ليست المرة الأولى التى يعيش فيها القيادى الأشهر بجماعة الإخوان المسلمين المهندس خيرت الشاطر خلف أسوار السجون.. لكن الأمر هذه المرة يختلف كليا عن كل المرات السابقة.
الشاطر هذه المرة داخل السجن بعد فترة عاشها وعاشتها جماعته على قمة السلطة فى البلاد، بل إنه على وجه الخصوص كان متهما طوال تلك المدة بأنه يدير مصر من خلف ستار، بعد أن خرج من سباق الترشح للرئاسة وكان مرشح الجماعة الأول والأساسى لها، لكن تداعيات آخر محاكمة له حالت قانونيا دون إتمامه السباق الرئاسى ليخرج ويدخل بدلاً منه الدكتور محمد مرسى ويفوز الأخير بالسباق ويصل إلى قصر الرئاسة حتى أخرجته منه الجماهير الغاضبة فى 30 يونيو، وبخروجه صارت الجماعة وقياداتها هدفا مرة أخرى للملاحقات الأمنية وعاد بعض من هذه القيادات وعلى رأسهم الشاطر إلى السجون مرة أخرى.
سجن مزرعة طرة الذى ينزل به الشاطر حالياً من أكثر السجون تأميناً، فأسواره يصل ارتفاعها إلى 7 أمتار، يعلوها متران من السلك الشائك ويطلق عليه سجن «فايف ستارز» وهو مقام على مساحة ضخمة قد تصل إلى 10 آلاف متر، وبه العديد من المساحات الخضراء ومستشفى ومسجد ومكتبة ومكان مخصص للزيارة، بخلاف بعض المكاتب للمأمور ورئيس المباحث والموظفين، وبابه من الخشب الزان، مساحة ضلفته الواحدة متران، وفى ضلفته اليمنى باب خشبى صغير يدخل منه المتهم بعد أن يتسلم قرار حبسه ويسلم متعلقاته الشخصية من ملابس مدنية وأى أوراق أخرى، وبعدها يطلب منه استبدال ملابس أخرى بها وهى «ملابس السجن» البيضاء الخاصة بالتحقيق أو الحبس الاحتياطى، والتى تختلف عن «الأزرق» الخاص بالمحكوم عليهم، و«الأحمر» الخاص بالمحكوم عليهم بالإعدام.
بعض من اقتربوا من الشاطر خلال فترة حبسه الحالية يقولون إنه يردد دائماً أنه سيعود مرة أخرى إلى خارج الأسوار وأن الرئيس المعزول محمد مرسى أيضاً سيخرج وأن الجماعة وأنصاره لن يتركوه وحيداً.
فى التحقيق معه اتهم نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين جهات الأمن بأنها كانت تتجسس عليه وعلى النظام السابق، فيما رد عليه أحد رجال الأمن بقوله إن «هذا عملهم وأنهم من الطبيعى أن يتابعوا كل شخص أيا كان منصبه».
الشاطر وعدد من مرافقيه تدور بينهم دائماً أحاديث حول عودة الرئيس المعزول محمد مرسى، وهو ينفى دائماً ما كان ينسب إليه من أنه الحاكم الفعلى لمصر ويقول إنه كانت له كثير من الاعتراضات على حكم مرسى وأنه كان يسعى فى الشهور الأخيرة لرأب الصدع مع المعارضة، مشيراً فى ذلك إلى لقائه الشهير مع عمرو موسى، موضحاً أن الأمر قوبل بالرفض والمعارضة.
ويتابع نائب مرشد الإخوان بصفة دائمة الأحداث فى ميدان رابعة العدوية، ويقول مرافقون له إنه توتر بشدة عندما علم بأحداث الحرس الجمهورى خوفاً من رد فعل الجيش، ولام تصرفات قيادات الاعتصام، وطالب بالتعامل بحكمة أكثر من ذلك، كما انتقد عدم تحرك القيادات أكثر من ذلك لمزيد من المكاسب على الأرض.
مصادر مطلعة تحكى قصة الساعات الأولى عقب ترحيل الشاطر إلى السجن وتقول إنه انتابته حالة من الثورة والغضب داخل غرفة الحجز، ما جعله ينفعل ويسب ويلعن من حوله، فضلاً عن توجيه السباب لقادة الجيش، وظل فى هذه الحالة حتى وصول أعضاء نيابة جنوب القاهرة الكلية لمباشرة التحقيقات، والذين تمكنوا من احتواء الموقف والسيطرة على غضبه لبدء التحقيقات، والتى استمرت لأكثر من خمس ساعات متواصلة تخللها وصول الدكتور أحمد أبوبركة المحامى والقيادى بالجماعة إلى السجن لحضور التحقيقات مع الشاطر.
المصادر تشير أيضاً إلى أن رجل جماعة الإخوان القوى كان يقف أحيانا حين يجيب عل بعض أسئلة المحققين ويتحرك فى غرفة التحقيقات، ويستخدم يديه فى شرح بعض الإجابات، حيث نفى علمه بوجود سلاح بمقر مكتب الإرشاد، وقال إن الأشخاص الذين كانوا موجودين بالمقر هم من أفراد الجماعة وأن وجودهم شىء طبيعى.
وذكر الشاطر أن آخر اجتماع حضره بمقر مكتب الإرشاد بالمقطم كان يوم السبت قبل أحداث ثورة 30 يونيو، وقال: «لم نتطرق فى الاجتماع إلى مناقشة أحداث وترتيبات القوى السياسية، نظراً لأننا جماعة دعوية ولنا حزبا سياسيا مسؤولا عن مناقشة هذه الأحداث السياسية»، مضيفاً أنه لا يذهب إلى مقر مكتب الإرشاد بشكل دائم، وإنما يذهب على فترات متباعدة، وشدد الشاطر، فى أقواله أمام النيابة، على أنه لو كان يعلم بحدوث تعد على المتظاهرين أو وجود أسلحة لتصدى لهذا الأمر ومنعه، مؤكداً أن الأمن الوطنى يريد تشويه صورته أمام الرأى العام لأسباب خاصة، مشدداً على أن الإخوان جماعة لا تعرف العنف ولا تستخدمه وأنها تقوم على الدعوة فقط.
تحقيقات نيابة جنوب القاهرة برئاسة المستشارين تامر العربى وإسماعيل حفيظ انتهت إلى قرار بحبس الشاطر 15 يوماً على ذمة التحقيقات، بعد أن أكدت تحريات الأمن الوطنى والأمن العام صلته بالتحريض على قتل المتظاهرين أمام مكتب إرشاد الجماعة بالمقطم فى أحداث ثورة 30 يونيو، ووجهت النيابة للشاطر عدداً من التهم وهى التحريض على القتل والشروع فى القتل لغرض إرهابى وحيازة وإحراز أسلحة وذخائر لاستخدامها فى قتل المتظاهرين، وتأسيس جماعة لغرض إرهابى وتكدير الأمن والسلم العام.
قم بكتابة اول تعليق