من اجمل مظاهر رمضان في الكويت أيام القرقيعان، كانت هذه المناسبة تمثل لنا ونحن صغار موسم الهدايا وأكل الحلوى، حيث ان الحلويات في ذلك الزمان لم تكن متوافرة بكثرة، ولم تكن أيضا بجودة وتنوع الموجودة الآن.
فقد كان القرقيعان يحتوي على التين اليابس والنقل والحب، وكذلك الجوز واللوز والبرميرث الحار ولا تسألوا عن الصالحية.
كم كانت فرحتنا كبيرة حين يأني يوم 13 من رمضان وتقوم أمهاتنا بوضع الحناء في أيدينا، ونرتدي الملابس المزينة بالزري والألوان الفاقعة. انا لم الحق على البخنق، لكننا كنا نرتدي الملابس التراثية، ولم يكن هناك عمر لمن يقرقع، حيث كانت النساء تخرج مع الأطفال.
وكان الشباب يلبسون ملابس الغوص أو ملابس البحارة، ويقودهم قائد وهم يقرقعون. كنا نمشي في السكيك، ولم تكن هناك طرق سريعة أو سيارات بين المنازل، ولم يكن هناك خدم يرافقوننا.
وكنا نجد أبواب المنازل مفتوحة تنتظرنا، وكانت هناك خياش القرقيعان، والزبيل المملوء بالحلويات، وكان بعض الأغنياء يضعون قليلا من النقود المعدنية فيها، وكم كانت فرحتنا كبيرة حينما نجدها في أكياسنا.. كنا ندخل المنزل ونحن نقول «يسوق الحمار أو لا يسوق»، اشارة إلى وجود قرقيعان أو لا.. وعندما يسمع لنا أهل البيت في القرقيعان بقولهم اسماء الأطفال التي يجب ان ننشد بها.. تبدأ الحناجر بالصراخ مع التصفيق..
قرقيعان وقرقيعان
بيت قصير ورميضان
عادت عليكم صيام
كل سنة وكل عام
الله يسلم بنيتهم الله يخليها لامها
عسى البقعة ما تلمها ولا توسى على أمها..
وعندما تصيح الأم تعالوا ونركض ونفتح الأكياس وهي تغرف من الخيشة في الطاسة الملبسة وتضع في أكياسنا..
ومن ثم ننشد ونحن نخرج
عساكم تعودونه كل سنة وتصونه..
وكم كنا فرحين ونحن نشاهد الشباب الكبار وهم يقرقعون ويرقصون وهم ملثمون بالغترة.
أما الآن فقد اختفت هذه المظاهر، أصبح القرقيعان يوضع في أكياس مكلفة ويوزع على الأهل والمعارف، وللاسف وفيه الكثير من المبالغة.
حتى الأطفال لم يعودوا يعرفون الغناء، بل تقوم الخادمة بهذه المهمة.. والملابس كذلك أصبحت مكلفة من أجل ليلة واحدة..
لقد فقد القرقيعان بريقه القديم..
لكننا احتفظنا به كعادة تراثية..
***
ومضة
قرقيعان في بيتكم
الله يخلي وليدكم
قرقيعان في سكتكم
الله يخلي ابنيتكم
موضي المفتاح
modisaad@yahoo.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق