عالية شعيب: كبير يا سمو الأمير

أسس التربية تقوم على مبدأي الثواب والعقاب، فإن أخطأ الطفل يعاقب بما يتناسب وعمره أو قدراته، وكذلك ان أحسن التصرف يكافأ، وهكذا يرتبط عنده السلوك السيء بالعقاب لذلك يتحاشاه، ويرتبط الحسن لديه بما يحب فيقبل عليه حتى يكبر وينضج ويتعلم مبادئ الأخلاق فتتشكل لديه الشخصية الأخلاقية. أما لدينا فالبعض مدلل وكسول وأناني ومغيب أخلاقيا لدرجة أنه يريد المكافأة سواء أجاد أو أخطأ. وللأسف نجد أن المجتمع أحيانا لشدة فساده وتخبطه يكافئ الخطائين بمنحهم مناصب ومنصات يبثون سمومهم منها، ومالا وشهرة وسطوة حتى يتحولوا لقدوة يقلدها المهمشين والسذج.
تعلمنا منذ أيام درسا أخلاقيا مهما من خطاب سمو الأمير حفظه الله، بمنحه عفوا لكل من يحاكم بتهمة الاساءة للذات الأميرية. ورغم أن مثل هذا الكرم والسخاء والرقي الأخلاقي ليس بجديد على سموه، الا أنه لا يجب أن يفهم على أنه ضعف أو تخاذل أو تساهل، بل تواضع وتسامح الكبير مع الصغير أو السفيه. فشخصية الشتامين مركبة تربويا ونواياهم لا يعلم بها الا خالقها. فقد ينشأ الطفل وهو يشتم ويسيء لمن حوله، وربما أوضح له أهله سوء هذا التصرف، وربما استجاب أم لا. لكنه كبر ليتخذ الشتيمة والاساءة منهجا وطريقا للوصول والتميز بحسب مفهومه المريض. أما النوع الاخر من الشتامين، فهو يشتم ظنا منه أنه السبيل للاصلاح والشهرة والحظوة، بحسب عقليته المتواضعة، خاصة مع وجود بلهاء يحترمونه. الوسيلة الوحيدة لكبح جماح هؤلاء هو العقاب بما يتناسب مع ما تفوهوا به وتجاه من.
ورغم أنه لا يعلى كلام على كلام سموه، الا اني وكثيرين نظن أن مثل هؤلاء المرضى بشتيمة الرموز التي لا يجب أن تمسّ، يستحقون الصفعة وكسر أقلامهم التي يشتمون بها، واغلاق صفحاتهم التي ينشرون السم عبرها. ويستحقون الوضع في زنزانة انفرداية، مع مرآة كتب عليها كلامهم المقيت المخزي، ليقرأوه يوميا وهم ينظرون لوجوههم المظلمة المكفهرة بحقدها وغلها ولتنكشف لهم تدريجيا نفوسهم المريضة، لعل وعسى يجدون خلاصهم.

twitter@aliashuaib

المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.