عبدالحميد دشتي والنظام السوري “من غير ليه”

داود البصري
للسيد النائب المحترم عبدالحميد عباس دشتي كما أسلفنا غير مرة مواقف واضحة وصامدة وستراتيجية لا يهزها الزمن ولا يغلبها غلاب في دعم وتأييد ومساندة النظام السوري, وطبعا تحت دعوى المقاومة والممانعة, وهي الدعوى نفسها التي كان يتدثر بها نظام صدام حسين المضمحل في العراق, أي مقاومة الإمبريالية والاستعمار وإجباره على الدخول في الغار! رغم أن البعثيين, يمينهم العراقي أو يسارهم السوري كانوا أهم أدوات الاستعمار الغربي في الشرق الأوسط! وبعيدا عن السير في فذلكات الكلام وسفسطائية المزايدة السياسية في المواقف الآيديولوجية , فإن دول الخليج العربي, وفي طليعتها دولة الكويت, بحسها وانتمائها القومي , وتاريخها الطويل والحافل في دعم ورفد العمل القومي المشترك وترفع ديبلوماسيتها عن الصغائر والنوازل الانتهازية قد حددت خيارها النهائي من النظام السوري بسحب السفراء وإغلاق السفارات واستنكار الجرائم البشعة لنظام القتلة الاستخباري البعثي »الشبيح«! , وأضحى أي دفاع أو حديث إيجابي عن النظام السوري بمثابة لغو في الكلام لاقيمة له , فالموقف من نظام القتلة لم يعد مجرد رأي, بل أضحى موقفا إنسانيا وسياسيا ملتزما بثوابت الصراع ضد الظلم والفاشية وحكم الإرهاب, ومن الطبيعي أن يصاب حلفاء ذلك النظام وأصدقاؤه والمطبلون له والنافخون في مزاميره والعازفين على أوتار ألحانه النشاز بالإحباط والخيبة والانزعاج لانه دخل اليوم فعلا في حالة الموت السريري غير المعلن رغم استمرار آلته القمعية في سحق المنتفضين, وهي آلة أعدت لمدة خمسة عقود ونيف لتأدية ذلك الدور الخبيث, وهو إرهاب الشعب واستئصال شأفته وإبادة كل من تسول له نفسه الاعتراض على حكم المماليك الجدد الذين تحولوا الى منبوذين دوليين والذين سيجهز عليهم الشعب السوري الحر قريبا, وسيكون مصيرهم أشد سوادا من قطع الليل المظلم, والنائب عبدالحميد دشتي باعتباره حقوقيا, ومن المهتمين بملف حقوق الإنسان يعلم جيدا وتفصيليا, وأكثر من الجميع, بالمصير الكالح الذي ينتظر النظام السوري بعد تورطه بجرائم دولية لن يستطيع أعظم المحامين في الدنيا الدفاع عنها أو التخفيف من وطأتها! وطبعا المواقف السياسية الخليجية ومنها الموقف الكويتي قد أسدلت ستائر النسيان على أي تسوية سياسية مع النظام السوري, ولم تعد مقبولة بالمرة إمكانية إعادة صبغ وطلاء وتلميع وجه ذلك النظام المحروق, والذي لن تعد تنفع معه كل عمليات »السمكرة« والتجميل وزرع »السيليكون«! وهنا أتساءل عن موقف السيد دشتي والشلة المؤيدة للنظام السوري في الكويت, ومنهم الرفاق المؤلفة قلوبهم حسين القلاف وفيصل الدويسان إضافة لسيد الفاكسات, وآخرون من المواقف السياسية الكويتية الأخيرة, والتي هي مواقف أعلى القيادات الشرعية في الكويت, هل سيبقى دشتي ومن معه في فسطاط النظام السوري, أم انه وأنهم سيتمردون على الإرادة الخليجية, والكويتية, ويتخذون مواقف صامدة وممانعة ومقاومة لها أسوة بالرفاق في حزب »خدا« اللبناني, أو أولئك الرفاق العراقيين من أتباع مقتدى أفندي الصدر ? وهل ستستمر الحملة الدشتية في تجميل الدستور السوري الجديد وفي التسويق للانتخابات البرلمانية الرائعة التي ستقام في سورية في السابع من مايو المقبل, أم أن الإرادة العربية والخليجية الموحدة ستغير المواقف وتطوي صفحات الماضي ليتركز صراع السيد دشتي على الجانب الحقوقي والإنساني المحض وينحاز للشعب السوري ضد جلاديه الذين يحاولون ارتداء ثوب الحملان رغم كونهم من أشد ضباع الفاشية توحشا وسعارا وعدوانية? الوقت لم يفت بعد ولا يزال تعديل المواقف والانحياز للحق ضد الباطل أبوابه مشروعة بالكامل, فمن سيبقى في النهاية هو الشعب السوري الخالد, ومن سيباد هو نظام القتل والإرهاب والجريمة الذي سيتحول الى دمعة في تاريخ الدم السوري الطويل والحافل, ويا سيد دشتي لا شيء ثابت وأصيل سوى قيم الحرية والعدالة التي أرسلت نظام البعث العراقي البائد لمحكمة التاريخ والتي ستلحق شقيقه اللدود نظام البعث السوري المجرم نحو النهاية نفسها وأخيرا »ليه نضيع عمرنا هجر وخصام«? على حد تعبير ورأي الرفيقة الراحلة أم كلثوم? وتبقى جميع الأمور والمواقف من غير ليه… مش كده والا إيه ?
* كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.