الخليفة لـ”هنا الكويت”: كتلة الأغلبية تصفي حساباتها ومستوى خطاب المجلس هابط

كشف أستاذ العلوم السياسية الدكتور سامي الخليفة ان الكويت أمام استحقاقات سياسية جديدة باتت تطرح نفسها في الشأن المحلي وتتطلب ذوقا جديدا من قبل اعضاء السلطتين في التعاطي معها.

وقال الخليفة في حوار خاص لـ “هنا الكويت” ان مستوى الخطاب في المجلس هابط جدا، ويتطلب صحوة نيابية قيمية توقف هذه اللغة التي لم يعتد عليها أهل الكويت، وأيضا يتطلب دورا محوريا لرئيس المجلس في قيادة جلسات البرلمان بعيدا عن تلك اللغة البذيئة.

أبدى الخليفة أسفه من انجرار البعض دون شعور أو بشعور إلى استخدام سلاح الفتنة الفتاك الذي يجرح بشدة جسد شعبنا ليمزقه إلى فئات في وقت نحن أحوج ما نكون إلى الوحدة الوطنية، مطالبا بوضع تشريع برلماني يحد من الفتنة الطائفية، وتجنيد الحكومة وسائل الإعلام والتعليم وبقية مؤسساتها الخدمية لتوعية المجتمع بخطورة الانجرار وراء تلك الأمراض الفتاكة.

وأضاف من الضروري ان ينأى ممثل الامة تحت قبة البرلمان بنفسه عن الشخصانية وتصفية الحسابات الشخصية أو اقحام المجلس وتعطيل وقته خاصة وأن هناك الكثير من اقتراحات القوانين ومشاريع القوانين التي تستحق النظر إليها بعين الجدية والأولوية، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

كيف نقرأ معك المشهد السياسي الحالي؟
مع نتائج الانتخابات الأخيرة في البلاد والتغيير الكبير الذي طال التوجهات السياسية في مقاعد السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومع التغيرات الكبيرة التي جاء بها الربيع العربي والظروف الاقليمية المضطربة، يمكن القول أننا أمام استحقاقات سياسية جديدة باتت تطرح نفسها في الشأن المحلي وتتطلب ذوقا جديدا من قبل أعضاء الحكومة والمجلس في التعاطي معها، خاصة وأننا نشهد اليوم حالة غير مسبوقة من اندفاع الشارع السياسي نحو تمكين نفسه من الحصول على مطالبه الشعبية المشروعة وغير المشروعة.

وأحسب أن الخاسر الأكبر ستكون الكويت إذا ما استمرت تلك الاندفاعة دون تحديدها بضوابط لها، ودون دراسة ما يناسب المرحلة من استراتيجيات تعين الحاضر بما لا يضر الأجيال القادمة في القادم من العقود.

ما رأيك في تركيبة المجلس الحالية بمختلف تكتلاتها النيابية؟
ما دام هو خيار الشارع الكويتي بمختلف مكوناته وتعدد أطيافه، فلا اعتراض عليه بالتأكيد، ولكن لابد من هناك أخطاء كبيرة ارتكبت من قبل الكتل الرئيسة في المجلس كان بالإمكان تفاديها من أجل خلق حالة منسجمة تماما بين ممثلي الأمة.

وتلك الكتل التي اجتمعت في بداية المجلس على تشكيل كتلة واحدة سميت بالأغلبية وطرحت مجموعة من المشاريع الشعبية، مع تهميش متعمد لبقية النواب الآخرين الذي كل ذنبهم أنهم يمثلون بقايا الحقبة السابقة، في وقت كان بالإمكان استغلال مخرجات الانتخابات النيابية الأخيرة لقلب الصفحة الماضية وإعلان البداية عن حياة سياسية جديدة مطلوب من الجميع المشاركة الايجابية فيها عنوانها خدمة المواطن أيا كان انتماءه الفكري أو العقدي أو أصله وغير ذلك.

ومن الأخطاء الفادحة أيضا استغلال كتلة الأغلبية الظروف الجديدة لتصفية حساباتها مع شخصيات سياسية لا توجد اليوم في السلطة، وجعل هذا الاستهداف أولوية على المجلس الجديد أن يتعامل معه بروح المنتقم، وهذا ليس من ديدن الكويتيين ولا من طبائعهم، خاصة وأن الكثير من الرسائل الإيجابية التي باتت توجهها السلطة التشريعية باتجاه هؤلاء تتطلب قراءتها بطريقة صحيحة، ولكن ما جرى وللأسف الشديد أمر مختلف تماما عما توقعناه.

ألسنة اللهب تخرج بعبارات من ألسنة النواب تدعو إلى الفتنة الطائفية؟
الفتنة الطائفية شر ابتليت به كافة شعوب المنطقة، وهو سلاح تمكنت القوى الكبرى من استخدامه بإجادة أثناء تدخلاتها في الشؤون السياسية والأمنية لدولنا بشكل عام، وما يؤسف أن ينجر البعض منا دون شعور أو بشعور إلى استخدام هذا السلاح الفتاك الذي يجرح بشدة جسد شعبنا ليمزقه إلى فئات في وقت نحن أحوج ما نكون إلى الوحدة الوطنية سبيلا يجمعنا على محبة هذا الوطن وخدمة له، وما نشهده من طبيعة تعامل طائفية يمارس البعض هنا أو هناك في الحقيقة يتطلب مواجهة واضحة من قبل مجلس الأمة الذي يمكنه من وضع تشريع يحد منه، ومن الحكومة التي يمكنها أن تجند وسائل الإعلام والتعليم وبقية مؤسساتها الخدمية لتوعية المجتمع بخطورة الانجرار وراء تلك الأمراض الفتاكة.

ما رأيك فيما وصل اليه مستوى الخطاب النيابي؟
مستوى الخطاب في المجلس هابط جدا، ويتطلب صحوة نيابية قيمية توقف هذه اللغة التي لم يعتد عليها أهل الكويت، وأيضا يتطلب دورا محوريا لرئيس المجلس في قيادة جلسات البرلمان بعيدا عن تلك اللغة البذيئة، وما يؤسف أيضا أن البعض انتهجها لأسباب لا علاقة لها بمصالح الناس، بل خروجا عن المعتاد من أجل الإثارة الرخيصة بمنطق خالف تعرف، وما يزيد استمرار تلك اللغة هو الأسلوب الاقصائي والالغائي الذي تتبعه بعض نواب كتلة الأغلبية في حق الأقلية.

ألا ترى ان تراشق الألفاظ الساخنة تحت قبة المجلس يحتاج لموقف حاسم لعدم تكراره؟
بالتأكيد، فلغة الاسفاف بالألفاظ بين النواب والتهوين والتقليل من قدر بعضهم البعض والاستهزاء والتهكم واتباع كلمات وأوصاف جارحة في قذف بعضهم البعض، كل ذلك لا يمكن الا وصفها بمعرقلات للحياة الديموقراطية في البلاد، ومما لاشك فيه أننا لا يمكن ان نبني وطنا ولا اصلاح مشاكل الناس مادامت السلطة التشريعية تفرغت لعمل غير المكلف.

ما الذي يمكن إجراؤه لوقف كوكتيلات الشتائم المتواترة بين النواب تحت قبة البرلمان؟
لابد من موقف حازم وحاسم من قبل رئيس المجلس واعضاءه تجاه تلك اللغة وتغييرها من خلال تفعيل اللوائح الجزائية من جانب، و سن قانون تعزيز القيم من جانب اخر، هذا القانون الذي طرحه اكثر من نائب في الفصل التشريعي السابق ولم يأخذ موقعه في اولويات الكتل النيابية مما جعله يوضع على هامش الحقبة السابقة.

وبالتالي أحسب انه لا عذر لتأجيله خاصة وان الجميع اليوم بات يشعر اهمية وضع ضوابط يمكن ان تحكم ايقاع السلوك النيابي تحت قبة عبدالله السالم.

ألا ترى أن تدني مستوى الخطاب النيابي يكشف صدامات من نوع جديد؟
الألفاظ والعبارات الغريبة ظاهرة تدل على الفجور في الخصومة بين النواب، وغياب أدب الحوار الذي نستمده عادة من اخلاقيات مجتمعنا واعرافه وتقاليده الذي منبعه الشريعة وما جبل عليه اباءنا واجدادنا في السابق من حسن خلق وادب تعاطي مع الشأن العام، والجديد في الحقيقة اليوم هو ان هناك من تبدلت عنده المفاهيم وبات يعتبر لغة الصراخ والقذف قوة، وهي كذلك ولكن فيها دمار للمجتمع ومستقبل ابناءه.

ما تعليقك على زيادة عدد الاستجوابات بينما الحكومة لم يمضي على تشكيلها سوى شهور معدودة؟
الاستجواب حق أصيل من صميم عمل النائب يقرره متى رأى الحاجة إلى ذلك، ولست هنا في صدد الدخول في النوايا، أو النظر إلى كل الاستجوابات ودوافعها بعين واحدة، ولكن أحسب أن بعض تلك الاستجوابات التي قُدمت لم يوفق صاحبها النأي بنفسه عن شعور البعض بأنها جاءت لاستهداف سياسي مقصود لوزير ما دون غيره من بقية أعضاء الحكومة. بمعنى آخر أجد من المهم للنائب اليوم أن ينأى بنفسه عن الشخصانية وتصفية الحسابات الشخصية أو اقحام المجلس وتعطيل وقته خاصة وأن هناك الكثير من اقتراحات القوانين ومشاريع القوانين التي تستحق النظر إليها بعين الجدية والأولوية.

ما هي توقعاتك للمجلس الحالي بعد تردد أنباء عن الحل؟
من الصعوبة التكهن بخطوة حل مجلس الأمة لعدة اعتبارات، أولها حرص سمو الامير على ان يكون الحل آخر الدواء وإعطاء المزيد من الفرصة للحكمة والبرلمان دفعا باتجاه الاستقرار السياسي بالبلد خاصة وان تشكيل المجلسين قد تغير ويتطلب اعطائهما المزيد من الوقت من أجل التجانس اضافة إلى توجبه الحكومة العديد من الرسائل الايجابية باتجاه كتله الاغلبية بالمجلس ما يدل على حرصها على استمرار ديمومة هذا المجلس لذا أجد من المهم اليوم ان نرصد من وراء دعاوى الحل وما هو مبتغاها.

برأيك ماهي مخاطر الاندفاع السياسي نحو التشريعات على مستقبل البلاد؟
ما يؤسف ان بعض النواب المتطرفين في كتلة الاغلبية امتهنوا تعكير المزاج السياسي من خلال طروحاتهم التي لا يتفق عليها الجميع خاصة المتعلقة بتغيير بعض مواد الدستور وهي سياسة اذا ما استمرت فإنها قد توجد حالة لا ارتياح الشعبي لأداء البرلمان فالمجتمع الكويتي اليوم بات يؤمن ان تعدد أطيافه واختلاف مكوناته هي مصدر قوته وبالتالي ان تنفرد مجموعة باختطاف كتلة الاغلبية باتجاه بعض التشريعات الخاصة والتي لا يجتمع عليها أهل الكويت فتلك طامة كبرى وبداية السقوط.

ما رأيك في تغليظ العقوبة على المتطاولين على الذات الإلهية ووصولها الى حد الإعدام؟
بلا شك نحن مع التغليظ وان وصلت إلى حكم الاعدام فلا استهانة بمقدسات الامة ولا عبث بمعتقدات البشر ولكن علينا وضع ضوابط وأسس تشريعية تؤدي إلى حصانة المجتمع من تلك السلوكيات وتعيين الحكومة على الفصل بين المسيء حقا والمتهم بالإهانة، وهذا يتطلب الاجماع على تعريف بعض المفاهيم كالإساءة مثلا والسب والقذف، وما يؤسف ان هرولة بعض النواب في وضع تشريع يعاقب من يسئ لنبي الأمة صلى الله عليه وسلم وفاتهم وضع تعريف واضح للإساءة بصورة باتت تؤسس ثغرة واضحة يمكن من خلالها الدخول لتأويل كثير من العبارات والجمل على انها اساءة والدخول في النوايا.

كيف تقف من الراي الداعي لأن المجلس يضم تركيبة غير متجانسة والفترة المقبلة ستشهد صراعات بين التكتلات النيابية باختلاف ترتيب اجنداتها؟
الصراع القائم اليوم بين نواب البرلمان بعضهم ببعض يغلب عليه البعدين السياسي والعقائدي ولا علاقة له بمصالح المجتمع العامة والخاصة لذا فلابد من وقفة جادة يساهم بها كافة مؤسسات المجتمع الاهلية والمدنية من خلال توعية المواطنين بضرورة ان يكون لهم دورا رقابيا في مواجهة ومحاسبة نواب مجلس الأمة، فلا يعقل ان تنجر السلطة التشريعية في مهاترات لا معني لها بالمنظار التاريخي وفي السياق الأدبي والأخلاقي وان تكون على حساب وقت الناس خاصة وان شعوب العالم في سباق حميم نحو التنمية المستدامة وبانشغال مجلس الامة بتلك الترهات لا يمكن إلا ان تكون الكويت ركب التقدم والازدهار والتنمية في العالم.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.