الآن، بعد أن طوى الكويتيون صفحة الانتخابات التشريعية قبل أسبوع باتت الأنظار تتجه إلى التركيبة الحكومية وإلى انطلاق ما يعتقد البعض أنّه مواجهة جديدة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
لكن هذه العلاقة محكومة بثلاثة محاور:
اختيار رئيس الوزراء المكلّف الشيخ جابر المبارك الصباح وزراء منفتحين على الحوار والتعاون.
إعطاء النواب، العائدين أو الجدد، فسحة وقت للحكومة كي ترتب أولوياتها وجدول أعمالها قبل بدء مرحلة الاستجواب، والتريث قبل الشروع في مواجهة، كثيراً ما تكون قائمة على الشخصنة.
رئاسة المجلس المنتخب، التي عادة ما يكون شاغلها ضابط الإيقاع ورجل إطفاء الحرائق.
وما لا شك فيه أنّ الانتخابات الحالية أظهرت بجلاء غلبة المكون الشبابي على التركيبة العمرية لأعضاء البرلمان، بما يشي بتشكّل فكر، ونمط عمل سياسي جديد، وخريطة سياسية ربّما تحمل معها واقعاً جديداً يقوم على البراغماتية بعيداً عن الصبغة المتشنّجة التي سادت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بفعل احتكاكات و«عدم استلطاف» تحرّكه نوازع شخصية تعود لعشرات سنين خلت.
ومن هنا، تبدو النخبة السياسية في الكويت أمام استحقاقات تغيير تتطلّب تغييراً في أسلوب العمل ونمط «التعايش» بين السلطتين بعدما أظهرت الحملة الانتخابية خوفاً من جانب شريحة واسعة من الكويتيين على المستقبل.
لذا، يجب على السلطة السياسية، ممثلة في الحكم والحكومة والسلطة التشريعية، أخذ العبر من هذا التطور الجذري الذي أفرزته صناديق الاقتراع والذي يفرض الاهتمام بالانجاز من قبل السلطتين، وبترك المماحكة لصالح العمل والتعاون لأن أي خلل في المسيرة الديمقراطية أو تطور سلبي، يرى البعض أنّه آت لا محالة، ستكون ردة الفعل الناجمة عنه قاسية، على المجتمع، وعلى النظام، وعلى صورة الديمقراطية التي رسمت صورة وردية لهذا البلد وحصّنته تجاه كثير من المحن.
لذا، فمن الحصافة أن يترك النواب نهج الاندفاع في تقديم الاستجوابات لجهة تقديم مشاريع القوانين وإبداء الملاحظات الإيجابية على المشاريع المقدمة من الحكومة لجهة سد ثغراتها وتحسين مردودها لا عرقلتها وتعطيلها، لأنّ الخاسر من الصدام، لا الحكومة ولا مجلس الأمة، بل البلد والشعب.
يبدو التفاؤل هو العنوان الأبرز حيال المرحلة المقبلة من تاريخ الكويت السياسي بعد انتخابات 27 يوليو، فالمرحلة تتطلب عقلانية وحسّاً وطنياً عالياً يقدر أنّ الأجيال تريد عطاء ومشاريع وتعاوناً للتقدم بالبلد الذي يتفق الجميع على أنّ التنمية فيه كانت أسيرة الخلاف السياسي الذي أعقب نحو عقدين من القلق والهاجس الأمني الذي تلا الغزو العراقي الغاشم.
جريدة البيان – الاماراتية
قم بكتابة اول تعليق