نعيش اليوم ـ في المجتمعات العربية ـ ظرفا بالغ الحساسية والخطر والترقب والخوف، وهو الأمر الذي لم يمر علينا في أوقات سابقة، رغم ما شهدته مجتمعاتنا من أزمات وكوارث ونوازل.
الأمر يتعلق اليوم بالإسلام. فقد صار الناس فريقين، والدين هو الحد الفاصل بينهما.
وهذا لا يعني أن أحد الفريقين رافض للدين والثاني قابض عليه قبض الجمرة في كفه، لو ان الأمر كان كذلك لهان وسهل علاجه، ولكن الأمر يتعلق بالمأزق ـ الذي أدخل احد الفريقين ـ الإسلام فيه!
كلا الفريقين المسلميْن في مأزق، أما الإسلام ـ كدين ـ فهو أجلّ من ذلك واكرم.
الفريق الذي يطرح نفسه بخلفية إسلامية هو الذي ـ لا أقول خرج عن الإسلام فقط ـ بل صار محاربا له ومفتئتا عليه وكافرا به، بالقول والفعل والممارسة، فقد أحل القتل ومارسه وأحل الكذب ومارسه وأحل الفتنة ومارسها، وتقوّل على رسول الإسلام، واستخدم السماء وملائكتها لخدمة موقفه، وعاث في الأرض فسادا، روع الآمنين وسفك الدماء وهدد الأوطان الآمنة، ولست بصدد الإطالة، فالكل يعلم ماذا يجري اليوم تحت راية الإسلام وباسم الإسلام.
إنما المراد مما أكتب هنا، هو فك التشابك والارتباط بين الإسلام كمعتقد وبين السياسة ومصائر الدول وشعوبها، وإبعاد الإسلام عن ساحات السياسة وصخب طبولها وضجيج ميادينها.
والأمر ـ بمنتهى البساطة ـ يبدأ بتخفيف الضجيج الإعلامي الإسلامي، وتقليل الشحنات الإسلامية التي تقذفها ـ كحمم حارقة ـ بعض الأفواه الفاقدة الضمير، والخالية من الإحساس بالمسؤولية، والتي باتت تتبارى فيما بينها بتشويه الإسلام وبث الخرافة وتلبيسها ثوبا إسلاميا، فمن داع للجهاد وسبي نساء الغرب من أجل بيعهن لتحسين الحالة الاقتصادية للمسلمين، ومن متحدث عن حمار يتحدث بلسان مبين، ومن مصور بصورة مضحكة بناء الاهرامات المصرية، وغيرها من ترهات وسفاسف تلصق بالإسلام.
وهذه مسؤولية الدول الإسلامية وعلى رأسها الدول العربية أن توقف الزحف الإعلامي التشويهي للإسلام، وان تجعل البحث في الإسلام من مسؤولية الفرد المسلم لا من مسؤولية الدولة، فالدين في الأساس عقيدة وإيمان، يستقر في القلب، وليس أساطير ولا بابا للرزق ولا أساسا تقوم عليه الدول.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق