سوربات مخيمات اللاجئين ضحايا العنف والاغتصاب وزواج المتعة

الفرار من الحرب السورية ليس نهاية المطاف، فالسوريات يواجهن في مخيمات اللاجئين ما هو أعنف وأقوى، الاغتصاب والعنف الجنسي والبيع لرجال خليجيين يهوون السوريات ولو كن قاصرات.
روعت مشاهد الحرب والمجازر أطفال سوريا وأحرقت قلوب الأمهات اللواتي شاهدن أبناءهن يقتلون، فيما حرقت المنازل ونهبت على مرأى من أصحابها. لكن هناك نوع آخر من العنف الذي لم تتحدث عنه نشرات الأخبار، ولم يتم الإبلاغ عنه بشكل علني، لأنه يرتبط بوصمة عار تسعى كثيرات إلى إخفائها. فالصراع السوري استهدف النساء بشكل وحشي، وجمعت الأمم المتحدة أدلة على اعتداء جنسي منظم على النساء والفتيات من قبل المقاتلين في سوريا، واصفة الاغتصاب بسلاح حرب. أما خارج الصراع، وفي المخيمات المترامية الأطراف والمجتمعات المضيفة المثقلة، يصدر عمال الاغاثة تقارير توثق ارتفاع عدد حوادث العنف المنزلي والاستغلال الجنسي المتفشي في المخيمات.
اشارت صحيفة غارديان البريطانية إلى أن ما يزيد من تفاقم هذه الأزمة هو أن المجتمع السوري شديد المحافظة. فالنساء والفتيات يخفين معاناتهن من العنف والاغتصاب تحت رادع ثقافي واجتماعي، يجعل هذه المعاناة بمثابة عار يمنع عمال الاغاثة الدولية من توثيقها ومعالجتها. منال تحتموني، مديرة معهد صحة الأسرة، وهي منظمة غير حكومية محلية تمولها المفوضية الأوروبية، كانت من أوائل اللواتي فتحن عيادة نسائية في مخيم الزعتري. وتقول إن معظم النساء لا يعترفن بتعرضهن للاغتصاب، على الرغم من أنهن تتحدثن عن أخريات تعرضن له.
وأضافت: “المجتمع السوري محافظ، فإذا تعرضت المرأة للاغتصاب ترفض الحديث عن ذلك علنًا، لتتفادى وصمة عار ترافقها كل حياتها”، مشيرة إلى أن الأمر تطلب منها جهدًا كبيرًا لبناء الثقة من خلال جلسات مشورة مع الناجيات من الاغتصاب. وقالت تحتموني إن 300 إلى 400 حالة تتلقى العلاج في عيادتها يوميًا، من بينهن 100 امرأة من ضحايا العنف.
أبو حسين، أحد الزعماء في مخيم الزعتري، طالب مسؤولي الأمم المتحدة بإطلاق دوريات للسيطرة على عصابات من الشبان تعيث فسادًا في المخيم، وتقوم بمضايقة النساء. وأشار إلى أنهم يتحرشون بالنساء باللمس والكلام البذيء خلال توزيع المواد الغذائية وفي المراحيض العامة. وقد تم الإبلاغ عن حالات اغتصاب كثيرة في المخيم. وتقول ميلاني ميجيفان، وهي مختصة في العنف القائم على نوع الجنس في لجنة الإنقاذ الدولية الخيرية: “هناك ميل إلى الاعتقاد بأنه ما أن تعبر النساء الحدود حتى تنعمن بالأمن واللأمان، وهذا الأمر غير صحيح، فالنساء في المخيمات يواجهن نوعًا مختلفًا من العنف”.
وفي تحول في القاعدة الثقافية السورية، الكثير من العائلات في المخيمات ترأسها النساء، لأن الآباء والأزواج إما قتلوا أو ذهبوا للقتال. ثلاثة أرباع هذه العائلات على الأقل لا تعيش في مخيم الزعتري بل في البلدات المجاورة، حيث تصبح بعيدة عن متناول عمال الاغاثة ومواردها. وفي ظل عدم وجود وسيلة لإعالة أنفسهم، تصبح هذه العائلات عرضة للخطر. فأم فراس مثلًا انتقلت إلى بلدة المفرق، بالقرب من الزعتري، منذ أكثر من عام بعد أن هربت من حمص، ونادرًا ما تغادر منزلها. واختفى زوجها قبل سنوات من الحرب وتركها مع ديون متراكمة تمنعها من تغطية إيجار منزلها. لكنها ما زالت تعتقد أن عائلتها ستكون بحال أفضل خارج المخيم.
بالرغم من الفقر والدين، ما يخيف أم فراس بشكل خاص هو وضع ابنتها المراهقة التي عملت على تسمير بشرتها إلى حد الاحتراق عندما كانت في سوريا، لأنها اعتقدت أن الشبيحة لن يغتصبوها إذا كانت سوداء. واضافت: “كانوا يستهدفون النساء، وأتى الايرانيون وجماعات حزب الله إلى الحي وأخرجوا سيوفهم واغتصبوا النساء وأحرقوا المنازل، وأنا رأيت نحو 100 امرأة جردن من ملابسهن واستخدمهم الشبيحة دروعًا بشرية، أرغمن على السير بجانب دبابات الجيش أثناء القتال، ثم اختفين”.
وفي المفرق، تستمر معاناة أم فراس مع المالك الذي يريد طردها من المنزل إن لم تسمح لابنه البالغ من العمر 28 سنة أن يتزوج ابنتها البالغة من العمر 16 سنة.
نور سهاونة، ناشطة تعمل على مساعدة الأسر اللاجئة في المفرق، لاحظت عددًا متزايدًا من الرجال الذين يتدفقون من دول الخليج للزواج من الفتيات السوريات من الأسر اليائسة. تقول أن الفتيات السوريات حلم بالنسبة لرجال الخليج، لأن بشرتهن فاتحة ويتحدثن بلكنة محببة وتجدن الطبخ، حتى وإن لم تبلغن الرابعة عشر. تقول: “بالامس سمعت رجلًا قبل تسعة آلاف دينار من سعودي مقابل الزواج من ابنته البالغة من العمر 15 سنة بضعة أشهر ثم يطلقها ويرحل، لكن الزواج من فتاة دون سن الثامنة عشر غير قانوني في الأردن، كما أن الرجال السعوديين لا يمكنهم الزواج من غير سعوديات، وبالتالي فإن هذا ليس زواجًا بل ممارسة جنس فقط”.
في الأشهر الثلاثة الماضية، افتتحت في المخيم خيمة مخصصة لإيجار فساتين الزفاف، يدعوها البعض ساخرين بشانزليزيه الزعتري. رحاب (19 عامًا) ستتزوج من جارها في المخيم، البالغ من العمر 27 سنة، بعد أن رتبت شقيقته هذه الزيجة. ورفضت عائلتها في البداية لكنها عادت ووافقت بعد أن علمت أن الفتاة ستخرج من المخيم لبدء حياة جديدة تنقذها من مخيم الزعتري. وتخلع رحاب النقاب لتجرب الفستان الذي لن يراها فيه سوى زوجها المستقبلي، ثم سرعان ما تعود لتغطي وجهها الذي لا تظهر منه سوى عينيها الواسعتين من الحماس…أو الخوف.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.