في مقالات عدة سابقة وضّحت رأيي حول حق المواطن في اختيار مرشحيه، وأن قانون الانتخاب الحالي هضم حق الناخب في اختيار ممثليه على نحو يحقق العدالة وفق آلية كل صوت يقابله كرسي.
مع إيماني بأن مرسوم الصوت الواحد لم يعالج السلبيات من شراء أصوات وانتخابات فرعية وتكسب طائفي مقيت، ومع هذا لم أتردد في الإدلاء بصوتي إيماناً بأهمية المجلس ودوره في الحياة السياسية وما يترتب عليه من تبعات تشريعية ورقابية نافذة حتى في حال إبطال المجلس، لذا علينا أن نعيد حسابات المقاطعة، وأن نختار من يستطيع تحمل الأمانة.
عودة للظروف التي صاحبت إقرار المرسوم الحالي التي ما كانت لتكون لولا الانحراف عن أصول العمل النيابي، حيث استغله البعض لمصالح شخصية وصراعات بالوكالة كانت ستجر الكويت إلى ما لا تحمد عقباه، فالنفس الطائفي وتصفية الحسابات بين أطراف النزاع سيطرت على المشهد السياسي.
غداً يوم آخر… وهنا لا أتكلم عن حجم المشاركة ولكن عن نوع الإفرازات التي سيتبناها الناخب التي أتمنى أن تكون مخيَّرة وليست مسيَّرة، وذلك لاعتبارات عدة منها كم التدخلات المباشرة لإيصال بعض المرشحين، وما قدم لهم من تسهيلات لوجيستية مادية وإعلامية وقرارات تنفيعية.
في ظل هذا الواقع المرير يحق لنا التشاؤم إن استسلمنا للأمر الواقع، لكن ما زال الغد يحمل بعض الأمل فقط إن أحسن الناخب الاختيار وغيَّر من طريقته التي عادة ما تكون مبنية على اعتبارات عائلية وطائفية ومصالح تنفيعية، وقتها فقط يمكن للأمل أن يغير المستقبل، ووقتها فقط يمكن أن يكون الناخب أدى الأمانة.
على الطرف الآخر يظل خيار المقاطعة من بعض الرموز البرلمانية فرصة لاختيار الوجوه الجديدة من ذوي الكفاءة، ومن أثبتوا سلامة موقفهم من المستقلين عملاً لا شعاراً، فعجلة الزمن لا تقف عند أحد فكما أنجبت الانتخابات نواباً مخلصين أحبهم الشعب لذاتهم سينجب غيرهم.
التخوف من هذه الانتخابات هو من كم التدخلات التي لم تعد تكتفي بدعم مرشح أو اثنين، ولكن أن يتم دعم مجاميع من المرشحين، وهو أمر لا يوجد له تفسير سوى أن هناك نية مبيتة للسيطرة على مجلس الوزراء أو الإطاحة بالمجلس القادم.
هناك قضايا ساخنة تنتظر المجلس القادم منها ما هو مرتبط بالفساد ومنها ما هو مرتبط بالتنمية، ولكن يظل ملف لمّ الشمل هو الأهم، وهنا أقصد إيجاد صيغة توافقية لشكل الانتخابات القادمة ترضي كل الأطراف وتحقق أقصى درجات العدالة بين جموع المواطنين.
غداً سيكون مشرقاً إن أحسن الشعب الاختيار، يقابله شرط آخر يتعلق بالسلطة التنفيذية والتركيبة التي سيختارها سمو رئيس مجلس الوزراء الذي نتمنى له التوفيق باختيار وزرائه وفق آلية المهنية والكفاءة والولاء.
سمو الرئيس نعرف حبك وإخلاصك للكويت ونعرف أنك تؤمن بإعطاء وزرائك الصلاحية الكاملة في إدارة شؤون وزاراتهم والهيئات التابعة لهم، لكن هذا لا يكفي إن لم يعملوا وفق قواعد عامة تسمح بالمرونة ولا تسمح بالتجاوز، فالمتتبع لعمل بعض الوزراء الحاليين يعرف أنهم عملوا في إطار مصالحهم الخاصة لا مصالح الوطن.
رسالة شكر أوجهها إلى رجال “الداخلية” على جهودهم في ضبط الراشين والمرتشين، ولكن يظل الدور الأهم للناخبين في كل الدوائر، فهم وحدهم القادرون على الرصد الحقيقي والأمل معقود عليهم، فإن غابت أعين وزارة الداخلية عن كشفهم يبقَ الشعب الكويتي قادراً على تمييزهم وإسقاطهم.
ودمتم سالمين.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق