يشير بعض الخبراء العقاريين إلى أن العقار الاستثماري المرتفع السعر حالياً آمن، ولا يزال جيداً كقناة استثمارية، حيث يدعمون حجتهم بأن العمالة الأجنبية ستزيد بسبب مشاريع الدولة التنموية المختلفة والنمو السكاني الطبيعي للكويتيين والأجانب. وقبل البدء في الرد على هذه الإدعاءات، التي ربما كانت تطلق لوجود مصلحة مباشرة لهؤلاء الخبراء في الترويج لسوق العقار أو لغياب الفهم الحقيقي لما يمكن أن يؤثر على السوق، نود أن نذكر بالمخاطر الأساسية التي يمكن أن تتعرض إليها هذه الشريحة من العقارات.
• أولاً، عادة ما تتم مقارنة العائد على العقار الاستثماري بالعائد على الودائع الطويلة الأجل، مضافاً إليها عائد إضافي للتعويض عن المخاطر الخاصة بالعقار. وحالياً، تعطي الودائع الطويلة الأجل عوائد تقارب %2 سنوياً بينما تعطي العقارات الاستثمارية حسب الأسعار الحالية عوائد صافية تقارب %5 – %5.5 سنوياً بعد خصم المصاريف. وهذا يعني أنه في حال زادت الفوائد على الودائع بنسبة %1 فقط، فسيخسر العقار الاستثماري %20 من قيمته. وفي حال زادت مخاطر العقار الاستثماري وزاد الفرق بين العائد على العقار والعائد على الودائع، فزيادة %1 فقط في هذا الفرق ستسبب %20 انخفاضاً في قيمة العقار أيضاً. إضافة إلى ذلك، فإن أي انخفاض في الإيجارات بسبب زيادة العرض أو قلة الطلب ستؤدي إلى انخفاض قيمة العقار بنسبة الانخفاض نفسها في الإيجارات. ومن الوارد جداً أن يتعرض العقار الاستثماري إلى هجوم ثلاثي يسبب انخفاضاً حاداً وسريعاً في قيمته.
• ثانياً، تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معدل التضخم بالكويت في السنوات القليلة الماضية وفي المستقبل القريب سيكون بين %3 إلى %4، بينما العوائد على الودائع عند مستوى 2 % تقريباً أو أقل، مما يعني انخفاضاً في القيمة الحقيقية للأموال المودعة، حيث يكون تأثير ذلك على المديين المتوسط والطويل بخلق فقاعة في قيمة بعض الأصول، وهو ما يبدو أنه ظاهر حالياً في أسعار العقار الاستثماري، مما يعني، أيضاً، احتمالاً وارداً لنزول حاد وسريع في أسعار تلك العقارات عند انفجار الفقاعة.
وللرد على الإدعاءات الخاصة بالمشاريع التنموية، وأنها ستكون المحرك لزيادة الطلب على السكن في العقارات الكثيرة والمتزايدة بشدة، وبوجود كم كبير تحت الإنشاء منها، فإذا كان البلد لم يعش حالة استقرار سياسي منذ زمن، فكيف يمكن التنبؤ وبثقة بمستقبل مستقر للمشاريع التنموية أو للطلب المتزايد من الأجانب؟
وهل سيكون هذا العدد الكبير من المباني الاستثمارية قيد الإنشاء أقل من الطلب المستقبلي المتوقع في ظل تصريحات حكومية تتوعد بإبعاد العديد من الأجانب في السنوات المقبلة؟ وإن لم تكن هذه التصريحات جادة، فإنها وبلا شك تبين توجهاً عاماً للتقليل من جلب العمالة في المستقبل.
وهل تسهيل تمويل بعض البنوك للعقارات الاستثمارية أمر محسوب المخاطر، أم لمجرد إيجاد قنوات إقراض على حساب زيادة احتمالات أزمة كبيرة في المستقبل؟
يبدو أن على المستثمرين والجهات الرقابية التنبه مسبقاً إلى المخاطر الحالية للعقار الاستثماري، فأي ارتفاع في العائد على الودائع قد يهز ثقة المستثمرين، وبالتالي يرفع، أيضاً، الفارق بين العائد على الودائع والعائد على العقار، كما أن وجود عدد كبير من العقارات الاستثمارية تحت الإنشاء قد يؤدي إلى انخفاض الإيجارات. وبالتالي، تشكل هذه العوامل ضربة ثلاثية قاضية على الأسعار ومفجرة للفقاعة التي تسببها الخسارة الحقيقية لأموال المودعين (بعد حساب تأثير التضخم). لذا، ربما يكون من الأفضل حالياً تجنب العقار الاستثماري أو تقليل الاعتماد على الاقتراض بضمان العقار، تجنباً للمخاطر الكبيرة التي ارتفعت احتمالات حدوثها أخيراً.
محمد رمضان
كاتب وباحث اقتصادي
rammohammad@
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق