الن تكون الذكرى ال 23 للغزو الصدامي للكويت التي تصادف غدا هذا العام كسابقاتها في الاعوام الماضية اذ يستذكر العراقيون الحدث وبلادهم متحررة من احكام الفصل السابع الذي رزح العراق تحت طائلته لسنوات طويلة .
وتسببت عقوبات الامم المتحدة التي جاءت تحت الفصل السابع بعد الثاني من اغسطس 1990 في مشاكل اقتصادية وسياسية للعراق وجعلته تحت رحمة العقوبات الدولية والحصار في الكثير من المجالات وفي مقابل الفخر الذي يشعر به الكويتيون لحرصهم على تجاوز عقد الماضي وبناء افضل العلاقات مع العراق.
كما تمر ذكرى هذا العام وقد بلغت العلاقات بين البلدين الجارين مستويات متقدمة من التعاون والتنسيق والعمل على تسوية الخلافات الثنائية بما تقتضيه المصالح المشتركة وعلاقات حسن الجوار وتجسد ذلك بصورة جلية بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى الكويت عام 2012 ومشاركة سمو امير دولة الكويت في القمة العربية التي عقدت في بغداد في العام نفسه.
وقال المتحدث باسم رئيس الحكومة العراقية علي الموسوي ل(كونا) ان “ذكرى الغزو تحل هذا العام وقد تمكن البلدان من انهاء الكثير من الملفات الخلافية بينهما بسبب اصرارهما على استعادة العلاقات الطيبة التي عكرها النظام السابق”.
واعتبر الموسوي “زيارة سمو رئيس الوزراء الكويتي الى العراق مؤخرا حلقة في سلسلة تعزيز العلاقات وسيتمخض عنها مستقبل جيد في العلاقة بين البلدين” مؤكدا ان “العلاقات العراقية الكويتية ممتازة ومثال يحتذى به على قدرة الدول على تجاوز الصعاب حينما تتوفر الارادة الصادقة لدى الجانبين”.
وذكر أن “العلاقات العراقية الكويتية كانت غاية في السوء خلال فترة حكم النظام السابق عندما قام باحتلال الكويت وبفضل الارادة السياسية لدى الجانب العراقي بشخص رئيس الوزراء العراقي وسمو امير دولة الكويت تم تجاوز الصعوبات”.
من جانبه رأى نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي في تصريح مماثل ان “العلاقات بين البلدين تشهد مزيدا من التقارب والتعاون في جميع المجالات لتصبح مثالا يحتذى به في العلاقات الدولية”.
وقال الخزاعي واذا كان التوتر هو سمة العلاقة الكويتية – العراقية طوال فترة حكم نظام صدام البائد فان العهد الجديد منذ عام 2003 سعى الى بناء افضل العلاقات مع البلد الجار ليتمخض عن ذلك بناء مستويات متقدمة من الثقة المتبادلة وهو ما اسفر عن خروج العراق من احكام الفصل السابع وبمساعدة الكويت التي حرصت على تجاوز عقد الماضي نحو بناء علاقات تعاون استراتيجية.
ولعل رمزية الذكرى هذا العام ترتبط اكثر من أي وقت مضى ليس بتحرير الكويت فحسب بل بتحرر العراق من القيود الاممية ليتبلور من جديد دوره المحوري في الاقليم بعدما انكفأ منذ غزو الكويت عام 1990.
من جهته اعتبر النائب محسن السعدون رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي ان “غزو الكويت كان من اكبر اخطاء النظام السابق ضمن سلسلة حروب شنها على دول الجوار مخالفا معايير القانون الدولي”.
وقال السعدون لكونا هنا ان “استذكار الغزو يقودنا الى التذكير بما عاناه الشعبان العراقي والكويتي من مغامرة صدام” مضيفا ان “الشعب العراقي دفع ثمن جرائم وأخطاء ارتكبها النظام السابق لكن اليوم وفي النظام الاتحادي تحسنت العلاقات العراقية الكويتية ونتمنى حسم ما تبقى من ملفات باتجاه علاقة طبيعية بين بلدين جارين”.
وإذا كان الذكرى هذا العام تبدد الكثير من هموم العراقيين فيما يتعلق بعلاقاتهم بدول العالم فانها ستكون على المستوى الداخلي العامل في ترسيخ قيم الوحدة ومكافحة الارهاب وتعزيز ثقة العراقي في نفسه.
وفي حديث له لكونا اعتبر النائب عن التحالف الوطني في محافظة البصرة جواد البزوني أن “العراق يحترم القرارات الدولية ذات الشأن بغزو الكويت وأن ما يتم تطبيقه الآن اتفاقات فرضتها على العراق حماقات النظام السابق ومغامراته وحروبه”.
ويأمل عضو مجلس محافظة البصرة احمد السليطي في تصريح مماثل بان “ينجح الجانبان العراقي والكويتي في حسم الملفات العالقة مثمنا المواقف الايجابية التي تؤشر الى واقع جيد في العلاقة بين الطرفين”.
اما عضو البرلمان العراقي عن قائمة الاحرار (التيار الصدري) وعضو لجنة الامن والدفاع البرلمانية النائب حاكم الزاملي فيرى في تصريح لكونا ان “خروج العراق من البند السابع خطوة جيدة على طريق استعادة العراق مكانته الاقليمية ودوره”.
وتابع الزاملي انه “لم يتبق الا ديون قليلة نأمل في ان تسدد لتنتهي المشاكل التي خلفتها السياسات الخاطئة لصدام حسين”.
واشار الى ان “الكويت بلد جار وعلاقاتها مع العراق تاريخية ولها حساسية خاصة لاسيما ان هناك مشاكل عالقة بخصوص الملاحة في شط العرب وفي الخليج العربي وهذه تحتاج الى علاقات طيبة خصوصا بعد بناء ميناء مبارك”.
واعتبر الزاملي في الوقت نفسه ان غزو الكويت كان “نتاج سياسية متهورة لان حل المشاكل بين دول الجوار لا يتم بالطرق العسكرية والقوة والاحتلال وان اخطاء صدام قادت الى نتائج كارثية سلبية دفع ثمنها الشعب العراقي”.
وقال القيادي في ائتلاف دولة القانون علي الشلاه ل(كونا) انه “بعد خروج العراق من الفصل السابع فان الامور تسير اقليميا بالاتجاه الصحيح لاسيما العلاقة الممتازة مع دولة الكويت الشقيقة”.
واضاف ان “العلاقات العراقية الكويتية افضل بكثير من السابق مع ما يرافقها من خروج العراق من بند الفصل السابع والزيارات المتبادلة والاحترام المشترك”.
وقال ان “العام المقبل سيشهد طفرة فمن الجانب النفسي لا يزال الجانبان تحت تأثير ترسبات ما حصل في الماضي ولابد ان نخرج جميعا من هذه الحالة لأننا لسنا مسؤولين عنها كمواطنين سواء في العراق او الكويت”.
ودعا الشلاه الذي يراس لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية الى تعزيز العلاقة بين البلدين عبر تعاون ثقافي ادبي وفني مشيرا الى ان اقامة ” الندوات المشتركة وتبادل الوفود الثقافية والمهرجانات العراقية الكويتية وجمعيات الصداقة ستسهم في تجاوز الماضي”.
وفي هذا الصدد دعا الشلاه الى “اسبوع ثقافي عراقي لاسيما ان بغداد اليوم هي عاصمة الثقافة العربية” مشيرا الى أهمية القيام بفعاليات مشتركة حتى على مستوى الفعاليات المحلية لافتا الى أن “أدباء بابل استضافوا الروائي اسماعيل فهد إسماعيل واحتفى به المثقفون العراقيون”.
من جهتهم يرى محللون ان مرور الذكرى هذا العام مع تحرر العراق من “القبضة الاممية” سيتيح له استغلال الطاقات في الارتقاء بالبلاد وتنمية مواردها على طريق استعادة مكانتها الرائدة في المنطقة.
يذكر إن اللجنة الوزارية العراقية الكويتية المشتركة تشكلت في يناير 2011 لحسم القضايا العالقة بين العراق والكويت وفق القرارات الدولية وعقدت أولى اجتماعاتها في ال 27 من مارس 2011 بالكويت.
ومنذ العام 1990 لا يذكر اسم العراق الا والفصل السابع معه ليصبح بالنسبة للكثيرين من العراقيين بقراراته الخاصة ببلادهم والتي زادت على ال 60 قرارا قلقا يقض مضاجعهم في التخلص من اثار الحروب المدمرة التي شنها نظام الرئيس المخلوع على بلدان الجوار لاسيما الكويت.
يذكر ان كل قرارات الفصل السابع كانت ملزمة باستثناء قرار واحد وهو 688 الذي يضمن تأمين حقوق الإنسان السياسية والإنسانية لجميع المواطنين والكف عن الإبادة والقمع الذي كان يمارسها النظام السابق بحق أبناء الشعب العراقي.
ودعت النائبة عن كتلة دولة القانون هدى سجادر في تصريح ل(كونا) إلى برنامج عمل مشترك لترجمة العلاقات الثنائية الى واقع عملي عبر تشكيل لجان وزارية تعالج المعوقات التي تحول دون الدفع بالعلاقات بين البلدين الى امام.
وصوت مجلس الامن الشهر الماضي بالاجماع على خروج العراق من طائلة البند السابع وإحالة القضايا المتعلقة الى الفصل السادس كما قرر المجلس انهاء التدابير المنصوص عليها في بعض فقرات القرارات الدولية 686 و687 التي تبناها المجلس في عام 1991 إثر غزو العراق لدولة الكويت.
وكانت الامم المتحدة قد اصدرت في الثالث من ابريل عام 1991 القرار 678 بمواده ال34 والتي وضعت العراق أمام خطر البند السابع المسخر تحت الوصاية الدولية.
قم بكتابة اول تعليق