالامانة والصدق، متمسكا بثوابتنا المبدئية، متشبثا بوحدتنا الوطنية، حريصا على تعزيزها وقوتها، مدركا لمقتضياتها وموجباتها وضروراتها.
سمو رئيس مجلس الوزراء حفظه الله،
لم يكن خافيا علي لدى قبولي المشاركة في تحمل مسؤولية العمل الوزاري، طبيعة العمل السياسي وتبعاته، وكنت مدركا لما ينطوي عليه هذا المجال من تحديات، ولم يكن امامي ما اخشاه او اتحسب له، طالما كان ادائي خالصا لوجه المولى سبحانه، وملتزما بأحكام القانون حريصا على المصلحة العامة، في اطار من الشفافية والوضوح، مستعدا دائما لأي مساءلة مستحقة او محاسبة لأي قصور او خلل في المواقع التي اتحمل مسؤوليتها بحكم المنصب الوزاري الذي أتولاه، فهذه طبيعة العمل البرلماني، كما رسمها الدستور والقانون.
ولعلكم يا سمو الرئيس تلحظون ما اصبح يحيط العمل الوزاري في الكويت الحبيبة من اجواء غير صحية يملؤها التصيد والتشكيك في الذمم والنزاهة والسعي الى تصفية الحسابات، ولعل ابلغ دليل على ذلك ما تحفل به بعض صحفنا ووسائل الاعلام من اتهامات وتشكيك وتجريح للوزراء والمسؤولين بدون دليل او برهان، وليس اقسى على من يعمل بإخلاص وامانة اطلاق مثل هذه الاتهامات والاساءات، وما اسهل الرد عليها بمثلها وبأشد منها، ولعل وما يزيد الامر سوءاً بأن مثل هذه الاساءات وبكل اسف يصدر اغلبها من بعض الاخوة اعضاء مجلس الامة الذي نتقاسم معهم مسؤولية النهوض ببلدنا، والسعي الى تحقيق امال المواطنين وتطلعاتهم غير اننا لن ولم نسمح بان يتسرب الاحباط الى نفوسنا او ينال من عزيمتنا في مواجهة التحديات ودفع مسيرة العمل الوطني وخدمة وطننا واهلنا الكرام تحت راية حضرة صاحب السمو الامير حفظه الله ورعاه الشامخة.
وفي هذا الخضم، فقد تقدم احد الاعضاء باستجواب لي طالما هدد بتقديمه، والاستجواب ولئن كان هو حق نظمه الدستور ولا خلاف حول ذلك، الا ان ما لا يمكن قبوله باي حال من الاحوال هو ان يتجاوز الانحراف والانحدار في الممارسة البرلمانية حدود غير مسبوقة تصل الى التخوين والتشكيك بالوطنية ودق إسفين الفتنة بين أبناء المجتمع، ووصف من أفنى حياته في خدمة المؤسسة الأمنية العتيدة بأقذع الأوصاف دون وجه حق.
وفي هذا المقام يا سمو الرئيس، فإني لا أتحدث عن شخصي وحسب، ولكن عن وضع ومكانة من يتولى العمل الوزاري في دولة الكويت ويحمل الثقة الأميرية الغالية، فإذا كان يمكن التغاضي عن ممارسات وتصرفات شخصية مريضة وتصريحات وادعاءات تعكس قيمة أصحابها، إلا أنه لا يجوز أن يصل الأمر إلى استجواب يقوم أساساً على الطعن فيمن يحظى بثقة سمو أمير البلاد، والمساس بصلاحيات سموه الدستورية، ولقد كانت الطامة الكبرى أن هذه الاساءات البالغة قد تضمنتها للأسف صحيفة استجواب معتمدة بتوقيع السيد رئيس مجلس الأمة، بالإضافة إلى أنها حظيت بمباركة ودعم- كتلة نيابية، وهم جميعا يعلمون بخطورة ما جاء في هذه الصحيفة من اتهامات وادعاءات وعلى الأخص فيما تضمنه المحور الأول منه، تنطوي على فتنة بغيضة وتحريض والعياذ بالله يشق الصف ويدمر النسيج الاجتماعي للوطن بادعاء افتراضات واهية وفهم مريض مليء بالعبارات النابية والأوصاف السيئة وهو أمر مخالف لأحكام الدستور، والضوابط التي تحكم الاستجواب ناهيك عن خروجها عن إطار القيم والمبادئ الاجتماعية التي عرف بها مجتمعنا الكويتي.
سمو رئيس مجلس الوزراء حفظه الله،
يعلم الله بأنني هنا لا أتحدث عن شخصي المتواضع، فكلنا مؤقتون في هذه المناصب ولكن الكويت هي الأمر الأهم والأبقى.
اذ ان ثمة تساؤلات مشروعة تفرض نفسها حول ما تشهده البلاد من تداعيات تثير هواجس المواطنين وقلقهم بشأن حاضرهم ومستقبل اجيالهم القادمة، ولا سيما في ظل الممارسات التي لن تزيد الأمر الا سوءا وضررا، فنظرة واقعية واحدة كفيلة بتشخيص حجم الخلل القائم الذي لا يسمح لأي حكومة بتحقيق اي انجاز.
– فكيف يمكن محاسبة الوزير او مساءلته خلال فترة لا تسمح له بالاحاطة بكافة امور وزارته والسياسات والخطط المعتمدة فيها، ولا بتقييم القياديين والمسؤولين فيها، ليتخذ اجراءاته الاصلاحية تجاه اي خلل؟!
– اي دستور وأي لائحة تسمح بمحاسبة وزير على رأي ابداه قبل تولي الوزارة نتيجة وهم مريض، وافتراضات واهية، واي برلمان يجيز مثل هذه الممارسة المنحرفة.. عن اسس ومتطلبات الديموقراطية كما يجب ان تكون.
– كيف يمكن للوزير ان يتعامل مع التصريحات المتوالية للأعضاء في مختلف وسائل الاعلام المليئة بالتجريح والتشكيك والمساس بالكرامة والاتهامات دون دليل له وللمسؤولين دون ان يخرج عن اطار احترامه ومقتضيات منصبه الوزاري كوزير في حكومة دولة الكويت؟!.
– كيف يمكن التعامل مع مظاهر تدخل المجلس بالسلطات الاخرى وتجاوزها والممارسات البرلمانية التي لا سند لها في الدستور او اللائحة استقواء بالاغلبية النيابية التي لا تستند الى اساس موضوعي واعتمادا على مبدأ خاطئ، وهو «المجلس سيد قراراته»؟!!، وهل يجوز ان يكون فعلا سيدا لقراراته فيما يخالف الدستور واللائحة؟!!.
– كيف يمكن ان يتحقق التعاون بين المجلس وأي من الوزراء في ظل غياب الثقة المتبادلة ومظاهر سوء النوايا والاحكام المسبقة.
سمو رئيس مجلس الوزراء حفظه الله…
اننا لا نتهرب من مواجهة التحديات ايا كانت، وليس خوفا ولا تهربا من المسؤولية، لكنني اربأ بنفسي من الانزلاق الى منحنى يسيء الى مسيرتي وسمعتي بما يشكله من انتهاك صارخ لاحكام الدستور، واصرار على الانحراف عن جادة الصواب، وخروج سافر عن الاعراف والقيم والثوابت الراسخة لمجتمعنا، ومزايدة رخيصة من شأنها محاولة شق الوحدة الوطنية من اجل مكاسب شخصية.
وازاء كل ذلك، فانني اتقدم لسموكم حفظكم الله ورعاكم باستقالتي من العمل الوزاري، آملا من سموكم الكريم تفهم دواعيها ومبرراتها، شاكرا لحضرة صاحب السمو الأمير حفظه الله ورعاه ثقته الغالية، وثقة سموكم، مسجلا بكل الاعتزاز والتقدير دعم سمو ولي العهد حفظه الله ومساندته، واخواني الوزراء بما قاموا به من تعاون صادق، منوها بما ابداه بعض الاخوة اعضاء مجلس الامة من مواقف ومشاعر تجسد الانصاف والموضوعية، سائلا المولى العزيز ان يحفظ كويتنا الغالية واهلها الاوفياء ويديم عليهم نعمة الامن والاستقرار والرفعة والازدهار، وان ينعم على سمو أميرنا وولي عهده حفظهما الله ورعاهما بموفور الصحة والعمر المديد وان يكون لسموكم خير سند وعون لمواصلة عطائكم المخلص واخواني الوزراء لكل ما فيه الخير والصلاح.
{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}
صدق الله العظيم
وتفضلوا سموكم فائق الاحترام والتقدير،،،
وزير الشؤون الاجتماعية والعمل
إلى ذلك قال النائب الصيفي مبارك الصيفي “باستقالة وزير الشؤون اليوم نأمل أن يتعظ كل من يحاول الإساءة لأي فئة من فئات الشعب الكويتي من عواقب الأفكار العنصرية”، فيما قال النائب رياض العدساني إنَّه “في حال قبول استقالة الوزير الرجيب فإنَّ استجوابي سيظل قائماً ما لم يصلح الوزير الجديد ما جاء فيه”.
من جانب آخر قال النائب د. خالد شخير “حول ما تردد عن وجود تشكيل حكومي فإنني أؤكد أن استجوابي لوزير الدفاع قائم بغض النظر عن شخص الوزير ما لم يتم إصلاح الخلل”.
وكان مجلس الأمة حدد يوم 20 الجاري لمناقشة الاستجوابين المقدمين للوزير الرجيب وذلك بناءً على طلب الوزير بتأجيل الاستجوابين ومناقشتهما معاً في جلسة واحدة وبشكل منفصل.
وكان النائب العدساني، قال بشأن موقفه في حال استقال الرجيب قبل جلسة 20 يونيو، “هذا شأنه، وله كل التقدير على المستوى الشخصي، لكن ستبقى وقتها محاور استجوابي قائمة، وسأعطي فرصة للوزير الجديد بعد عرض محاور الاستجواب عليه لمعالجتها، وفي حال أخفق في القيام بمسؤلياته، سأقدم له نفس الاستجواب، لأن الهدف من تقديم الاستجواب ليس رأس الوزير وإنما وقف هذه التجاوزات ومحاسبة المقصرين”.
ويعتبر الوزير الرجيب هو الوزير الثاني في الحكومة الحالية، الذي يتقدم باستقالته، بعد وزير المالية السابق مصطفى الشمالي، الذي صعد المنصة مفنداً محاور الاستجوابات المقدمة إليه من كتلة الأغلبية، ثم تلي تفنيده بالاستقالة.
قم بكتابة اول تعليق