إبراهيم العوضي: تناقضاتنا في أحداث مصر

أحداث متلاحقة واكبت تظاهرات وتجمعات ميدان التحرير وما تبعها من تغيرات دراماتيكية تابعها الجميع لحظة بلحظة، ليس لسبب سوى أن مصر كانت وما زالت تعتبر نبض الشارع العربي وما يجري لها دائما ما يشكل انعكاسا على واقع الدول العربية الأخرى، والشواهد التاريخية هي أكبر دليل على ذلك.
لست بصدد تحليل ما جرى، ولكن ردة فعل الشارع الكويتي شكلت لي على الأقل، علامات استفهام كثيرة وتناقضات لم ولن أجد لها تفسيرا منطقيا أو شرحا واقعيا واضحا!
المصيبة، أن من يؤمن بالدستور والتشريعات واحترام القانون والشرعية بالكويت، هو أول من صفق وهلل وكبر بعد أن تم الإعلان من قبل القائد الأعلى للقوات المسلحة في مصر عن خارطة الطريق والتي كان أساسها عزل الرئيس المنتخب بإرادة الشعب محمد مرسي، فغابت نتيجة لذلك لديهم أبسط المفاهيم التي كانوت ينادون بها ويقاتلون من أجلها وذلك لسبب واحد فقط، أن الضحية هم «الإخوان المسلمين»!
لن أدافع عن هذا الحزب وماضيه، حيث إنني لم أجد نفسي يوما مقتنعا أو حتى متأثرا بمبادئهم أو أفكارهم أو توجهاتهم أو تطلعاتهم المشبوهة ولا حتى أيضا بشخوصهم، لكن ذلك لا يعني أن يناقض البعض مبادئه المتمثلة بالإيمان بالديموقراطية ودولة المؤسسات وأن اختيار ممثلي الشعب يجب أن يكون عن طريق الشعب نفسه، وأن أي تغيير يجب أن يكون عن طريق الانتخاب الحر النزيه من خلال صناديق الاقتراع. ولعل ما أقول هو من أبسط مفاهيم الديموقراطية التي يدعيها البعض.
والغريب كذلك، أن من يدعي الإيمان بحرية الرأي والرأي الآخر وتقبل لغة الحوار، فرح ومجّد ما قام به الجيش المصري من إغلاق للقنوات التلفزيونية واعتقال لرجال الإعلام والمراسلين والقائمين على تلك المحطات، وكأنهم تناسوا أن ذلك من مبادئ الديموقراطية الحقة التي تنادي بحرية الكلمة والرأي والتعبير وبنبذ سياسة الإقصاء.
والعجيب أيضاً، أن العديد ممن كانوا يدعون للخروج إلى الشارع وتنظيم الندوات والمسيرات والمظاهرات للتعبير عن آرائهم تجاه قضايا الكويت المختلفة والتشديد على رفض مبدأ التفرد بالسلطة، هم أنفسهم من استنكر على الشعب المصري الخروج إلى الشارع والاعتصام في ميدان التحرير للتعبير عن رفضهم لسياسة الرئيس المصري وتفرده بالسلطة وسوء إدارته. والعكس كذلك صحيح، فمن عارض المسيرات والمظاهرات في الكويت هو أول من فرح وشجع مسيرات مصر المليونية لإسقاط نظام الإخوان!
ختاما، من المحزن جدا، أن نجد البعض من المشايخ والعلماء الذين نكن لهم كل التقدير والاحترام، قد خلعوا عباءة الدين، فهبوا إلى نصرة طرف على طرف آخر وتفننوا في إصدار الفتاوى والتوجيهات والانتقادات وإطلاق التصاريح التي تزيد من شق وحدة صف المجتمع المصري وتعمق من حالة التفكك التي أصابته، ما قد يساهم في التقليل من مقدارهم وشأنهم وعلمهم، وكان الأولى بهم بأن يدعوا أولا إلى التهدئة ونبذ العنف والتفرقة والدعاء لأهل مصر لما يحبه الله، هدانا الله وإياهم وحفظ الله شعب مصر الشقيق.

boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

1 Comment

  1. لايوجد سبب لتستغرب الامور واضحه
    الشرعية هي شرعيه الشعب وليست القوانين والمجالس والبرلمانات والاعترافات الدوليه هذا شرعي وهذا
    غير شرعي ،30 مليون خرجوا ضده. لا قيمة لشرعيته التي نالها سابقاً بـ 51% من نفس هذا الشعب .
    ومعروفه القصه …
    ثانيا حرية الرأي ليست للتحريض وبث السموم الطائفيه وتفتيت النسيج الاجتماعي انا مع اغلاقها وطز بحرية الرأي التي
    وراءها دماء .

    رمضان كريم,

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.